المخدرات في العراق: هل هنالك تهاون أمني وقانوني مع “الكريستال” الإيراني؟

المخدرات في العراق: هل هنالك تهاون أمني وقانوني مع “الكريستال” الإيراني؟

يزداد انتشار المخدرات في العراق. وبات من الممكن شراء المواد المخدرة بسهولة في معظم المدن العراقية، وسط ما يصفه كثيرون بعجز وتهاون القوى الأمنية.

وتدخل المخدرات إلى العراق من أكثر من مصدر، لكن أكثر أنواعها تعاطيا هو مادة “كريستال ميث”، التي تصل من إيران، وذلك بسبب رخص ثمنها وتأثيرها القوى على المتعاطي.

الطرق الثلاثة لتهريب المخدرات إلى العراق

مروج سابق للمخدرات، تم الإفراج عنه مؤخرا، بعد قضائه خمس سنوات في السجن، كشف لموقع “الحل نت” أن “تعاطي المخدرات في العراق لا يقتصر على مدينة او منطقة جغرافية، إنما يشمل كل المناطق، من إقليم كردستان إلى جنوب البلد. وبعض المدن أصبحت مصنّعة للمواد المخدرة، ولا تستوردها فقط”.

وأوضح المصدر، الذي رفض نشر اسمه، أن “أغلب ما يصل إلى العراق من مخدرات يأتي من خلال ثلاثة طرق. أهمها الحدود مع إيران. إذ يأتي الكريستال ميث من الأراضي الإيرانية، ويباع في جميع المدن العراقية، بسبب سهولة نقله ورخص ثمنه. كما أن هناك مصانع للكريستال بالمناطق العراقية الجنوبية، تستورد الخامات من إيران، وتصنّعها محليا”.

والكريستال ميث من مشتقات مادة الأمفيتامينات، وهو مسحوق عديم اللون والرائحة، وسبب تسميته أنه يتخذ بعد تصنيعه شكل حبيبات تشبه الكريستال.

وتستخدم مادة الأمفيتامينات عموما لعلاج بعض حالات الاكتئاب. ومن أعراضها الجانبية شعور من يتعاطاها بنوع من البهجة والنشوة.

المصدر يكمل حديثه بالقول: “الطريق الثاني للمخدرات في العراق هو سوريا، إذ تأتي حبوب كبتاغون من لبنان، وتدخل العراق عبر منفذ القائم، وطرق الميسمية على الشريط الحدودي مع سوريا”.

مبيناً أن “هذه الحبوب المخدرة تنتشر في المناطق الغربية من العراق أكثر من بغداد والجنوب وإقليم كردستان، لأن نقل الكبتاغون أصعب من نقل الكريستال ميث، فهو ليس مسحوقا يمكن تهريبه بسهوله، بل يأتي على هيئة حبوب”.

وأشار الى أن “الطريق الثالث هو الحدود التركية، التي يأتي عبرها الحشيش الأوروبي. إلا أن هذا النوع من المخدرات غالي السعر قياسا ببقية الأنواع، ولذلك فاستهلاكه محدود”.

تهاون أمني وقانوني في التصدي للمخدرات في العراق

مديرية شؤون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وصفت انتشار المخدرات في العراق بـ”الجريمة المنظمة الدولية العابرة للحدود”.

وأكدت المديرية أنها “مستمرة بعملها لإلقاء القبض على تجار المخدرات والمروجين لها ومتعاطيها، حسب ما تملكه من قاعدة بيانات متكاملة عن مناطق دخول هذه المواد المخدرة”.

من جهته يوضح الباحث بالشأن الاجتماعي علي جواد أسباب انتشار المخدرات في العراق، ومن أهمها “ضعف الرادع القانوني لمتعاطيها والمروجين لها”.

ويقول جواد في، حديثه لـ “الحل نت”، إن “هناك محاولات عدة، من قبل الجهات المسؤولة، للحد من هذه التجارة المتنامية بشكل سريع في البلد، إلا أن هذه المحاولات لم تأت بنتائج مؤثرة”. معللا ذلك بـ”ضعف الدور التشريعي والتنفيذي في هذه القضية الخطيرة على المجتمع”.

ويضيف: “على المشرّع القانوني أن يوسع عقوبات مروجي المخدرات في العراق ومتعاطيها، وليس الاكتفاء بسجنهم سنوات قليلة، قياسا بأحكام المدانين بقضايا الإرهاب والإخلال بالأمن العام”.

مشيرا إلى أن “حكم تاجر المخدرات في العراق قبل عام 2003 كان الإعدام. أما اليوم فالأحكام متهاونة جدا”.

وشدد جواد على ضرورة “تشريع قانون يحوّل مديرية مكافحة المخدرات إلى جهاز مستقل، أسوة بجهاز مكافحة الإرهاب. ومساعدتها على نشر عناصرها على الطرق الخارجية والمنافذ الحدودية، التي تصل عبرها المواد المخدرة”.

لافتا إلى “وجود حالات فساد بين بعض أفراد السلك الأمني. فعندما يتم القبض على تجار المخدرات والمروجين لها في عدد من المدن، يكتب بالتحقيقات الامنية أن من تم القبض عليهم متعاطون وليسوا تجارا أو مروجين، وهذا يخفف عقوبتهم”.

وينتقد جواد “النخبة الثقافية والدينية، لتقصيرها في التثقيف والتوعية بمخاطر هذه المواد الخطيرة على المجتمع العراقي”. داعيا، في ختام حديثه، السلطات العراقية إلى “تخصيص ميزانية مالية للتوعية بمخاطر المخدرات في العراق، والعواقب القانونية لترويجها وتعاطيها”.

مقالات قد تهمك: المخدرات في العراق: لماذا لا تتمكن القوى الأمنية من إيقاف المهربين والمروجين؟

إقليم كردستان ليس بمأمن من المخدرات الإيرانية

زياد إسماعيل، المختص بالشأن الكردي، يوضح أن “إقليم كردستان ليس بمنجى من مشكلة انتشار المخدرات في العراق، بسبب ارتفاع نسب البطالة في الإقليم، وغياب التشدد الحكومي لمنع وصول المواد المخدرة”.

ويضيف إسماعيل، في حديثه لـ”الحل نت”، أن “مادة كريستال ميث المخدرة هي الاكثر تعاطيا بالإقليم، وهي تأتي من إيران عبر المناطق الحدودية مع كردستان العراق، مثل قضائي سوران وحاج عمران وغيرهما. وتهرّب ضمن المواد الغذائية التي يستوردها الإقليم من إيران”.

وأوضح أن “أغلب متعاطي مادة كريستال ميث هم، مثل أغلب مدمني المخدرات في العراق، من العاطلين عن العمل، وأفراد عصابات الجريمة المنظمة”. منتقدا ما وصفه بـ”تقصير سلطات الإقليم في منع الترويج للمخدرات وتعاطيها، وعجز الأجهزة الأمنية عن الوصول لمنابع تجارة المخدرات، وإنزال أقصى العقوبات بحق مروجيها”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.