الدستور العراقي وبنوده الفضفاضة.. هل تنجح دعوات التعديل؟

الدستور العراقي وبنوده الفضفاضة.. هل تنجح دعوات التعديل؟

لطالما شكل الدستور العراقي حلقة جدل واسعة في الأوساط الشعبية والسياسية، لما يتضمنه من نصوص فضفاضة كما يراها مراقبون، وبما أن الدستور يعد الوثيقة الأكثر أهمية في تسير الدولة بمواطنيها ونظامها، وكثيرا ما اختلف في تفسير عدد من بنوده، ليخلق حالة من التجاوز على بعض مواده أحيانا، فكثيرا ما تتصاعد دعوات تعديله من حين إلى آخر.

وبالرغم من أن الدستور العراقي لعام 2005، كان يفترض أنه جسد مرحلة سياسية جديدة، قوامها البدء بالانتقال الديمقراطي من حيث الانتخابات، وتداول السلطة سلميا، وإقرار وتمتع المواطن العراقي بالحريات، والحقوق المدنية والسياسية، إلا أنه فشل في ذلك، ومثل فرصة للتدافع وإرباك المشهد العام، وفقا لمختصين.

ودخل الدستور العراقي حيز العمل منذ 17 عاما، بعد أن اجري الاستفتاء الشعبي عليه في الـ15 من تشرين الأول/أكتوبر 2005، وبعدها بـ10 أيام كشفت اللجنة العليا المستقلة للانتخابات عن مشاركة 58 بالمئة من العراقيين في الاستفتاء وأظهرت النتائج قناعة 79 بالمئة من العراقيين لتمريره.

أجواء مشحونة، دفعت باتجاه رفع مطالبات شعبية بتعديل الدستور، ليشكل البرلمان العراقي لجنة خاصة بالتعديلات الدستورية، نتيجة الاحتجاجات الشعبية في تشرين الأول/أكتوبر 2019، ولم تكن هذه أول لجنة تعديل، بل سبقتها ثلاث لجان بدون جدية.

وعلى غير العادة، دعا رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق، يوم أمس الاثنين، إلى ضرورة إجراء تعديلات دستورية، في سابقة لم تحدث منذ الغزو الأميركي وإقرار الدستور بعده بعامين، ما أثار سؤالا حول جدية التعديل هذه المرة؟

وفي هذا الشأن، يقول الخبير القانوني، أحمد العبادي، في حديث لموقع “الحل نت” إنه “فيما يتعلق بجدية تعديل الدستور، نعم فعلا هناك جدية واضحة، على اعتبار أن الظروف هي من تدفع البرلمان إلى تعديل الدستور”.

ومن أبرز الثغرات التي يتضمنها الدستور العراقي، منها ما يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية، الذي يتطلب فيه انعقاد مجلس النواب بثلثي أعضاء المجلس، والتصويت بالموافقة بالثلثين، وهذا صعب تحقيقه، كما يرى العبادي.

ويعتقد أن إضافة لتلك الثغرات هو “قانون المحكمة الاتحادية، الذي يحتاج أيضا إلى ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهذا ما حال دون إقراره منذ 10 أعوام، كذلك المجلس الاتحادي الذي أيضا يحتاج إلى ثلثي أعضاء المجلس، لتصبح بالتالي كل هذه النصوص معطلة لعمل الدولة”.

ويعد موضوع تكوين الأقاليم مشكلة دستورية أيضا، بحسب العبادي، الذي أشار إلى أن “هناك سهولة كبيرة إلى أن أي محافظة تريد إنشاء إقليم، وهذا يعني أن شروط ذلك وضوابطه غير عملية وفقا لظروف العراق ما يستدعي تعديلها”.

وتعديل الدستور يعتمد على نص بالدستور أساسا، وهو ما يسمح بوجوب الإجراءات الدستورية بعد 6 أشهر من إصداره، كما يقول الخبير القانوني، حيدر الصوفي، من جانبه.

ويضيف في حديث لموقع “الحل نت” أن “اللجان استمرت بالمماطلة ولم تجري التعديلات اللازمة، بالتالي أن التعديل حاليا هو مطمح للكل”، لافتا إلى أن “كثير من المواد أصبحت لا تلائم الوضع، فضلا عن وجود ثغرات تحتاج إلى تعديل”.

 ومن بين الثغرات التي تتطلب التعديل، “الصلاحيات بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، التي تتطلب منح الإقليم صلاحيات محلية لا تتعارض مع أحكام الدستور”، وفقا لصوفي.

الصوفي رأى أن “النصوص الفضفاضة في الدستور، لا تحتاج إلى تعديل بل تحتاج إلى الرجوع للمحكمة الاتحادية، التي من دورها تفسير تلك النصوص، وعلى اعتبار إن الاختلاف وارد في كل شيء”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.