رغم التحذيرات المتكررة من تداعيات تدهور الواقع التعليمي في سوريا، لا سيما خلال السنوات الماضية، لا يبدو أن الحكومة السورية، عازمة على اتخاذ إجراءات من شأنها انتشال التعليم، الذي يرى بعض المختصين أنه وصل إلى القاع مؤخرا.

التعليم “البائس”

وكانت مناسبة عيد المعلّم في سوريا الخميس، مناسبة لتسليط الضوء على تدني مستوى التعليم السوري، فكتب أستاذ القانون في سوريا عصام التكروري، منشورا عبر صفحته الشخصية بفيسبوك، يصف فيها التعليم في البلاد بـ“البائس“.

في منشوره الذي حمل عنوان: “أعيدونا عشـرة قرون إلى الوراء حتى يستعيد العلم عافيته”، يقول التكروري: “أن تكون معلما، وتتلقى التهنئة في يوم المعلم هو أمر يدخل البهجة إلى القلب، ويجعله يعتصر وجعا للحال الذي آل إليه العلم و المُعلمون في بلدنا سوريا“.

قد يهمك: انتهاكات حقوق الأطفال السوريين: هل العنف والحرمان من التعليم صارا الوضع الطبيعي؟

ويضيف: “عشر سنوات من التدريس و التدريب أوصلتني إلى قناعة بأن العلم لدينا ـ و تحديدا في مجال العلوم الإنسانية ـ أصبح بائساً لسببين : الأول بسبب البؤس الذي آلت إليه أحوال المعلمين، و الثاني بسبب غياب ـ أو تغييب ـ الفكر النقدي الذي هو أساس تطور العلوم الإنسانية ونهضة مؤسسات الدولة على اختلاف أنواعها و لاسيما الفكرية، مع التأكيد على أنَّ من جرّب كلفة الجهل ـ أي نحن بعد 11 سنة حرب ـ لا يحقّ له أن يستغلي كلفة العِلم”

ويرى التكروري أن الطالب في سوريا، لم يعد معلمه عندما يقول: “العلم نور“، ويضيف: “طلابنا يعلمون أنَّ أجر المحاضرة لا يشتري “لمبة“، كما يصعب على الطالب أن يُصدق بأن العلم يرفع بيوتاً لا أساس لها، و هو يرى معلمه يسأل الطلاب منزلاً للإيجارعلى ألا تتجاوز الأجرة الشهرية كامل راتبه“.

وعن تغييب الفكر النقدي في التعليم السوري، يعتقد التكرووي أنه: “من المستحيل على المُحاضر الحقيقي في مجال العلوم الإنسانية أن يؤكد بأنَّ ما يدرّسه يتصف بالحداثة و التحفيز الإبداعي، ليس فقط لأنَّه عاجز عن شراء الكتب التي تساعده على اقتناء المعارف الحديثة ومن ثم نقلها للطلاب، بل أيضاً لكونه يُدرك أنَّ أساس العلوم الإنسانية هو العقل النقدي“.

ويختم حديثه بالقول: “هذان السببان جعلا من الإبداع ظاهرة فردية لا يلبث أصحابها إلا أن يلتحقوا بجامعات أجنبية بحثاًعن فضاء فكري رحب ووضع مادي جيد ( التطفيش المنهجي)، أو أنهم يلتحقون بالرفيق الأعلى كمداً” .

تدني مستوى الجامعات وتدخل خارجي

ويشهد قطاع التعليم العالي تدني في المستوى الأكاديمي، فضلا عن الفساد المنتشر في الجامعات الحكومية في سوريا، ما يدفع الطلاب إلى الاتجاه في بعض الأحيان إلى الجامعات الخاصة ذات الرسوم المرتفعة.

كذلك سمحت الحكومة السورية لإيران مؤخرا بزيادة توغلها في قطاع التعليم السوري، بتوقيع اتفاق بين “المركز الأكاديمي للتربية والثقافة والبحوث” في طهران وجامعة دمشق.

وأعلنت وزارة التعليم العالي السورية مطلع كانون الأول /ديسمبر الماضي، أنه بحضور الوزير بسام إبراهيم، وقع رئيس جامعة دمشق محمد يسار عابدين ومدير “المركز الأكاديمي للتربية والثقافة والبحوث” الإيراني حميد رضا طيبي، اتفاق تعاون لـ“تبادل قاعدة البيانات العلمية والإنجازات البحثية والمشاركة في إنشاء حاضنة للأعمال وحديقة للعلوم والتكنولوجيا في جامعة دمشق“.

جاء ذلك بعد نحو شهر من توقيع جامعة دمشق مع جامعة “مالك الأشتر” الإيرانية مذكرة تفاهم في مجال الأبحاث والدراسات.

وفي سوريا، فروع لست جامعات إيرانية، منها “الفارابي للدراسات العليا” و“الجامعة الإسلامية الحرة الإيرانية” (آزاد) و“كلية المذاهب الإسلامية الإيرانية” في دمشق، و“جامعة تربية مدرس” و“جامعة المصطفى العالمية” التي تعد أكبر جامعة إيرانية تأسست عام 1972، وافتتح فرعها في سوريا عام 2013 ويضم ثلاث شعب في محافظات حلب واللاذقية ودمشق، علما بأن خمس جامعات إيرانية افتتحت فروعا في سوريا بعد عام 2011.

قد يهمك: دمشق: قضية فساد بـ 19 مليار على كازية تسرق المحروقات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.