تراجع قطاع التعليم في سوريا بشكل كبير، نتيجة الحرب منذ سنوات، حيث تضررت البنية التحتية لعدد كبير من المدارس والجامعات السورية وحرم آلاف الطلاب السوريين من مقاعدهم الدراسية، نتيجة تداعيات الحرب، من الهجرة والنزوح والاعتقال وغيرها.

بين الحين والآخر يظهر وزير التربية والتعليم السورية عبر وسائل الإعلام للحديث عن واقع التعليم في سوريا وأهم القرارات الحكومية، لكن كل هذه التصريحات تثير استهزاء وانتقاد السوريين، كون هذه التصريحات بعيدة عن الواقع السوري من جهة والحكومة لا تلتزم بتنفيذ قراراتها من جهة أخرى.

منصات تعليمية إلكترونية للمغتربين!

قال وزير التربية الدكتور دارم طباع “معضلة” النقص في توزيع الكتب ببعض المدارس لسوء التوزيع ولحالات الفساد من قبل بعض ضعاف النفوس للمتاجرة بها، وبرر ذلك أثناء مقابلة مع إذاعة “سوريانا أف إم” المحلية، حيث قال أيضا أن الوزارة تكافح هذه الظاهرة من خلال مراقبة المكتبات وما تبيعه، وفق زعمه.

وأردف وزير التربية في تصريحات إعلامية مثيرة للجدل والسخرية إذ تحدث عن دراسة الميول المهنية لدى الطلاب ومدارس افتراضية للمغتربين، حيث اعتبر أن المعلمين هم الجيش الثاني بعد “جيش الحكومة”.

كما ذكر الوزير السوري، أنه تم إطلاق منصات إلكترونية وربط شبكي بين رؤساء المراكز والمعلوماتية، مبينا، “هذا العام هناك نية لفتح منصتين إلكترونيتين وذلك يتيح لكل من يرغب بدراسة المنهاج السوري ممن هم خارج القطر”، ولم يذكر أية تفاصيل أخرى حول ذلك.

وتابع طباع: “تعرضنا للكثير من المشكلات خلال الحرب وكنا نعتبر الجيش الثاني بعد الجيش السوري هو جيش المعلمين الذين لم يتوقفوا عن أداء دورهم في التعليم والثقافة”، وفق تعبيره للإذاعة المحلية.

وتتوالى التقارير من منظمة “يونيسيف” عن تدهور مستوى التعليم في سوريا حتى وصل إلى مستوى مخيف وبات يشبه الكارثة، حيث وفقا لـ “يونيسيف”، انخفضت نسبة التعليم بين السوريين عموما بمقدار 50 بالمئة عن معدلاته قبل عشرة أعوام، وبينما كانت النسبة تصل إلى  95 بالمئة للأعمار بين 15 و24 سنة، ازداد عدد الأطفال السوريين الذين باتوا خارج المدارس، ليقارب ثلاثة ملايين، سواء داخل البلاد أو خارجها.

وأضافت المنظمة، فقد تجاوز النسبة 60 بالمئة ممن يغادرون نهائيا مقاعد الدراسة في سن الثالثة عشرة، لتصل إلى 80 بالمئة ممن يغادرونها في سن السادسة عشرة، عدا عن أن الاهتمام بالتعليم في مخيمات اللجوء هو في الحدود الدنيا، وإن تفاوت بين بلد وآخر. وأشار تقرير المنظمة، إلى أنه في لبنان ثمة أكثر من ثلثي الأطفال والفتيان السوريين لا يتلقون أي نوع من التعليم.

والأمر الذي يدعو إلى الغرابة أكثر، في حين يفتقر معظم اللاجئين السوريين في المخيمات إلى أدنى مقومات الحياة الأساسية. فمن المستحيل عليهم الوصول إلى الإنترنت أو أجهزة الاتصال الافتراضية، فأين سيواصل السوريون تعليمهم عبر المنصات الإلكترونية التي تقترحها الحكومة السورية!

ويوجد في سوريا أكثر من 2.4 مليون طفل غير الملتحقين بالمدرسة، منهم 40 في المائة تقريبا من الفتيات. ومن المرجح أن يكون العدد قد ارتفع خلال عام 2020 نتيجة تأثير جائحة “كوفيد-19” التي أدت إلى تفاقم تعطل التعليم في سوريا، وفقا لـ “يونيسيف”.

ولم تعد واحدة من كل ثلاث مدارس داخل سوريا صالحة للاستخدام لأنها تعرضت للدمار أو للضرر أو لأنها تستخدم لأغراض عسكرية.

أما الأطفال القادرون على الالتحاق بالمدارس، فإنهم يتعلمون في الغالب في صفوف دراسية مكتظة، وفي مبانٍ لا تحتوي على ما يكفي من المياه ومرافق الصرف الصحي والكهرباء والتدفئة أو التهوية.

من جانب آخر، فإن المغتربين السوريين في الدول الأوروبية، ومعظمهم يدرسون في المدارس والجامعات الأوروبية، حيث هذه الجامعات يؤمن لهم فرص عمل في المستقبل، بينما شهادات التعليم العالي في سوريا فقد أصبحت في أدنى مستوياتها، لذا من غير المنطقي أن يترك السوريون مقاعد المدارس والجامعات في البلدان الذين يقيمون فيها، ويتجهون إلى منصات تعليم الحكومة السورية الافتراضية، خاصة أنها لا توفر لهم وظائف جيدة في البلدان الغربية، حيث تراجعت الثقة العالمية بالشهادات الجامعية السورية وازدياد الصعوبات أمام الطالب السوري الراغب في تعديل شهادته، إن أراد متابعة دراسته والعمل في الخارج.

قد يهمك:

لماذا يترك السوريين مقاعد الدراسة؟

تراجع مستوى الجامعات السورية بعد اندلاع الحرب قبل سنوات، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها الطلاب من مختلف الجهات، فضلا عن الفساد والمحسوبية في جامعات التعليم العالي في سوريا، سواء من قبل الكادر الإداري أو من قبل الأساتذة من مختلف التخصصات الجامعية.

ورغم تصريحات مسؤولي الحكومة السورية، لكن يبدو أن نظام التعليم العالي في البلاد بات في مستويات منخفضة، إذ تكافح الجامعات السورية من أجل البقاء، بحسب أكاديميين وخبراء تعليم سوريين.

تداعيات الحرب المدمرة وما سببته من تغيير في شروط حياة الناس وتفكيرهم وتطلعاتهم، وظروف الحياة اليومية الصعبة والتدهور الاقتصادي في البلاد والظروف المعيشية السيئة للسوريين، حال الوضع بالعديد من المواطنين بترك مقاعد الدراسة الذي بات تكلفته يشكل عبأ إضافيا على العوائل في سوريا، فضلا عن عدم جدوى الشهادات الجامعية والتحصيل التعليمي في بلد بات مدمرا وتتفاقم الأزمات فيه يوما بعد يوم، وانتشار البطالة وعدم توفر فرص العمل.

وحسب تصنيف webometrics لعام 2022. وهو نظام تصنيف يعتمد على تواجد الجامعة على الويب، ووضوح الرؤية والوصول إلى الويب. يقيس نظام التصنيف هذا مدى تواجد الجامعة على شبكة الإنترنت من خلال مجال الويب الخاص بها والصفحات الفرعية والملفات الغنية والمقالات العلمية وما إلى ذلك.

فقد احتلت جامعة دمشق المرتبة 3310 عالميا، وجاءت جامعة تشرين في محافظة اللاذقية بالمرتبة 4539، أما جامعة حلب التي احتلت المرتبة 4973. أما جامعة البعث قد جاءت في المرتبة5804   عالميا. أما المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا بدمشق قد جاء 4911.

قد يهمك: “المدينة الجامعية” بدمشق بدون تدفئة هذا العام

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.