منذ مطلع شهر نيسان/أبريل الجاري، توقفت الأمطار في منطقة الجزيرة شمال شرقي سوريا، مما تسبب جفاف السماء بخسارة الأرض لخضارها وتضرر الموسم البعلي بشكل شبه تام، وهو مايثير مخاوف الناس من تفاقم أزمة الخبز في قادم الأيام.

وأعرب مزارعون في منطقة الجزيرة السورية، عن مخاوفهم من خسارة الزراعة البعلية وتضرر الموسم وسط توقعات بقلة الإنتاج للموسم الحالي نتيجة الجفاف وقلة الدعم الزراعي وتأخر توزيع مخصصات المازوت.

وقال أيمن علو، وهو مزارع بريف الدرباسية، لموقع “الحل نت”، إن نحو 150 دونم (15 هكتار)، لموسمه البعلي من البقوليات تضرر بشكل شبه تام.

وأضاف علو، أن لديه أيضا نحو 200 دونما (20 هكتار) من موسم القمح، معظمه مروي، وقد توقف بعض الأيام عن الري بسبب تأخر “الإدارة الذاتية” بتوزيع مخصصاته من مادة المازوت في وقت توقفت الأمطار عن الهطول ودخول الموسم مرحلة الإثمار.

وأشار المزارع إلى أنه استلم فقط دفعتين من مخصصات المازوت (15 لتر لكل دونم)، مبينا أن الموسم المروي لازال يحتاج إلى الري لمرتين للوصول إلى مرحلة الحصاد، متوقعا إنتاجا منخفضا بسبب غياب الدعم وارتفاع أسعار المواد الزراعية كالأسمدة وغيرها.

في حين قال مزارع آخر، زنار أحمد، من ريف عامودا، لموقع “الحل نت”، إن زراعته فقط تعتمد على المروي، ويملك نحو 150 دونم (15 هكتار)، من موسم القمح.

مخصصات المازوت لا تسد حاجة الموسم من الري

وأضاف أحمد أن مخصصاته من مادة المازوت لا تسد حاجة الموسم لري محصوله وإشباعه بالحد المطلوب، مشيرا إلى أن تأخر توزيع المازوت ينذر بتضرر الموسم خصوصا في هذه المرحلة الحساسة من إثمار المحصول.

فيما اعتبر خبير ومهندس زراعي، أن مصير الموسم الزراعي خارج خط العشرة ومنطقة ديرك في منطقة الجزيرة شمال شرقي سوريا، باتت للرعي في ظل الجفاف وانقطاع الأمطار.

وقال المهندس الزراعي، عبد السلام حسن، في حديث لموقع “الحل نت”، إنه خلال هذه الفترة إن لم يسعف المطر الموسم سيتضرر بأكمله، واصفا الواقع الزراعي ب “المأساوي”.

وأضاف حسن، أن هذه المرحلة حساسة لموسم القمح كونه في مرحلة إثمار السنبلة، ويتحدد إنتاج المحصول على حجم السنبلة وامتلائها، مشيرا إلى أن الموسم الحالي يرتبط إنتاجه بالزراعات المروية والتي تعتمد على المازوت، ويؤثر تأخر توزيعها سلبا على الإنتاج.

“أزمة خبز” وسط توقعات منخفضة من إنتاج القمح

وحذر المهندس الزراعي من تفاقم أزمة الخبز في مناطق شمال شرقي سوريا، في ظل إنتاج منخفض من محصول القمح خلال موسمين متتاليين، متوقعا انخفاض الانتاج للموسم الحالي أيضا.

وشهدت مناطق شمال وشرقي سوريا تراجعا ملحوظا في جودة الخبز المدعوم خلال الفترة الماضية، وسط استياء سكان من رداءة نوعيته بعد خلط دقيق الذرة مع الطحين لإنتاج الخبز التمويني المدعوم من “الإدارة الذاتية”.

ومطلع كانون الثاني/يناير 2022، جددت هيئة الاقتصاد في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، التزامها بدعم مادة الخبز، معلنة أنها ستستورد كميات من القمح لسد العجز في احتياطي المحصول الاستراتيجي، وهو ما يعتبر سابقة في تاريخ المنطقة التي كانت مكتفية ذاتيا.

وحول تحديد الأسعار المناسبة للموسم الحالي، أشار المهندي الزراعي وهو أيضا خبير شراء سابق لدى مراكز “الإدارة الذاتية”، أن سعر شراء القمح للموسم الفائت والذي جاء بقيمة 37 سنتا للكيلو غرام الواحد، كان مناسبا وأعلى قيمة للشراء مقارنة مع دول الجوار.

ومنتصف أيار/مايو الفائت، حددت هيئة الاقتصاد والزراعة التابعة لـ “الإدارة الذاتية” في شمال شرقي سوريا سعر شراء محصولي القمح والشعير للموسم الزراعي لموسم 2021، بقيمة 1150 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد من القمح، والشعير بقيمة 850 ليرة للكيلوغرام الواحد”.

وقال الخبير الزراعي، إن تحديد هذا السعر مناسب للموسم الحالي أيضا أو بما يعادله بالليرة السورية، والتي وصلت قيمة سعر الصرف للدولار الواحد 3900 ليرة سورية.

دعما للمزارعين.. تسعيرة “تشجيعية” لشراء القمح

إلى ذلك قال مسؤول في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، الخميس الفائت، في حديث لموقع “الحل نت”، إن الإدارة ستلجأ لتحديد تسعيرة تشجيعية لمادة القمح لدعم المزارعين ودفعهم باتجاه توريد القمح للمراكز التابعة لها.

وبلغ مجموع مساحة الأراضي المروية المزروعة بالقمح في مناطق الإدارة الذاتية 300 ألف هكتار حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن هيئة الزراعة والري.

وقال محمد الدخيل، رئيس هيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية، إن الإدارة اتخذت إجراءات عديدة لدعم مزارعي القمح في مناطق شمال شرقي سوريا.

وفي العاشر من آذار/مارس الماضي، أصدرت الإدارة الذاتية قرارا سمحت بموجبه للتجار باستيراد الأسمدة من كافة المناطق وفرضت جمارك على إدخال المادة.

وفي الحادي عشر من كانون الثاني/ يناير 2022، رفعت الإدارة الذاتية، سعر مبيع السماد الأزوتي (يوريا) إلى 650 دولارا أميركيا للطن الواحد، بعد أن كان بـ 490 دولارا.

كما حددت سعر السماد الفوسفاتي بمبلغ 650 دولارا، للطن الواحد، بعد أن كان بـ 500 دولار العام الماضي.

وانخفضت إنتاجية موسم القمح خلال الموسم الماضي إلى أدنى مستوى لها خلال السنوات الثلاث الماضية، وفقا لتصريحات رسمية صادرة عن مسؤولين في الإدارة الذاتية.

وكانت مناطق شمال شرقي سوريا تنتج نحو 45 بالمئة من إنتاج سوريا من هذا المحصول الاستراتيجي حتى العام 2010 إلا أن الانتاج تراجع خلال سنوات الحرب بشكل كبير.

مشكلة انعدام الأمن الغذائي

وفي 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أشار تقرير نشرته منظمة “الفاو” إلى أن سوريا تمثل جزءا من مشكلة أكبر ألا وهي مشكلة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، حيث أكد التقرير بأن نحو ثلث السكان في منطقة الشرق الأوسط يعيشون حالة انعدام أمن غذائي، وذلك مع ارتفاع في نسبة الجوع التي وصلت إلى 91.1% خلال العقدين الأخيرين.

حيث شهدت سوريا في عام 2021 أخفض نسبة لإنتاج القمح منذ خمسين سنة وذلك بسبب القحط وارتفاع أسعار المواد والظروف الاقتصادية السيئة، وذلك بحسب ما ورد في تقرير نشرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، نهاية العام الماضي.

فقد هبط إنتاج القمح والشعير بشكل كبير خلال العام 2021، حيث نقص إنتاج القمح بنسبة 63 بالمئة عن إنتاج العام 2020 ليصل إلى 1.05 مليون طن انخفاضا من 2.8 مليون في عام 2020، أما إنتاج الشعير فقد توقف عند حد 10 بالمئة من معدلات الإنتاج خلال عام 2020.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.