عندما أصدرت الحكومة السورية نظام الأتمتة “البطاقة الذكية”، للخدمات العامة مثل الغاز والخبز والمازوت وبعض المواد الغذائية، وذلك لإتاحتها للمواطنين دون أي صعوبات أو الانتظار لفترات طويلة على دور الاستلام، أو عدم الإتجار بها من قبل البعض، حسب ادعاء الحكومة.

ولكن منذ صدور هذا النظام ازداد الأمر تدهورا وأصبح الحصول على أي مادة، أمرا بالغ الصعوبة. فمنذ الأشهر الماضية، تأخر توزيع اسطوانات الغاز بشكل كبير، وهذا يؤرق المواطنين، خاصة أن الغاز متوفر في السوق السوداء، لكن بسعر “خيالي”، إذ يصل سعر جرة الغاز الواحدة أكثر من راتب الموظف الحكومي.

التوزيع مرتبط بالكميات المتوفرة!

نشرت صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء، تقريرا أشارت فيه نقلا عن الشركة السورية لتخزين وتوزيع المشتقات النفطية “المحروقات”، إلى أن توزيع الغاز ليس مرتبطا بفترة زمنية، بل بالكميات المتاحة التي يتم توزيعها وفق دور عادل، وأنه مع توفر المادة واستمرار التوريدات ستصبح العملية أسهل وعملية التوزيع تستغرق وقتا أقل.

وتبرير الشركة “المحروقات” جاء على صفحة الخدمات الإلكترونية للشركة على منصة “فيسبوك” وذلك ردا على كثرة تساؤلات المواطنين حول سبب التأخر في توزيع مادة الغاز المنزلي.وفي هذا السياق، أفادت الصحيفة المحلية أن سعر الكيلوغرام الواحد من الغاز المنزلي ارتفع وسجل سعرا جديدا وصل إلى 16 ألف ليرة، فيما تراوح سعر أسطوانة الغاز في السوق السوداء بين 130 و 165 ألف ليرة للأسطوانة الواحدة.

في حين أوضح مصدر في جمعية معتمدي الغاز المنزلي للصحيفة المحلية، أن “الوضع في القطاع سيء، وأن الفترة بين وجبة وأخرى اتسعت لدى معتمدي الغاز لتتجاوز عشرين يوما للبعض، بينما أقصر مدة أصبحت 17 يوما حسب ارتباطات كل معتمد”.

وأشار المصدر إلى أن واقع توزيع الغاز في دمشق وريفها لا يتجاوز عشرين ألف أسطوانة في اليوم مقسمة بين الريف والمدينة، وهي بكل الأحوال لا تكفي حاجة الريف ولا حاجة المدينة مما يؤدي إلى إطالة فترة استلام الأسطوانة لتتراوح في الوقت الحاضر بين 80 و 90 يوما.

وخلصت الصحيفة في تقريرها، نقلا عن مصدر في “المحروقات”، إلى أن رئيس فرع دمشق وريفها أيمن ديوب، تقدم بطلب إعفائه وتكليف مساعده حسن البطل لتسيير شؤون الفرع حتى يتم تعيين مدير جديد.

الغريب أن هناك نقص في مادة الغاز في المؤسسات الحكومية ولكنه متوفر في السوق السوداء، لذلك يتساءل المواطنون اليوم، كيف يصل الغاز الى السوق السوداء بينما لا يتوافر لدى الحكومة، وأين دور الرقابة والتموين في الحد من هذه الظاهرة، وعدم استغلال جيوب المواطنين الذين لم تعد رواتبهم تتجاوز عتبة المائة وخمسون ألف ليرة سورية.

فضلا عن أن تكاليف معيشة العائلة الواحدة في سوريا ارتفعت لتصل نحو مليون ونصف المليون ليرة سورية شهريا، بسبب ارتفاع أسعار منتجات الطاقة “الغاز والمازوت والبنزين والكاز” والمواد الغذائية وتدهور اقتصاد البلاد عموما.

قد يهمك: سوريا.. الغاز يُسرق من الأسطوانات بطريقة احتيالية

“البابور المعدّل” بديلا عن الغاز

في ظل تأخر وصول رسائل استلام الغاز المنزلي والصناعي في جميع المحافظات السورية، وغياب شبه دائم للكهرباء، فقد عاد “بابور الكاز” إلى الواجهة بديلا عن الغاز للطبخ لدى العديد من سكان محافظة اللاذقية وغيرها.

بات العديد من أهالي محافظة اللاذقية يستخدمون “البابور المعدّل” في ظل عدم توفر مادة الغاز. وقال أبو محمد صاحب محل الفلافل لموقع “أثر برس” المحلي، قبل أيام، إنه يستخدم “بابور المعدّل”، وكلمة معدل تعني نوعية الوقود ويستخدم كبديل للكاز غير المتوفر، بالإضافة إلى بعض التغييرات في تصميم “البابور” التي تجعل أدائه أفضل بكثير، وفقا لأبو محمد.

وعزا أبو محمد ذلك للموقع الإعلامي قبل أيام، إلى “اختفاء مادة الكاز اللازمة لتشغيل “البابور”، لذا نلجأ إلى الاستعانة عنها بمادة المازوت مع إضافة كميات قليلة جدا من البنزين لنتمكن من إشعاله”.

وفي السياق ذاته، قال عبد الله وهو عامل في أحد محال بيع الحمّص والفول في اللاذقية: “نلجأ لاستخدام “البابور” عند الضرورة فقط، وذلك بعد نفاد أسطوانات الغاز الموجودة في المطعم”.

فيما أكدت سعاد وهي ربة منزل وأم لأربعة أولاد أن أسطوانة الغاز لا تكفي للطهي مدة طويلة، مما يدفعها إلى استخدام البابور للطبخ.أزمة الغاز في سوريا، والارتفاع الكبير في سعره يوما بعد يوم، وعدم قدرة الحكومة على ضبط هذه الأزمة، أجبرت العديد من السوريين على استخدام “البابور” بدلا عن الغاز، في الطبخ سواء عبر استخدام الكاز الذي يبلغ سعر نصف اللتر منه 5 آلاف ليرة، أو مزج البنزين مع المازوت.

وخلال الفترة الماضية، وبعد أن تفاقمت أزمة الغاز في البلاد، لجأت نسبة كبيرة من السوريين إلى استخدام “البابور” الذي كان قد تحول وجوده إلى أداة تقليدية فقط، ويُعرض في بعض المحال المتخصصة في بيع “الأنتيكا”. وكذلك في بعض المطاعم كمكملات الديكور، ولكن يبدو أن الأزمات المتتالية في سوريا ستعيد المواطنين إلى العصور القديمة الأخرى وتبعدهم عن الراحة ومواكبة التطور الحاصل في العالم.

قد يهمك: غياب الغاز والكهرباء بسوريا.. بابور كاز معدّل لتحضير الطعام

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.