مع بداية شهر رمضان، تشهد الأسواق السورية حركة خجولة، خاصة في أسواق الخضار والفاكهة، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل خيالي، حيث لم تشهده البلاد منذ سنوات طويلة.

وهذا الارتفاع بالتأكيد أدى إلى عزوف نسبة كبيرة من السكان عن شراء الكثير من متطلباتهم وبالتالي تراجع قدرتهم الشرائية إلى أدنى مستوياتها، بحيث لم يعد شهر رمضان كما كان من قبل في سوريا، حيث لم تعد هناك عزائم أو لم شمل عائلي كما في السابق حول موائد رمضان ، فضلا عن شحّ الخدمات العامة مثل الغاز والكهرباء والمواصلات. ما يزيد من التحديات التي تواجه أكبر شريحة من المجتمع السوري، بحسب وسائل الإعلام المحلية.

برغل ببندورة بـ 40 ألفا!


تعيش الفئة الفقيرة من السكان في سوريا في واد عميق من العوز، بحيث لا يمكن لضغط النفقات أن ينقذهم بأي شكل من الأشكال، خاصة للعائلات التي يزيد عدد أفرادها عن 5 أفراد، حتى لو كان هناك فردين يعملون في الأسرة الواحدة، في ظل تدني الرواتب عموما، حيث يقدر متوسط ​​رواتب موظفي الحكومة بـ156 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 40 دولارا.

وذكرت صحيفة “الوطن” المحلية، في تقرير لها قبل أيام، إن أسعار الخضار سجلت أرقاما غير مسبوقة إذ تراوح سعر كيلو البندورة بين 3500-5000 ليرة سورية، والخيار بين 3200-4000 ليرة، مشيرة إلى أن طبختي البرغل ببندورة والمجدرة أصبحت تكلف العائلة نحو 40 ألف ليرة سورية، وفق تعبيرها.

وأردفت الصحيفة المحلية، إن سعر كيلو البطاطا تراوح ما بين 3-2500 ليرة سورية، والخسة 2500-1500  ليرة، جرزة البقدونس 600 ليرة، كيلو البصل 2000 ليرة، والثوم 10 آلاف ليرة، الفاصولياء بين 12-9 ألف ليرة، الباذنجان 4 آلاف ليرة، كيلو الزهرة 2200 ليرة، وسعر البيضة الواحدة بـ 500 ليرة، والعدس فوق الـ 7 آلاف ليرة.

ونقلت الصحيفة على لسان إحدى المواطنات قولها إن البرغل ببندورة وهي أكلة الفقراء الشهيرة في اللاذقية باتت الآن أكلة الأمراء، مع وصول تكلفتها للعائلة إلى نحو 40 ألف ليرة (4 كيلو بندورة بنحو 20 ألفا وكيلو ونصف الكيلو برغل 10 آلاف ليرة) إضافة لتكاليف البصل والثوم حسب الرغبة دون احتساب الغاز والزيت، وفق تعبير المواطنة.

كذلك، باتت معظم وجبات الطعام والمقبلات خارج حساب قائمة الإفطار الرمضانية لدى نسبة كبيرة من السوريين، وخصوصا اللحوم التي حلّق سعرها عاليا ولم تعد في متناول أغلبية طبقات المجتمع التي يرزح معظمها تحت خط الفقر، وخصوصا محدودة الدخل والموظفين لدى مؤسسات الحكومة التي ابتعدت عن حال الكفاف ولم يعد بمقدورها إطعام أفرادها.

وأيضا أكدت سيدة أربعينية تتسوق في سوق حي الأعظمية للخضار والفواكه في محافظة حلب، لصحيفة “الوطن” المحلية قبل أيام، إلى أنها مضطرة لاستبعاد “الفتوش” من مائدة رمضان عائلتها لأن الصحن الواحد صار يكلف أكثر من 4 آلاف ليرة سورية، “وهي قيمة الوارد اليومي من وظيفة زوجي الموظف لدى القطاع العام، الذي يعمل لدى القطاع الخاص بدوام إضافي وبراتب مشابه”، وفقا لقولها.

وفي السياق ذاته، أكد أحد بائعي الخضار والفاكهة أن نسبة المبيعات في اليوم الذي سبق شهر رمضان ويوم اليوم الأول منه انخفضت بنحو النصف، حيث ابتعد المواطنون عن الشراء “بسبب الزيادة الكبيرة في أسعار الخضار التي وصلت إلى ثلاثة أضعاف سعرها في رمضان الماضي و10  أضعاف سعر العام الذي سبقه”.

قد يهمك: ارتفاع جديد لأجور “التكاسي” في سوريا

غلاء لم تشهده سوريا منذ 30 عاما

من جانبه، برر عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، قبل أيام لوسائل الإعلام المحلية، سبب ارتفاع الأسعار الحاصلة في سوريا، بأن المشكلة الأساسية التي يعاني منها الجميع كمواطنين وصناعيين وتجار وقطاع أعمال، أكبر من الجميع فالتضخم العالمي وارتفاع أسعار النفط عالميا انعكس على كل شيء من مستلزمات الإنتاج إلى مستلزمات النقل إلى مستلزمات الزراعة، كل ذلك كان له أثر سلبي على الجميع.

وأشار الحلاق إلى أنه بالإمكان تأمين كل المواد، لكن الأسعار غير معقولة وغير منافسة وتشهد سوريا اليوم طفرات بالأسعار ولاسيما على المواد الغذائية بسبب ارتفاع أجور النقل وقلة المحروقات عالميا وارتفاع التصنيع والتوريد وغيرها، وكقطاع أعمال تفاجأ بالأسعار التي لم يشهدها خلال أكثر من 30 عاما في قطاع التجارة، مع تفهم أنه يكون هناك ارتفاع سنوي على سلعة من السلع من 3 إلى 5 بالمئة وليس 30 إلى 40 بالمئة، وفق تعبيره.

هذا وتشهد عموم البلاد من موجة غلاء غير مسبوقة، خاصة مع بدء شهر رمضان الذي ترافق مع صعوبات اقتصادية جمة، وهناك تخوفات لدى المواطنين من ارتفاع الأسعار مجددا خلال شهر رمضان ومع اقتراب عيد الفطر بحجة “العيدية”، وزيادة تكلفة النقل والمواصلات، إضافة إلى تدهور الليرة السورية مقابل القطع الأجنبي، وسط غياب أي دور حقيقي للحكومة في وضع حلول لهذه الأوضاع الاقتصادية المزرية.

قد يهمك: دخل بائع الخبز على الطرقات يتجاوز 4 ملايين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.