مشهد المباني التي دمرتها القنابل في ماريوبول الأوكرانية يذكر بمدينة حلب (شمال سوريا)، التي تحولت إلى أنقاض قبل ستة أعوام. لكن هذا التشابه في دمار المدينتين لم يكن من قبيل الصدفة. فبحسب مسؤولين عسكريين أوكرانيين، تم تنسيق قصف هاتين المدينتين من قبل القائد العسكري ذاته. إنه الرجل الذي يلقب بـ “جزار ماريوبول”، الكولونيل ميخائيل ميزينتسيف، البالغ من العمر 69 عاما. وهو رئيس المركز الوطني لإدارة الدفاع، وهذا المركز هو هيكل قيادة تم إنشاؤه في عام 2014 لتوجيه العمليات العسكرية الروسية.

المتحدث باسم المقر العسكري في أوديسا، سيرهي براتشوك، أعلن مسؤولية ميزينتسيف عن الهجوم، بعد أسابيع من الحصار، حيث يعتقد أن 80 بالمئة من البنية التحتية قد تم تدميرها. “ميزينتسيف هو الذي أمر بقصف مستشفى التوليد ومستشفى الأطفال، ومسرح الدراما، ومنازل المدنيين. هو الذي يدمر ماريوبول كما دمر المدن السورية من قبل”، يؤكد براتشوك.

من جانبها، دعت رئيسة “مركز الحريات المدنية الأوكرانية”، أولكساندرا ماتفيتشوك، ميزينتسيف للاستعداد لمواجهة اتهامات بارتكاب جرائم حرب في لاهاي.

وبالرغم من أن ميزينتسيف ليس بالشخصية المعروفة حتى الآن، إلا أنه اشتهر بالوحشية خلال هذا الصراع، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة “التايمز” وترجمها موقع “الحل نت”. في مكالمة هاتفية تمكنت السلطات الأوكرانية من التقاطها ونشرها الأسبوع الفائت، يبدو أن القائد طلب من مسؤول صغير أن يقطع أذن جندي كعقاب بسبب عدم ارتدائه الزي الرسمي.

“انظر إلى تلك الحثالة التي تقف هناك، عابسا بعينيه البليدتين، يريني وجهه العابس. لماذا لا يزال في الخدمة؟ لماذا يجب علي أن أضيع وقتي مع حثالة؟ لماذا لم تقطع أذنه؟ لماذا لا يعرج حتى الآن؟”، يُسمع صوت ميزينتسيف بكل وضوح.

مدينة ماريوبول، موطن 400 ألف شخص، تضم الآن ما بين 100 إلى 200 ألف شخص يعيشون حصارا بدون طعام أو ماء أو كهرباء أو حتى تدفئة. وبحسب إيرينا فيريشوك، نائبة رئيس الوزراء، فقد تم التوصل إلى اتفاق يوم الخميس لإنشاء سبعة ممرات إنسانية لإجلاء المدنيين من المدن والبلدات الأوكرانية.

في حين يلقي كل جانب اللوم على الطرف الآخر في الفشل المتكرر للتوصل إلى اتفاق بشأن ترتيبات إخراج المدنيين من ماريوبول، والذي من شأنه مساعدة روسيا في تأمين ممر بري إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في العام 2014. كذلك اتهمت السلطات الأوكرانية روسيا بترحيل 15 ألف مدني إلى روسيا.

وقد كان ميزينتسيف واجهة الدعاية الروسية في تصريحاتها فيما يخص حصار ماريوبول. وفي بيان موجز مصوّر نشرته محطات الإعلام الحكومية، يقول ميزينتسيف أن “قطاع الطرق الأوكرانيين والنازيين الجدد والقوميين قد انخرطوا في إرهاب جماعي وانساقوا في موجة قتل. كل من يلقون بأسلحتهم يضمنون مروراً آمنا خارج ماريوبول”، مدعيا بأن روسيا لم تكن تستخدم أية أسلحة ثقيلة ضد المدينة.

ولد ميزينتسيف عام 1962 في قرية أفرينسكايا، على بعد 400 ميل شمال شرق موسكو. ودرس في مدرسة كييف العليا لقيادة الأسلحة المشتركة، قبل أن يصبح قائد فصيلة استطلاع في الجيش السوفيتي في ألمانيا الشرقية.
وقد تم إرساله إلى القوقاز لقيادة كتيبة بنادق آلية بعد سقوط الاتحاد السوفييتي. وسرعان ما تمت ترقيته بعد عودته إلى موسكو أواخر التسعينات، وبحلول العام 2003 كان رئيسا لمديرية العمليات التابعة لرئيس الأركان المكلف بالتخطيط العسكري.

وكرئيسا للمركز الوطني لإدارة الدفاع، يعتقد أن ميزينتسيف نسق مشاركة روسيا في الحرب السورية منذ أيلول 2015.

أما المركز الوطني لإدارة الدفاع، فقد وصفه الخبير في الدفاع الروسي في “المعهد الملكي للخدمات المتحدة”، مارك جالوتي، بأنه “غرفة عمليات عسكرية رفيعة المستوى”، إلا أنه أضاف بأن ميزينتسيف ليس بالشخصية المعروفة في دوائر الدفاع الروسية، وتساءل عن مدى السلطة المخولة له.

وتتمتع ماريوبول، المحاصرة منذ ثلاثة أسابيع، بأهمية إستراتيجية لأسباب عدة. فهي لا تشكل مركزا اقتصاديا فحسب، حيث تستضيف الكثير من صناعات الحديد والصلب في أوكرانيا، وإنما أيضا بوابة لطموحات روسيا في إقامة ممر بري يربط شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس في شرق البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة