يبدو أن الواقع الاقتصادي الموجود والمنشود في سوريا مع احتدام الصرع في أوكرانيا لن يحقق الرضا الشعبي لا سيما مع تقديم مسؤولو الحكومة السورية تبريرات متضاربة لارتفاع الأسعار. إلا أنه ومن رؤية المؤسسات الاقتصادية السورية لا يقع على عاتق الحكومة فقط؛ بل إن المواطن هو شريك في ذلك.

المواطن شريك في القضية

لا تؤمن الحكومة السورية، في أن هناك الكثير من الناس الذين يرون أن الاقتصاد في حالة كساد على المستوى الوطني والاجتماعي والأسري والفرد. وهذا فظيع جدا. بالمقارنة مع ما شهدته الأسواق السورية على مدى العقود العديدة الماضية، والتي شهدت ارتفاعا غير مسبوق بالأسعار لا يخلو من الموضوعية.

وجه عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية، عبد اللطيف شعبان، أصابع اتهامه للمواطنين، في صنع الواقع المأساوي حسب وصفه. إذ برأيه أن “الواقع المؤسف لم يخلقه الأعداء في الخارج والداخل وعملائهم المستأجرين فحسب، بل تم صنعه بمشاركة المواطنين الفاسدين والمهملين والصامتين والمهملين الذين قادونا إلى ما نشكو منه اليوم”. وفق قوله.

وتابع شعبان، في حديثه لصحيفة “البعث” المحلية، “أنه يجب على الجميع الاعتراف بأن هذا الواقع داخل البلاد، هو بسبب سواء كانوا من بين الذين تولوا العديد من المهام داخل الحكومة، أو الذين كانوا يعملون معهم أو بجانبهم أو من المقيمين بالقرب من الأشخاص الذين شاركوا بشكل أو بآخر في اتخاذ القرارات”.

وبيّن شعبان، أن من يتحدثون الآن ويتهمون ويطالبون الحكومة الحالية بتحمل أعباء النهوض من هذا التدهور المتعاقب الذي سببته الحكومات السابقة. وبينما لا شك لديه أن الحكومة الحالية تهتم بالتقدم وتبني العلاجات الإنقاذية. لكنها حتى الآن تتبع سياسة الحكومات السابقة، مما يؤدي إلى تدهور مستمر.

وحسب وجهة نظر عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية، فإنه غالبا ما تتلاشى تطلعات الناس إلى الحكومة عندما يبدو أنها ناقصة وغير فعالة في أوقات أخرى. على الرغم من أن تكاليف الوقود والأسمدة آخذة في الازدياد وكان توافرها محدودا في السنوات الأخيرة. فإن هذا مجرد مثال واحد على كيفية رفع أسعار احتياجات الإنتاج الزراعي والحيواني من المنتجات والخدمات وتقييد توافرها.

للقراءة أو الاستماع: الليرة لأدنى مستوى منذ بداية الحرب الأوكرانية والعقود الآجلة بأرقام قياسية

فشل سياسات التوزيع النقدي

وتوجه أصابع شعبان إلى بعض مسؤولي الحكومة، دون الإشارة إلى المعنين في المراكز العليا للسلطة. إذ قال إن خططهم الخاصة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم لم تنجح، بسبب العديد من حالات الخطأ والهدر والعيوب والفساد.

كما ذكر شعبان، أن عشرات مرافق الإنتاج القديمة التي لا تزال قيد الإنشاء، فقد انخفضت إنتاجية المشاريع القائمة بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، عانت المشاريع التشغيلية من ارتفاع أسعار المدخلات وسوء تسويق المنتجات بسبب ارتفاع أسعارها. إذ تنذر بعض الأحكام والتدابير اللاحقة للحكومة بـ “الموت الوشيك للاقتصاد السوري”. على حد تعبيره.

كما اقترح عضو جمعية العلوم الاقتصادية، بدلا من ملء شاشات التلفزيون بمسلسلات نصف مكتملة وبرامج غير مكتملة، يجب على صانعي السياسات زيادة استثماراتهم في جميع وسائل الإعلام لتقييم الواقع بشكل مناسب، وتقديم المزيد من البرامج التحليلية والتوعوية، واستكشاف الأفكار التي تصور المئات من المخارج.

ونتيجة لعجز الحكومة وسوء إدارتها في استثمار بعض الموارد الأخرى التي تمتلكها، يعتقد شعبان، أنه “لن تتحقق الآمال الموعودة على المستوى الفردي والأسري والوطني إلا بالمزيد من الأعمال المنتجة فرديا وأسريا ومؤسساتيا، فمن الخطأ أن يطلب المواطن من الحكومة ما لا تستطيعه”.

للقراءة أو الاستماع: وزارة الاتصالات: هذا هو سبب فشل التسجيل على المواد المدعومة

تبريرات متضاربة

يقول المعاون السابق لمحافظ درعا التابع للمعارضة السورية، وسيم المسالمة، لـ”الحل نت”، إن الفساد يقوض أسس الدولة المتداعية. كما أن التشبث بالقبضة الأمنية بدلا من فتح باب الحوار وحل المشاكل بأفضل طريقة ممكنة في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق، أوصلت هذه الضغوط المنطقة إلى حدود انهيار النظام الاجتماعي والاقتصادي وحتى الصحي.

ويشير المسالمة، إلى أنه قد تصاعدت كوارث الحياة العامة في مناطق الحكومة، فعلى الرغم من اتخاذ الإجراءات الأمنية لمنع حدوث ذلك؛ إلا أنها أضرت  بحياة الناس وسبل عيشهم، فمن الملاحظ أن القوة الشرائية للسكان تتآكل بسبب الزيادات اليومية المتكررة في مستويات الأسعار، والتي تؤثر على السلع والضروريات والإمدادات الغذائية.

إلى ذلك، استمر المسؤولون الحكوميون بدمشق في تقديم الأعذار غير المتسقة لرفع الأسعار في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية.

وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، عمرو سالم، ألقى باللوم في ارتفاع التكاليف على احتكار التجار للمواد الغذائية وميلهم إلى رفع الأسعار. فوفقا لسالم، فقد ارتفعت أسعار الزيوت النباتية بنسبة 40 بالمئة في جميع أنحاء العالم نتيجة الصراع في أوكرانيا. كما أشار إلى رغبة الحكومة في إيجاد أسواق جديدة.

أما عبد الرزاق حبزة، أمين جمعية حماية المستهلك، ألقى باللوم في ارتفاع أسعار الزيوت على نقصها في الأسواق المحلية. وظروف “الفوضى” في السوق بسبب استبعاد التجار من الدعم الحكومي الذي ترافق بالأزمة في أوكرانيا.

المواطنون في المناطق التي تحكمها دمشق، لاحظوا ارتفاع أسعار الخدمات والسلع في الأيام الماضية. وهو ما يعزونه إلى قرار رفع الدعم، فيما تأرجحت تصريحات المسؤولين السوريين بين الإنكار والاعتراف بالصلة بين رفع الدعم وارتفاع الأسعار. واتهام التجار باستغلال أزمة أوكرانيا لرفع أسعارهم.

للقراءة أو الاستماع: الحرب الأوكرانية شماعة جديدة للتجار.. إلى أين وصلت الأسعار؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.