يضطر مزارعون في مناطق شمال وشرق سوريا لاستخدام سماد سائل؛ رخيص الأسعار، منخفض الفعالية في رش حقولهم، خاصة بعد ارتفاع اسعار الأسمدة الكيمائية بشكل غير مسبوق مؤخرا.

وعدا ارتفاع التكاليف، يحمل الاستمرار في استخدام السماد الكيميائي للمزارعين مخاطر من التعرض لخسائر كبيرة فيما لو انحبست الأمطار مع نهاية الموسم الزراعي وتدهور انتاج محاصيلهم.

وقال فرحان حسو، وهو مزارع من ريف الدرباسية، في تصريح صوتي لـ “الحل نت”، إن ارتفاع سعر طن السماد إلى 650 دولارا وعدم توفره بكميات كافية، أجبر المزارعين للتوجه إلى استخدام السماد السائل، الأقل فعالية.

ورفعت شركة “تطوير المجتمع الزراعي”، العاملة في مناطق “الإدارة الذاتية” بشمال شرقي سوريا، منتصف كانون الثاني/يناير الفائت، أسعار الأسمدة الزراعية من كلا النوعين؛ الآزوتي والفوسفاتي من 490 دولار إلى 650 دولارا أميركيا.

وأضاف حسو، أن فعالية السماد السائل متفاوتة بحسب النوع، كما أنها تختلف من تاجر إلى آخر وسط غياب الرقابة على هذه المواد، من جانب المؤسسات المعنية في “الإدارة الذاتية”.

وتنتشر في منطقة الدرباسية العشرات من المشاريع الزراعية الكبيرة التي تعتمد على الآبار البحرية، حيث يقدر عدد هذه الآبار بأكثر من 160 بئرا، فضلا عن وجود ترخيص لنحو 3 آلاف بئر عادية.

وتزايدت الحاجة إلى الأسمدة في المنطقة عقب هطول كميات كبيرة من الأمطار والثلوج خلال الشهر الفائت، لكن ارتفاع الأسعار أجبر المزارعين إلى خفض كمية الأسمدة المستخدمة.

وقال كيفو علي” وهو مزارع من ريف القامشلي، إنه أضاف 15 كليو غراما للدونم في حقله المزروع بالقمح بقرية اللطيفية جراء ارتفاع أسعار السماد.

وأضاف المزارع أنه لن يستطيع رش السماد حتى بتلك الكمية في المساحات المتبقية من أرضه والتي تصل إلى 7هكتارات من القمح، وقد يضطر إلى استخدام السماد السائل لاحقا.

ولا تقتصر شكوى المزارعين على ارتفاع أسعار الأسمدة، بل من قلة توفرها أيضا، فضلا عن غياب الرقابة عن الأسمدة السائلة التي تتوفر في الأسواق كبديل غير مضمون الفعالية.

وقال كمال حمدي، وهو مزارع من ريف الحسكة، في تصريح كتابي لـ “الحل نت”، إن لجان الزراعة في “الإدارة الذاتية” زودت المزارعين بـ 20 كيلو غراما فقط من السماد للدونم الواحد، وهي كمية غير كافية لتغطية نصف حاجته، مقارنة بالسنوات الفائتة.

وأضاف حمدي، أن نسبة 70 بالمئة من المزارعين لم يحصلوا على السماد بحجة عدم توفره، عدا أنها أسمدة إيرانية ذي جودة منخفضة، ما يجبر المزارعين للتوجه إلى استخدام السماد السائل.

قد يهمك: تراجع المساحات المروية من القمح في الحسكة بنحو 180 ألف هكتار

مخصصات مازوت غير كافية

وأشار المزارع إلى أن لجان الزراعة في “الإدارة الذاتية” لم تنته بعد من توزيع نصف الكمية المخصصة للإنبات وهي 30 ليترا للدونم الواحد، من المقرر أن توزع على دفعتين.

وأوضح حمدي الذي يملك حقلا من القمح المروي بمساحة 500 دونم، أنه اضطر لشراء المازوت الممتاز بسعر410 ليرة سورية للتر الواحد لتغطية حاجته، في حين أن سعر المازوت الزراعي المدعوم يبلغ 85 ليرة سورية لليتر الواحد.

وتحتاج الحقول عادة إلى السقاية أو إلى الأمطار بعد أيام من رشها بالسماد، وخاصة في المساحات المروية التي يجري رشها بكميات أكبر من مثيلاتها البعلية.

وخصصت “هيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية” 30 لترا للدونم الواحد في كل دفعة حسب الرخص الزراعية، “وهي كمية غير كافية مقارنة بالحاجة الفعلية التي تصل إلى 44 لترا”، بحسب خبراء زراعيين.

وقال الرئيس المشترك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، سلمان بارودو في وقت سابق لـ الحل نت، إنهم نسقوا مع إدارة المحروقات للإسراع بتوزيع مخصصات المازوت على المزارعين، وتغطية المشاريع الزراعية.

وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية لمحصولي القمح والشعير نحو 3 ملايين هكتار في شمال شرقي سوريا، المروية منها 300 ألف هكتار فقط، بحسب بارودو.

واستلمت “الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا”، خلال الموسم الفائت، أقل من 200 ألف طن فقط من القمح، فيما تحتاج المنطقة سنويا إلى نحو 600 ألف طن من القمح لتغطية حاجتها من البذار والطحين، بحسب تقديرات رسمية.

“أصناف جديدة”

في سياق متصل، تستورد شركات خاصة في المنطقة أصناف جديدة من الأسمدة والبذار، كما شركة “گرين لاند”، التي يقول مديرها جمعة العمو، لـ “الحل نت”، إنهم استوردوا 13 صنفا من القمح، من شركات أوروبية، كما استوردوا نوعا جديدا من الأسمدة يعرف بـ Corabac G”, وهو سماد حيوي ذي فعالية عالية”.

ويضيف العمو إن “السماد الحيوي الجديد يخفض تكاليف المزارع إلى النصف، ذلك أنه يُضاف بكمية 16كيلو غرام إلى مساحة هكتار من الحقل بتكلفة 112 دولارا، فيما يزيد نسبة الإنتاج بنحو 30 بالمئة”، وفق تعبيره.

وكانت مصادر من مديرية الزراعة الحكومية قد زودت “الحل نت” بأرقام عن المساحات المزروعة بالقمح في محافظة الحسكة في الموسم الحالي، أظهرت تراجع في مساحات الحقول المروية بنحو 180 ألف هكتار عن الموسم الفائت.

وكان المخزون الاستراتيجي للقمح في شمال وشرق سوريا قد انخفض مؤخرا إلى أقل من 200 ألف طن، وهو ما يقل عن حاجة المنطقة السنوية التي تصل إلى700 ألف طن تغطي حاجتها من البذار والطحين.

وشهدت الجزيرة السورية تراجعا ملحوظا في الانتاج الزراعي خلال السنوات العشرة الأخيرة، بينما كانت تساهم في إنتاج القمح بنسبة تفوق 60 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي السوري.

قد يهمك: تراجع الثروة الحيوانية في القامشلي والحسكة.. ما أسبابه؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.