القروض الشخصية في سوريا.. عودة جديدة لتمويل المشروعات الصغيرة؟

القروض الشخصية في سوريا.. عودة جديدة لتمويل المشروعات الصغيرة؟

لمواجهة الأزمة المعيشية ومخاطر وارتدادات التدهور الاقتصادي على الأوضاع الاجتماعية في سوريا، رفعت مصارف حكومية سقف القروض الشخصية للسوريين في مناطق سيطرة حكومة دمشق.

المصرف التجاري السوري أعلن مؤخرا عن حزمة قرارات تمحورت حول رفع سقف القروض وتخفيض عدد الكفالات، إضافة إلى تعديل طريقة احتساب الفائدة، وإصدار قرض دون كفيل أو شريك سداد، وذلك بهدف توسيع دائرة المنتفعين من هذه القروض.

مدير التسليف في المصرف التجاري مازن حمزة، قال خلال تصريحات صحفية، إن المصرف بصدد إصدار قرض دون كفيل أو شريك سداد، ضمن عدة شروط أهمها امتلاك المستفيد لعقار يغطي 500 بالمئة من قيمة القرض الإجمالي، كما يشترط أن يكون العقار ضمن مركز المدينة.

ما علاقة إعادة الإعمار؟

المصرف التجاري كان قد أصدر في الآونة الأخيرة قرارا يقضي برفع سقف القرض الشخصي للعسكريين والمدنيين العاملين في وزارة الدفاع إلى 25 مليون ليرة سورية بدلا من 20 مليونا، ليتناسب مع الظروف الراهنة التي تقتضي تبسيط الإجراءات ومساعدة المقترضين.

الباحث الاقتصادي، عامر داوود، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت” أن رفع سقف القروض ليس بالقدر الكافي أو العالي، “زيادة 5 ملايين في مثل هذا الواقع الاقتصادي، ليس بالأمر اللافت، خصوصا إذا ما أشرنا إلى أن العملة المحلية يتم طباعة قسم منها بدون غطاء عملة صعبة، فهذا يفسر من ناحية زيادة الأموال في المصارف الحكومية، في حين فإن مسعى دمشق الأبرز برأيي بزيادة سقف القروض يتجلى في هدفين متلازمين، أولهما زيادة التداول بالعملة المحلية وارتفاع الطلب عليها، وثانيهما يتجلى بدعم حركة المشاريع الصغيرة في سوريا، لاسيما وأن هذا التوجه تدعمه دمشق لما يحقق فوائد سياسية أكثر منها للاقتصاد المحلي”.

وتابع داوود “ملف إعادة الإعمار تبنيه دمشق بشكل هادئ وتهيئ له أرضية مناسبة من خلال دعم المشاريع الصغيرة وغيرها الكثير من التحضير لاستقبال دعم قريب للبنى التحتية الاقتصادية. بغض النظر أن العملة تطبع محليا، لكن كثرة الطلب على العملة المحلية يعني تحسينا لسعر صرفها أمام العملات الأجنبية”.

المصرف التجاري أجرى تعديلا على الحد الأقصى للقرض الشخصي بضمانة رواتب موظفين ليصبح 10 ملايين ليرة سورية بدلا من 5 ملايين، بكفيل واحد أو كفيلين اثنين (موظف قطاع عام أو عسكري) في حال عدم كفاية دخل الكفيل الواحد، على أن يتم بمدة لا تزيد عن 5 سنوات وبفائدة 12.5 بالمئة.

أصبح الحد الأقصى للقرض الشخصي بضمانة عقارية 25 مليون ليرة سورية بمدة لا تزيد عن 10 سنوات وبفائدة 12.5 بالمئة، والضمانة هي عقارات تغطي 250 بالمئة من قيمته في حال كان المقترض موظفا في القطاع الخاص، وعقارات تغطي 200 بالمئة للفئات الأخرى من المقترضين.

كما يمكن للمتعامل إضافة شريك تسديد واحد بهدف زيادة مبلغ القرض من خلال زيادة مصادر الدخل (مصدر السداد الذي يتم احتساب قيمة القرض بالاستناد إليه)، وتكون شروط دخل شريك التسديد نفس الشروط المطبقة على دخل المقترض، علما أن من يحق له الاقتراض يمكن أن يكون شريك تسديد باستثناء المتقاعدين (المتقاعد لا يحق له أن يكون شريك تسديد).

وفيما يخص طريقة سحب القرض، فإنه لا يمكن للمقترض سحب أكثر من 2 مليون ليرة من المصرف، ماعدا موظفي المصرف التجاري السوري، بالإضافة إلى زيادة الحد الأقصى لعمر المقترض ليكون 65 عاما، ما يعني أن المقترض عندما ينتهي القرض يجب أن يكون عمره لا يتجاوز 65 عاما، أما أعضاء الهيئة التدريسية والجامعات والمهن الحرة أصبح 70 عاما.

الإعلان عن رفع سقف القروض جاء بعد إعلان وزير المالية السوري، كنان ياغي، في شهر تشرين الأول/أكتوبر، أن العجز في مشروع الموازنة للعام القادم يقدر بنحو 4118 مليار ليرة، وأن حجم الدعم فيها يصل إلى 5530 مليار ليرة سورية.

وفي تصريح أعقب جلسة للمجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي، أوضح بعض تفاصيل مشروع الموازنة، وقال إن تغطية العجز المقدر في مشروع الموازنة ستتم تغطيته عن طريق 600 مليار ليرة اقتراض عن طريق سندات خزينة، وحوالي 500 مليون هي عبارة عن موارد خارجية، والباقي سيتم تغطيته عن طريق مصرف سوريا المركزي كاعتمادات مأخوذة من الاحتياطي في المصرف.

وأضاف ياغي أن حجم الدعم في مشروع الموازنة العامة بلغ 5530 مليار ليرة سورية، ارتفاعا من 3500 مليار ليرة في الموازنة السابقة، وأوضح أن تلك الكتلة ستوزع على مجموعة بنود، أهمها دعم المشتقات النفطية الذي بلغ 2700 مليار ليرة، ودعم الدقيق التمويني الذي يبلغ 2400 مليار ليرة، إضافة إلى 300 مليار ليرة لدعم السكر والرز، و50 مليار ليرة لصندوق دعم الإنتاج الزراعي ومثلها لصندوق المعونة الاجتماعية، و30 مليار ليرة لصندوق الري الحديث وصندوق الجفاف.

تحايل على العقوبات؟

يشار في سياق مواز أن الرئيس السوري، بشار الأسد، أصدر في شهر شباط/فبراير الماضي، قانون يسمح بتأسيس ما يعرف بـ”مصارف التمويل الأصغر”.

وقالت وكالة الأنباء السورية “سانا” إن تأسيس “مصارف التمويل الأصغر” يهدف إلى تأمين التمويل اللازم لمشاريع شريحة صغار المُنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة ومحدودي ومعدومي الدخل.

ويعرف “التمويل الأصغر” بأنه قروض مالية تمنح من قبل المصارف إلى أصحاب الدخل المحدود، وللعائلات التي لا تستطيع الحصول على هذه القروض من المصارف الكبرى بسبب شروطها، و”يهدف هذا القانون إلى تحقيق النفاذ المالي لأكبر شريحة ممكنة من ذوي الدخل المنخفض أو معدومي الدخل وممن لديهم القدرة على ممارسة نشاط اقتصادي، ولا يمكنهم الوصول إلى الخدمات المالية المصرفية وذلك من خلال تقديم المنتجات والخدمات المالية المختلفة في مجالات الائتمان والادخار والتأمين”.

وحول ذلك اعتبر داوود، أن مصارف التمويل الأصغر تبعد أنظار الدول التي تعاقب حكومة دمشق عن الانتباه لهكذا تمويلات ومشروعات صغيرة، وهو ما يسمح لدمشق عن طريق هذه المصارف، النفاذ إلى النظام المالي العالمي وتمويل احتياجات ومواد أساسية وغيرها.

ومن المنتظر أن يتم منح صغار المنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة ومحدودي ومعدومي الدخل قروضا تشغيلية وذلك من أجل تأمين دخل إضافي لهذه الشريحة وخلق فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة.

وتضمن نص القانون 29 مادة، تضمنت إمكانية أن تؤسس المصارف من قبل جمعيات أو مؤسسات خاصة سورية أو مؤسسات غير سورية تمتلك الخبرة والكفاءة بهذا النوع من النشاط، ويشترط في الجمعيات والمؤسسات الخاصة السورية أن تكون حاصلة على صفة النفع العام وفق القوانين النافذة.

ويجب أن يكون الحد الأدنى لرأس مال المصرف بمبلغ قدره خمسة مليارات ليرة سورية، موزعا على أسهم اسمية قابلة للتداول بقيمة مئة ليرة سورية للسهم الواحد، ويجوز زيادة الحد الأدنى لرأس المال بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح مجلس النقد والتسليف.‏‏

كما يجوز أن يكون جزء من رأس المال على شكل مقدمات عينية، على ألا تتجاوز قيمة هذا الجزء نسبة عشرة بالمئة من إجمالي رأس المال يجري تقييمها عند التأسيس، ويضع مجلس النقد والتسليف الضوابط اللازمة بخصوص تقييم هذه المقدمات، والتي يعاد تقييمها عند الحل والتصفية فقط.

يذكر أن مصرف التسليف الشعبي، دعا أيضا المواطنين الراغبين بالحصول على قروض الدخل المحدود إلى تقديم الطلبات بدءا من مطلع شهر آذار/مارس الجاري، مبينا أن منح هذه القروض يتم وفق أجل السداد الجديد الذي تم تمديده حتى 7 سنوات بسقف 5 ملايين ليرة ومعدل فائدة 7.5 بالمئة سنويا.

وأوضح مدير عام المصرف نضال العربيد، أن كل العاملين في الدولة من مدنيين وعسكريين والعاملين في القطاع المشترك والتعاوني والمتقاعدين، بمن فيهم الذين هم على نظام التأمين والمعاشات، يستفيدون من قرض الدخل المحدود، لافتا إلى أنه لم يطرأ أي تغيير على معدل الفائدة على قروض الدخل التي تمنح لمدة سنة واحدة والمحدد بـ 6.5 بالمئة سنويا، أو لمدة لا تتجاوز خمسة سنوات والمحدد بـ 7 بالمئة سنوياً.

ويمنح قرض الدخل المحدود وفقا لتعليماته على أساس 40 بالمئة من الأجر الشهري المقطوع، مضافا إليه 100 بالمئة من التعويضات الثابتة بعد حسم الاقتطاعات الجارية على الأجر، والتي يُرتبها العامل على نفسه بكفالة عامل واحد أو أكثر من العاملين الدائمين في الدولة لتغطي نسبة الـ 40 بالمئة من الأجر الشهري، وكامل التعويضات الثابتة قيمة القسط الشهري للقرض، أو بكفالة لا تقل عن اثنتين إما من المتقاعدين المدنيين على نظام التأمين والمعاشات، أصحاب الحسابات الجارية المُوطنة معاشاتهم لدى أحد فروع المصرف، أو من المتقاعدين العسكريين على نظام التأمين والمعاشات أصحاب الحسابات الجارية الموطنة معاشاتهم لدى أي مصرف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.