“الأربعاء يوم فاضل، خلقه الملك فخر الدين من العشق والقلب، لم يعرف للراحة والغفلة معنى حينها، الأربعاء يوم دون حساب، وهذا الجواب جاء من الملائكة، تفتح فيه أبواب الخير من الشروق إلى الغروب”. ترنيمة إيزيدية

يحتفل الإيزيديون، اليوم، بمناسبة حلول عيد رأس السنة الإيزيدية 6772، والذي يعرف بـ “سرى سالى”، وهو يحل في أول يوم أربعاء من شهر نيسان/ أبريل في كل عام، حسب التقويم الشرقي الذي يتأخر عن نيسان/ أبريل التقويم الغربي بـ 13 يوما.

ويجتمع الإيزيديون في العراق وسوريا وتركيا وإيران وبعدد من الدول الأوروبية، بمناسبة هذا اليوم، لممارسة طقوسهم الدينية المتنوعة، التي تعود أصولها إلى زمن الأكاديين والبابليين والآشوريين.

ويسمى يوم الأربعاء الذي يحتفل به أتباع الديانة الإيزيدية بمناسبة رأس السنة الجديدة، بـ “الأربعاء الأحمر” أو كما يسمى بالكردية “جارشمبا سور”، فما قصة “الأربعاء الأحمر”؟

بحسب الكتاب المسمى “السبقة”، وهو أحد أهم المراجع الإيزيدية، فإنه سمي بـ “الأربعاء الأحمر”؛ لأنه في مثل هذا اليوم ضخ الرب الدم في جسم ” آدم” فاكتمل اللحم عليه وجرى الدم في جسده، وبعثت الحياة على كوكب الأرض.

في “الأربعاء الأحمر”، يأتي فصل الربيع، وتنمو فيه الزهور والورود بكل الألوان والأشكال، وخاصة شقائق النعمان المعروفة بلونها الأحمر القانئ، لذلك يتزين الإيزيديون بها ويزينوا منازلهم بها، ويطلق عليها اسم زهرة نيسان.

“عروس السنة”

وفق المعتقدات الإيزيدية، فإن الله انتهى من خلق الكون في الأربعاء الأول من نيسان/ أبريل، لذا وُصف ” الأربعاء الأحمر” بيوم الخليقة. وتحضيرا ليوم العيد، يبدأ الرجال والنساء بعصر الزيتون في “معبد لالش” بقضاء سنجار شمالي العراق، الذي يعد قبلة الإيزيديين في صباح العيد، ويشعلون 365 قنديلا بعدد أيام السنة، مستخدمين زيت الزيتون النقي.

ويبدأ الشباب ومعهم الشابات بتلوين 12 بيضة مسلوقة، وتلون كل 3 بيضات بلون فصل من فصول السنة، وتوضع في طبق في مركز المنزل، والبيضة عند الإيزيديين ترمز إلى كروية الأرض، وسلق البيض هو إشارة إلى تجمد الأرض، وقشرة البيضة بعد سلقها رمز إلى ذوبان طبقة الجليد عن وجه الأرض، أما ألوان البيض الزاهية فتدل على الربيع وبداية الحياة.

قبل يوم من عيد رأس السنة الإيزيدية، أي الثلاثاء، يخرج الناس لزيارة قبور موتاهم حاملين معهم جميع أنواع الفاكهة والحلويات لتوزيعها على الأطفال والفقراء.

للقراءة أو الاستماع: الذكرى السادسة للإبادة الإيزيدية.. مأساة الأَمس تُحاكي اليَوم

وفي “الأربعاء الأحمر”، تُمنع حراثة الأرض، لتقوم الطبيعة بدورها في تفتح البراعم والزهور، وفق الطقوس والمعتقدات الإيزيدية.

ويتجنب الإيزيديون الزواج في شهر نيسان/ أبريل؛ لأنهم يعتقدون أن ذلك سيجلب النحس إلى حياتهم، فهذا الشهر في معتقدهم هو “عروس السنة” التي لا تضاهيها العرائس.

للقراءة أو الاستماع: الأقلية الإيزيدية في العراق.. أول إنصاف قضائي وهذه أحوالهم اليوم

4 أعياد في “الأربعاء الأحمر”

للإيزيديين ارتباط مهم مع “الطاووس”؛ لأنهم يعتقدون أن “طاووس ملك” (رئيس الملائكة) بُعث من قبل الرب إلى الأرض الجرداء ليبعث فيها الحياة من ماء وتراب، وتزدهر بها الألوان، وكان ذلك في يوم الأربعاء، حسب ديانتهم.

ويعتبر الإيزيديين عيد “سرى سالى” من أقدم الأعياد على الأرض قاطبة؛ لأن هذا العيد مرتبط بالحياة و الخصوبة والخليقة.

للقراءة أو الاستماع: بحلول عيد رأس السنة الإيزيدية: جهودٌ لتحويل سنجار إلى محافظة

ويعد “الأربعاء الأحمر”، احتفالا بأربعة أعياد متقاربة من حيث المعنى بحسب الديانة الإيزيدية. العيد الأول هو انفجار الذرة البيضاء من صرخة الرب، وتكون منها التراب والماء والهواء والنار المقدسة لبدء الكون.

العيد الثاني هو “غليان الأرض”، ثم تجمدها وتكوينها واخضرارها، وهذا ما تظهره عملية غليان البيضة ثم تبريدها ثم تلوينها.

للقراءة أو الاستماع: في ذكرى الإبادة: كتابٌ جديد يُوثّق تجربة الناجية الإيزيدية “ليلى تَعلو”.. هذه حكايتها

أما العيد الثالث فهو “عيد الخليقة”، وذلك عندما خلق أول كائن حي “آدم”، وضخ الدم الأحمر بجسده، والعيد الرابع هو “عيد الخصوبة”، عندما تخصبت أول بيضة لإعادة تكوين أول كائن حي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.