قررت محكمة الاستئناف في باريس، يوم أمس الإثنين، المضي قدما في الملاحقة القضائية للناطق السابق ياسم جيش الإسلام في الغوطة الشرقية، مجدي نعمة، المعروف بلقب “إسلام علوش”، والذي أوقف عام 2020 في فرنسا بتهم ممارسة التعذيب وارتكاب جرائم حرب، متجاهلة بذلك قرارا مخالفا أصدرته مؤخرا محكمة التمييز، أعلى سلطة قضائية فرنسية، حسب تقارير صحفية.

وأعلن المدعي العام في باريس، ريمي هايتس، الاثنين، أنه “بقرار صدر اليوم، ردّت غرفة التحقيق، بناء على أوامر النيابة العامة، طلبا لمجدي نعمة”، كان يعترض بموجبه على ملاحقته قضائيا بتهم ممارسة التعذيب وارتكاب جرائم حرب والضلوع في عمليات خطف، وبالتالي سيمضي قاضي التحقيق قدما في تحقيقاته.

كيف تم اتخاذ القرار؟

في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، صدر قرار عن محكمة التمييز الفرنسية، وهي أعلى سلطة قضائية في فرنسا، اعتبرت فيه أن القضاء الفرنسي ليس المرجع الصالح للنظر في قضية تتعلق بـ جندي سابق في الجيش السوري، متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وهذا القرار أدى إلى ردود فعل حادة في أوساط القضاء الفرنسي ومنظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، خوفا من تحول القرار إلى سابقة قضائية، وأن تكون له تداعيات على تحقيقات أخرى، ولا سيما التحقيق الذي يطال نعمة، المتحدث السابق باسم فصيل جيش الإسلام.

وقد حاول محامو نعمة الاعتماد على قرار محكمة التمييز لمنع محاكمته أمام المحاكم الفرنسية، لكن محكمة الاستئناف في باريس ردت دفوعهم المستندة إلى عدم توافر شرط “ازدواجية التهمة”، أي أن تكون الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب معترف بها في بلد المشتبه به الذي تعتزم فرنسا محاكمته.

وفي هذا السياق، قال بسام الأحمد، المدير التنفيذي لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، لـ”الحل نت”، لقد كان قرار محكمة الاستئناف جيدا، على الرغم من أنه كان هناك تخوف من أن يتم إعلان عدم اختصاص المحكمة بمحاكمة نعمة، ولكن العديد من المنظمات القانونية، ومنظمات المناصرة لعبت دورا مهما للوصول إلى هذه النتيجة.

إقرأ:انتهاء استجواب الطبيب علاء موسى في ألمانيا.. حكم بالسجن المؤبد؟

هل سيفتح هذا القرار محاكمات أخرى؟

يرى بسام الأحمد، أن هذا القرار يساعد على فتح محاكمات أخرى في فرنسا للسوريين، سواء أكانوا معارضين أو موالين، أي أن المضي قدما بمحاكمة علوش يعني أن هذه المحكمة أصبحت مختصة بملاحقة السوريين من مرتكبي الجرائم.
ولكن، وحسب الأحمد، حتى تكون الدعاوى مقبولة لا بد أن يكون المتهم موجودا على الأراضي الفرنسية، إضافة لوجود الضحايا مقدمي الشكوى.

وكانت الجمعية الوطنية الفرنسية “البرلمان” أقرت في شباط/فبراير الماضي، تعديل القانون الخاص بملاحقة المجرمين عن الجرائم المرتكبة في سوريا، وذلك ما فتح الباب أمام المحاكم الفرنسية لملاحقة مرتكبي هذه الجرائم المقيمين على الأراضي الفرنسية، حسب متابعة “الحل نت”.

وتؤكد فرنسا منذ تعديل هذا القانون، على أنها تحشد كامل طاقتها لتحقيق مكافحة افلات مرتكبي الجرائم الدولية، من العقاب، سواء تلك التي وقعت في سوريا أو خارجها.

قد يهمك:الطبيب السوري علاء موسى يواجه السجن المؤبد في ألمانيا

ما الحكم الذي سيواجه نعمة؟

حسب قرار المحكمة الفرنسية، فإن القضية ضد مجدي نعمة “إسلام علوش”، لا تزال في مرحلة التحقيق، وخلال هذه المرحلة سيتم التحقيق مع نعمة في التهم الموجهة إليه، وبناء عليها ستتم إحالته لاحقا للمحكمة المختصة بالحكم، والتي ستبني قناعتها القانونية بناء على التهم الموجهة، والأدلة الموجودة، وشهادات الشهود، إذا من الناحية القانونية قد يواجه نعمة حكما قد يصل إلى السجن المؤبد.

وحسب بسام الأحمد، فإن الجرائم التي يتهم بها نعمة، غير معروف كميتها حتى الآن، وكمية المعلومات التي تم جمعها، وبالتالي فإن الحكم سيتناسب طردا مع التهم التي ستثبته عليه، وهذا ما يرتبط بالأدلة وقناعة المحكمة.

وتابع “لكن هناك أمر رمزي مهم في هذه المحاكمة، هو أن أي جهة في سوريا قامت بارتكاب جرائم حرب سواء حكومية أو غير حكومية، فلن تفلت من العقاب”، بحسب الأحمد.

إقرأ:تطورات قضية علاء موسى.. ما دور السفارة السورية بألمانيا في قضيته؟

لا تعترف حكومة دمشق بارتكاب جرائم، ولا بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، كما ولم تصادق على نظام روما الأساسي الذي نص على إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، لذلك لم يجد السوريون بدا من ملاحقة المجرمين وإن كانوا فرادى في الدول الأوروبية التي يلجأون إليها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.