تسعى روسيا لاستغلال نفوذها العسكري في سوريا، لإرسال رسائل إلى الغرب عبر قواعدها العسكرية المنتشرة على الساحل السوري، لا سيما بعد انسحاب قواتها من على الحدود الأوكرانية، ما جعل بعض المحللين يؤكدون أن روسيا تراجعت عن الحرب بسبب “الثمن الباهظ” الذي قد تدفعه.

تدريبات عسكرية في سوريا بإشراف روسي

وفيما يبدو أنها رسائل إلى قوات الناتو وأوروبا، أعلنت وزارة الدفاع الروسية الثلاثاء أن الوزير سيرغي شويغو وصل إلى سوريا لتفقد سير تدريبات البحرية الروسية في البحر الأبيض المتوسط.

وذكرت الوزارة بحسب ما نقلت وسائل إعلام روسية أن مقاتلات من طراز “ميغ -31 ك” الحاملة لصواريخ “كينجال” فرط الصوتية وقاذفات “تو-22 م” وصلت إلى قاعدة حميميم الروسية في سوريا في إطار التدريبات البحرية.

وأضاف البيان: “تم نقل هذه الطائرات الحربية، على خلفية تواجد مجموعات جوية تابعة للناتو في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وستشارك هذه المقاتلات والقاذفات، في التدريبات البحرية الروسية في الجزء الشرقي من البحر الأبيض المتوسط“.

قد يهمك: هل تراجعت روسيا عن الحرب في أوكرانيا؟

أهمية الأرض السورية لموسكو

ويرى الكاتب بالشأن الروسي طه عبد الواحد أن روسيا تركز اهتمامها على الأرض السورية نظرا لموقع سوريا الاستراتيجي، لا سيما وأنها ” نافذة مناسبة لروسيا على البحار الدافئة“.

وحول التدريبات التي أشرف عليها وزير الدفاع الروسي في سوريا، يقول عبد الواحد في حديثه لـ“الحل نت“: “بالنسبة لتبعات التدريبات التي أشرف عليها شويغو، لا جديد فيها لجهة دلالاتها حول حقيقة سيطرة روسيا على سوريا وعلى نظام الحكم فيها، وكل ذلك لأن رئيس دولة يتبجح يوميا بالسيادة، كانت سيادته على كرسي الحكم أهم عنده من أي شيء آخر“.

ويضيف: ” في الوقت ذاته فإن هذه المناورات وإطلالة الوزير شويغو من القاعدة الروسية المتقدمة في سوريا على المتوسط، في وقت نشهد فيه تصاعد حدة التوتر بين روسيا والغرب حتى مستويات لم تعرفها حتى حقبة الحرب الباردة، فإن هذا كله يفترض أنه يدفع الغرب للانتباه مجددا بالملف السوري“.

خط مواجهة مع الغرب

ويؤكد عبد الواحد أن روسيا أقامت عبر الأراضي السورية خط مواجهة مع الغرب في مسرح العمليات العسكرية في المتوسط، والذي يعد من أهم ساحات المواجهة بين الجانبين.

للقراءة أو الاستماع: سوريون في أوكرانيا برعاية “فاغنر” الروسية 

وحول ذلك يردف قائلا: “في 2015 حصل بوتين من رأس النظام السوري الأسد الابن ما عجز بريجنيف وأندروبوف عن تحصيله من الأسد الأب. وعمليا حصل بوتين على أكثر بكثير من أفضل ما كان يسعى القادة السوفيات للحصول عليه. لديه في سوريا قاعدة بحرية متكاملة قادرة على استقبال قطع بحرية عملاقة ومطار يستقبل قاذفات استراتيجية“.

ويعتقد عبد الواحد أن التوسع الروسي في سوريا، يستوجب على الغرب إعادة النظر في سياسته مع الملف السوري، ويقول: “ليس لخدمة مصالح السوريين بل لأن الأمر بات يمس مصالح وأمن الغرب نفسه. في هذا السياق لا يمكن استبعاد أن ينشط الغرب مجددا حملته عبر المؤسسات الدولية لفرض مرحلة انتقالية تنهي حقبة الأسد، باعتبار أن نهاية حكمه يمكن أن تؤثر على إمكانية بقاء القوات الروسية في سوريا“.

أكثر من 6 سنوات على التدخل الروسي في سوريا.. ماذا تحقق؟

بدأ تدخل روسيا في عام 2015، بدأت موسكو بزج جنودها وعتادها العسكري، الأمر الذي شكل تحولا في مسار الحرب داخل سوريا. استطاعت روسيا بترسانتها العسكرية بزيادة مساحة سيطرة الحكومة السورية من 21 بالمئة من مساحة البلاد لنحو 70 بالمئة حاليا.

زجت روسيا منذ 6 سنوات حوالي 60 ألف جندي، وما يقارب 26 ألف ضابط. متسببة بمقتل أكثر من 133 ألف شخص حسب ما تسير إليه البيانات الرسمية للكرملين.

أما على الصعيد السياسي، حرفت موسكو ضفة المركب السوري نحو مسارات جديدة مدعية بذلك حرصها على الحل في سوريا. وأبرز هذه المسارات هي أستانا وسوتشي، إذ هدفت هذه المسارات للحيلولة دون سقوط الرئيس السوري، بشار الأسد.

وخلال هذه المدة، حققت روسيا مكاسب جمّة، من خلال توسيع نفوذها العسكري داخل البلاد، عبر السيطرة لمدة 50 عام على قاعدة حميميم الجوية، و24 مركزا عسكريا، وحوالي 42 نقطة مراقبة.

وأصبحت قاعدة حميميم العسكريّة الروسيّة باللاذقيّة، بمثابة أرض وطنيّة لروسيا، تحيي فيها مناسباتها العسكريّة والوطنيّة، وتقيم فيها عروض الجيش الروسي بمشاركة العديد من السوريين وحكومتهم، فيهرع الوزراء والضباط السوريين لتهنئة الروس بمناسباتهم وإنجازاتهم العسكريّة في تلك القاعدة.

اقرأ أيضا: نفوذ إيراني يصل إلى ميانمار.. ما الذي يخطط له “الحرس الثوري”؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.