يبدو أن روسيا تراجعت في اللحظة الأخيرة عن حربها في أوكرانيا، بعد أن راهن العديد من الخبراء والمحللين، على عدم نية الحكومة الروسية بدخولها الحرب. لأنها وفق تحليلاتهم ستكون باهظة الثمن، ومحفوفة بالمخاطر محليا، وعلى عكس عام 2008، ستجعل روسيا منبوذة تماما على المسرح الدولي. في حين ستكون المفاوضات حلا أنظف بكثير لجميع الأطراف المعنية، وموسكو باتت تدرك ذلك جيدا.

“انسحاب تكتيكي”

أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، للصحفيين، اليوم الثلاثاء، إن المنطقتين العسكريتين الجنوبية والغربية بدأتا بإعادة القوات إلى أماكن انتشارها بعد منورات عسكرية تحت مسمى “عزيمة الاتحاد 2022”.

ويعد هذا الإجراء، أحد أبرز القرارات الناتجة عن اجتماع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع وزير دفاعه، سيرغي شويغو، يوم أمس الإثنين. إذ عادت بعض القوات في المناطق العسكرية الروسية المتاخمة لأوكرانيا إلى قواعدها بعد إكمال التدريبات. وحسبما نقلت وكالة أنباء “إنترفاكس” عن وزارة الدفاع الروسية، أنها خطوة من شأنها أن تهدئ الاحتكاكات بين موسكو والغرب.

وبالتزامن مع هذه الخطوة، وصل المستشار الألماني، أولاف شولتز، إلى موسكو، الثلاثاء، للقاء بوتين. في مهمة وصفها بأنها عالية المخاطر لتجنب الحرب. قائلا إنه سيوصل رسالة من الغرب مفادها أنهم منفتحون على الحوار بشأن المخاوف الأمنية لروسيا، لكنهم سيفرضون عقوبات إذا قامت بغزوها لأوكرانيا.

ومن المقرر أن يزور وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، بلجيكا حيث سيلتقي مع حلفاء الناتو  ليتوانيا وبولندا. بعد يوم من تعليق وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، على المفاوضات الدبلوماسية وحثه لبوتين على مواصلة المحادثات.

للقراءة أو الاستماع: غزو روسي قريب لأوكرانيا.. ما هي التوقعات والنتائج؟

الاعتراف بمناطق شرق أوكرانيا الانفصالية

وكانت وسائل إعلامية روسية، كشفت عن أن أكثر من 20 سفينة من الأسطول الشمالي الروسي بدأت تدريبات في بحر بارنتس، أمس الاثنين. إذ تأتي التدريبات في مياه القطب الشمالي بين روسيا والنرويج كجزء من مناورات واسعة النطاق. والتي أثارت مخاوف من احتمال غزو موسكو لأوكرانيا.

وبالتزامن مع انسحاب القوات الروسية، صوّت مجلس النواب في مجلس “الدوما” الروسي، اليوم الثلاثاء، مقترح للرئاسة بالاعتراف باستقلال منطقتين منفصلتين تدعمهما روسيا في شرق أوكرانيا، هما جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك.

وقال رئيس مجلس الدوما الروسي، فياتشيسلاف فولودين، في صفحته على “تلغرام”، إن إرسال الدعوة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك المعلنتين من جانب واحد سيتم على الفور.

للقراءة أو الاستماع: رئيس وزراء العراق السابق يعلق على أحداث أوكرانيا: الغرب لن يهزم!

الأسهم الأوروبية تقفز

قفزت الأسهم الأوروبية، بعد دقائق من إعلان روسيا بدأ سحب بعض القوات إلى قواعدها بعد الانتهاء من التدريبات العسكرية.

وصعد مؤشر الأسهم “ستكوكس أوروبا 600″، الذي انخفض بنحو 2 في المئة أمس الاثنين، إلى 0.9 في المئة في التعاملات المبكرة يوم الثلاثاء. كما ارتفع مؤشر “إف تي سي إي” في لندن بنسبة 0.9 في المئة، وزاد سهم “إكسترا داكس” الألماني 1.3 في المئة.

كما ارتفع الروبل الروسي في الأخبار، حيث ارتفع مؤخرًا بنسبة 1.1 في المئة مقابل الدولار. في حين ارتفعت العملة الأوكرانية، الهريفنيا، بنسبة 1 في المئة.

وجاءت المكاسب، بعد أن قالت وزارة الدفاع الروسية، إن وحدات من الوحدات العسكرية الجنوبية والغربية الروسية عادت إلى القاعدة بعد استكمال التدريبات والمناورات.

كما ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر الأسهم الأميركية، يوم الثلاثاء، التي تتبع مؤشر S&P 500 بنسبة 1 في المئة. بينما ارتفعت العقود الآجلة التي تتبع مؤشر “ناسداك 100” الثقيل 1.4 في المئة.

وانخفض خام برنت، بنسبة 1.6 في المئة إلى 94.97 دولارا للبرميل، بعد ارتفاعه إلى 96.78 دولارا أمس الاثنين. وهو أقوى مستوى في سبع سنوات.

كما تراجعت أسعار أصول الملاذ الآمن، مع تراجع مؤشر الدولار 0.3 في المئة. وارتفع العائد على سندات ألمانيا لآجل 10 سنوات، والذي يتحرك عكسيا مع سعر السندات، بنسبة 0.03 نقطة مئوية إلى ما يزيد قليلا عن 0.3 في المئة.

للقراءة أو الاستماع: هل اقترب التصعيد الروسي على أوكرانيا؟

الغزو الروسي لأوكرانيا

كانت الولايات المتحدة قد حذرت في وقت سابق، من أن روسيا يمكن أن تغزو أوكرانيا “في أي وقت”. وينبغي على المواطنين الأميركيين المغادرة على الفور. ودفع البيان الأميركي دول العالم إلى إصدار تحذيرات جديدة لمواطنيهم في أوكرانيا. بعد أن قال البيت الأبيض يوم الجمعة الفائت، إن الغزو قد يبدأ بقصف جوي يجعل المغادرة صعبة ويعرض المدنيين للخطر.

وكان المحلل السياسي الروسي، أليكاس موخين، أشار في حديث سابق لـ”الحل نت”، إلى أن الغزو قد يمثل تغييرا مهما في السياسة الدولية، ويخلق “ستارا حديديا” جديدا يبدأ على طول حدود روسيا مع فنلندا ودول البلطيق ويتحرك جنوبا عبر أوروبا الشرقية والشرق الأوسط ووسط وجنوب آسيا.

وكانت موسكو قد حشدت مؤخراً، أكثر من 100 ألف جندي قرب أوكرانيا، وتم نقل كميات كبيرة من الأسلحة إلى القاعدة في أواخر عام 2021. قبل أن تختفي – بما في ذلك حوالي 700 دبابة وعربة قتال مشاة وقاذفات صواريخ باليستية.

للقراءة أو الاستماع: سوريون في أوكرانيا برعاية “فاغنر” الروسية 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.