مع كل اقتراب لمناسبة عيد الأم سنويا في سوريا، يكثر الحديث في وسائل الإعلام عن الأمهات اللواتي فقدن أحد أبنائها، واللواتي يمر عليهن عيد الأم كمناسبة حزينة وثقيلة، في ظل فقدانهن لأبنائهم.

التفرّق داخل الحدود؟

مع تعدد مناطق النفوذ في سوريا، أصبحت مئات الأمهات اللواتي لا يزال أبنائهن على قيد الحياة ويعيشون في مناطق متفرقة، يشاركن الفئة الأولى في الشعور الحزين في هذه المناسبة.

تروي أم محمد الآغا (62 عاما)، وهي أم لخمسة أبناء (ثلاثة شبان وابنتين) قصتها بمناسبة عيد الأم، وتؤكد أن أربعة من أبنائها، يعيشون بعيدا عنها ولا تستطيع الوصول إليهم، رغم أنهم ما زالوا داخل سوريا.

وتقول الآغا التي تعيش مع ابنتها في محافظة إدلب، في حديثها لـ “الحل نت” إن مناسبة عيد الأم تأتي مع غصة الأم البعيدة عن معظم أولادها، وتشير إلى أن اثنين اضطروا للهرب إلى ريف حلب، بسبب تعرضهما للملاحقة من قبل تنظيم “هيئة تحرير الشام”.

وتضيف “أربعة من أبنائي لم أراهم منذ أكثر من ثلاث سنوات. في العام الماضي أرسلوا لي هدية بواسطة أحد المتاجر هنا، وقدموا لي المعايدة عن طريق مكالمة الفيديو، كانت مكالمة مليئة بالدموع لأني لم أستطيع احتضانهم لحظتها“.

وتوضح الآغا أنها لا تستطيع السفر لأبنائها بسبب وضعها الصحي وصعوبة الطرقات، أما عن قدوم أبنائها إليها فتؤكد أن الشابان المقيمين في ريف حلب، يخشون من ملاحقة “هيئة تحرير الشام” لا سيما وأنهما كانا من أحد عناصر فصائل المعارضة التي قاتلت فصيل الهيئة سابقا.

أما عن ابنتها وابنها الآخر، فتشير إلى أنهما يعيشان في مناطق سيطرة الحكومة السورية، عندما اضطروا إلى النزوح قبل عامين مع عائلتيهما.

الفقد بالمفهوم السوري

ورغم هول الأرقام التي تعرضها شبكات توثيق ضحايا الحرب في سوريا، هناك مأساة أكبر من الأرقام تختبئ في ذاكرة آلاف الأمهات السوريات اللاتي فقدن أبناءهن في الحرب.

ولا يعني الفقد بالمفهوم السوري الموت وحسب، بالنظر إلى وجود آلاف المعتقلين والمغيبين قسريا، فضلا عن هجرة ونزوح ملايين السوريين، وتفرق مئات آلاف العائلات خلال السنوات الـ 11 الماضية.

ويروي الشاب عيسى محمد (اسم مستعار) قصة معاكسة، وهو الذي اضطر للنزوح من مدينة حلب، إبان سيطرة الجيش السوري على المنطقة، قبل نحو 6 أعوام وترك والدته هناك مع شقيقه الأصغر.

ويقول صباغ في حديثه مع “الحل نت“: “للأسف لن أستطيع الذهاب لمعايدة أمي هذا العام، سأحاول أجعلها تأتي إلى هنا في إدلب، لكنني لست متأكد من نجاح ذلك بسبب الحواجز ووضع الطرق المتقلب“.

أما الناشطة في مجال حقوق الإنسان راما النجدي، فتؤكد أن أقصى ما تستطيع فعله في عيد الأم هو إرسال هدية إلى أمها ومعايدتها عبر الهاتف، لا سيما وأنها تقيم في مدينة غازي عنتاب، ولا تستطيع الذهاب إلى مدينة حلب حيث تقيم والدتها.

وتقول في حديثها لـ“الحل نت“: “حاولت كثيرا لم شمل والدتي، لكن تعقيدات السلطات التركية تقف أمام ذلك. لم أستطع جلب أمي، ولم يسمحوا لي الذهاب إلى سوريا والعودة مجددا“.

تاريخ عيد الأم

عيد الأم هو احتفال سنوي يقام في تواريخ مختلفة في أنحاء مختلفة من العالم من أجل الأمهات ولتكريمهن، ويكون الاحتفال بتقديم بطاقات المعايدة والزهور والهدايا للأمهات والزيارات.

ويعد الاحتفال بعيد الأم من الاحتفالات التي ظهرت في القرن العشرين، تكريما لدور الأمهات في تربية الأبناء وتأثيرهن في مجتمعاتهن.

ويختلف تاريخ الاحتفال بعيد الأم من دولة إلى أخرى، إذ يصادف الاحتفال بعيد الأم في أغلب دول المنطقة العربية 21 آذار/مارس من كل عام.

وفي الشرق الأوسط كانت مصر هي أول دولة تحتفل بعيد الأم في 21 آذار/مارس، وكانت البداية عام 1956 عندما قامت إحدى الأمهات بزيارة الصحفي الراحل مصطفى أمين، في مكتبه في صحيفة أخبار اليوم المصرية وقصت عليه قصتها وكيف أنها صارت أرملة وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرست حياتها من أجلهم حتى تخرجوا في الجامعة وتزوجوا واستقلوا بحياتهم وانصرفوا عنها تماما، فكتب مصطفى أمين وعلي أمين في عمودهما الشهير “فكرة” يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة يوم لرد الجميل وتذكير بفضلها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.