تزداد حياة السوريين صعوبة مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وخاصة الخضار والفواكه، حتى وصل الحال بهم إلى شراء الخضار بالحبة أو الحبتين، وهو أمر لم يعتاد عليه السوريون من قبل، لكن الظروف المعيشية السيئة والحاجة دفعتهم إلى ذلك، خاصة وأن رواتبهم الشهرية ضئيلة جدا ولا يكفيهم سوى لبضعة أيام.

وتعددت أسباب هذا الغلاء، الذي بدا غير عادي منذ بداية العام الجاري، خاصة في بداية شباط/فبراير الماضي، عندما سحبت الحكومة الدعم عن شريحة واسعة من المواطنين، تلاها الغزو الروسي لأوكرانيا، حتى ارتفعت الأسعار بشكل جنوني في الأسواق.

أسباب ارتفاع البندورة والبطاطا

شهدت أسعار الخضار والفواكه في سوريا ارتفاعا ملحوظا في الأسواق منذ بداية شهر رمضان بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل أوجد طريقة جديدة للشراء لم يعتاد عليها السوريون، وارتفعت أسعار بعض الخضار والفواكه التي تعتبر في موسمها بنسبة تتجاوز 300 بالمئة وأكثر من 500 بالمئة عن سعرها في الموسم الماضي.

وكشف تاجر في سوق الهال بمحافظة طرطوس في تصريح لموقع “بزنس2بزنس” المحلي، أن أسباب الزيادة الأخيرة في أسعار “البندورة والبطاطا” تعود  لقلة الكميات المعروضة بعد تعرض الموسم للأضرار من الظروف الجوية، وتصديرها إلى لبنان والى بلدان أخرى بالإضافة إلى ارتفاع أجور النقل.

وأضاف تقرير الموقع المحلي على لسان التاجر، الذي نشر يوم أمس، أن “هناك سببا آخر لارتفاع سعر البندورة، وهو أن بعض الأنواع أو ما يعرف باسم البندورة “البانياسية”، تزرع لغرض التصدير، وهي لها تكاليف عالية وتحتاج إلى عناية خاصة ويتم زراعتها لغرض التصدير ولا يمكن إيقاف تصديرها لأن المزارع زرعها وتكلف عليها، وفي حال توقف تصديرها ستخلق مشكلة للمزارع وتسبب له خسارة كبيرة”.

وأشار التاجر، ياسر مهنا في حديثه للموقع المحلي، إلى أن هناك ثلاثة أنواع من البندورة في سوق الهال، اليوم منها الصنف البلدي ويباع الكيلو بالجملة بسعر يتراوح بين 2000-2200 ليرة سورية، وهناك نوعية جودته في الوسط، ويباع الكيلو 3500 ليرة والنوعية المخصصة للتصدير بأكثر من 5000 ليرة.

وأوضح التاجر، أن سعر البضائع يخضع للعرض والطلب و البندورة بحاجة إلى نهاية شهر رمضان حتى ينضج الموسم الربيعي وينخفض سعرها، أما عن سبب ارتفاع أسعار الفليفلة الحادة، قال التاجر أن الخسارة التي مني بها مزارع الفليفلة الموسم الماضي أجبرته عن العزوف عن زراعتها هذا الموسم وهذا سبب ارتفاعها.

في ظل هذا الغلاء الفاحش، من جانبها، أصدرت الجهات الحكومية عدة تصريحات “رنانة” دون تنفيذ فعلي على الأرض، وأثبتت الوقائع على الأرض، أن الإجراءات التي تقوم بها الأجهزة الحكومية المختصة غير ذات جدوى في عملية خفض الأسعار والحد منها.

حيث وصف رئيس مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك عبد العزيز المعقالي، قبل أيام، كل ما تنادي به الحكومة من تحسين للواقع المعيشي للمواطن وتأمين احتياجاته هو مجرد تصريحات، لا أساس لها على أرض الواقع، ورأى أن الحكومة شريك في ارتفاع الأسعار والفوضى العارمة في الأسواق والارتفاع بأسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية من فوط أطفال ومنظفات وغيرها، حسب متابعة “الحل نت”.

قد يهمك: أسعار كاوية للحلويات.. العوامة بـ 10 آلاف

احتكار التجار وغياب التموين

وبخصوص ارتفاع سعر البطاطا، أوضح تقرير الموقع المحلي، أن البطاطا المصرية سيدة السوق وتباع بالجملة بـ2200 ليرة سورية، وعن سبب ارتفاع أسعار المفرق عن الجملة بيّن الموقع، أن أجور النقل مرتفعة جدا وسيارة نقل الخضار تشتري المازوت بالسعر الحر والبيدون يقدر بـ110 آلاف ليرة وتكلفة السيارة من طرطوس إلى دمشق 800 ألف ليرة  سورية وإلى السويداء أكثر من 1.200 مليون ليرة، وفق الموقع المحلي نقلا عن تاجر الخضار.

كما أن ضعف القوة الشرائية انعكس سلبا على حركة السوق، ومن الواضح جدا أن الحركة تراجعت بنسبة كبيرة، حيث شكل عدد السيارات التي خرجت من سوق الهال ما بين 25 و 30 بالمئة من عدد السيارات التي صدرت العام الماضي.
وأكد التاجر للموقع المحلي، أن المواطن ضجر بسبب ارتفاع أسعار البطاطا والبندورة لأنهما تعتبران من المواد الأساسية في معظم الأكلات وخاصة في شهر رمضان، وهناك العديد من المزارعين الذين تركوا الخدمة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، ونقص المستلزمات الأساسية، وخاصة الأسمدة، فضلا عن ارتفاع أسعار البذور، حيث مغلف 5 غرام بندورة يباع بـ 400 ألف، وسعر كيلو بذور الفجل وصل إلى 60 ألفا.

وفي الأسابيع الماضية وافقت الحكومة السورية، على استيراد 20 ألف طن من البطاطا المصرية، بشرط أن يذهب 5000 طن منها إلى صالات التجارية السورية، و3 آلاف طن للمصنعين، و12 ألف طن المتبقية من حصة السوق، لكن منذ وصول البطاطا المصرية المستوردة إلى سوريا، ارتفع سعرها في الأسواق، وتباع الكيلو حاليا بنحو 3000 ليرة سورية، حيث أرجع أغلب الفلاحين ذلك، إلى احتكار المادة من قبل التجار أنفسهم وغياب الدور التمويني الحكومي، بعد أن ضرب الصقيع محصول هذا الموسم.

وبحسب مصدر مطلع على السوق المصري، فإن سعر طن البطاطا في موانئ التصدير المصرية حاليا لا يتجاوز 250 دولارا، وتبلغ تكلفة نقلها نحو 40 دولارا، بينما السعر الإرشادي المحدد لاستيراد البطاطا إلى سوريا من مصر وصل إلى 500 دولار، وعلاوة على ذلك فإن أصحاب صفقة البطاطا المصرية البالغة 20 ألف طن استفادوا من التخفيض المدعوم.

وبالتالي يرى المواطنون أنه لا يوجد مبرر لهم لإعادة رفع السعر، حيث إن سعر البطاطا المصرية في لبنان يعادل 1400 ليرة سورية، رغم أن كلف الاستيراد بين لبنان وسورياً من مصر متقاربة جدا.

يذكر أن العوائل السورية تحتاج إلى نحو مليون إلى مليون ونصف المليون أي حوالي 300 دولار شهريا، لتغطية احتياجاتها الأساسية، فيما يتراوح متوسط ​​رواتب السوريين في القطاعين العام والخاص بين 100 ألف و 260 ألفا، أي حوالي 64-30 دولارا شهريا.

قد يهمك: زيت دوار الشمس في سوريا “معزوز”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.