مع حلول عيد الفطر، وعلى الرغم من رغبة العديد من المواطنين السوريين في السفر إلى محافظاتهم مستغلين العطلة الطويلة، إلا أن جملة من الأسباب حالت دون ذلك، وفضل العديد منهم إلغاء خططهم، والبقاء في المنزل لتجنب تكاليف السفر الباهظة للغاية، سواء كان السفر بالسيارة أو بالطائرة، وسط أزمة مواصلات خانقة تسببت بها نقص الوقود.

مليون ليرة للرحلة

القاطنون في العاصمة دمشق، لم يتوقعوا أن تكلفه الرحلة إلى دير الزور لرؤية أسرهم وأقاربهم ما يقرب من مليون ليرة سورية ذهابا وإيابا، وهو مبلغ كان سيكفي لشراء سيارة قبل الأزمة.

موقع “هاشتاغ” المحلي، نقل أمس الاثنين، عن أحد المواطنين قوله، إنه اضطر إلى بيع قطعة ذهب من مجوهرات زوجته، ليدفع هذا المبلغ لرحلة من دمشق إلى دير الزور، إذ سيسافر مع زوجته وثلاثة من أطفاله في حافلة عادية بدلا من سيارة أجرة.

أما ماهر، وعلى الرغم من أنه ميسور الحال، إلا أنه يرفض فكرة امتلاك سيارة خاصة، وقال “اتفقت مع سيارة أجرة ستأخذني من دمشق إلى منزل عائلتي في حلب مقابل نصف مليون ليرة سورية ذهابا ونفس المبلغ عند العودة”. معتبرا أن هذه الأسعار أمر منطقي في ظل وجود صعوبات تعترض السائقين عند تأمينهم البنزين، لاسيما وأنهم يشترونه بأسعار مرتفعة من السوق السوداء، ناهيك عن ارتفاع تكاليف الإصلاح.

حاليا في سوريا، المواطنون الذين يمتلكون سيارات خاصة غير مؤهلين بشكل أساسي للحصول على الوقود المدعوم التي توفرها البطاقة الذكية بالسعر المخفض. وإذا أرادوا السفر، فسيتعين عليهم شراء البنزين من السوق السوداء بأسعار باهظة، فلتر البنزين يكلف اليوم أكثر من 7000 ليرة سورية. 

ومع بدء إجازة العيد، ووفقا للموقع، توقفت حجوزات شركات السفريات الداخلية منذ أيام قليلة، ولا توجد مقاعد شاغرة، ومن تمكن من الحجز استطاع السفر، أما من لم يتمكن، فحجوزات الباصات الصغيرة “الفانات” ليست في أفضل حالاتها، سواء كان ذلك من حيث مقعد الجلوس، أو أجرة النقل، حيث أصبحت التعريفة أعلى بثلاث مرات في حالة وجود مقعد فارغ.

للقراءة أو الاستماع: سوريا.. قفزة كبيرة في أسعار بنزين السوق السوداء

العيد في البيوت

العديد من المواطنين الذي يعيشون في المحافظات السورية بسبب أعمالهم، تخلوا عن فكرة السفر نحو مسقط رأسهم، بسبب ندرة الوقود بجميع أنواعه، وما يحصلوا عليه بالسعر المدعوم لا يكفي للتنقل سوى كيلو مترات معدودة، إذ ذكر أحدهم، أنه عرض عليه تأمين 20 ليتر من البنزين بسعر 250 ألف ليرة سورية، ونتيجة لذلك اختار هو وعائلته قضاء عطلة العيد في المنزل.

كما ساهمت أزمة الوقود بتعطل العديد من الرحلات، فالموقع نقل عن إحدى المواطنات قولها، إن مالك الحافلة التي اتفقت معها على نقلها إلى منزل عائلتها قبل العيد بثلاثة أيام، اتصل بها واعتذر عن إلغاء الرحلة، لأنه لم يستطع تأمين وقود للحافلة ، مضيفة “إما أن السائق صادق ولا يمكنه العثور على المازوت، أو وجد ركابا دفعوا له أكثر مما دفعته”.

عضو المكتب التنفيذي لقطاع المحروقات والثروة المعدنية في محافظة ريف دمشق، ريدان الشيخ، أكد للموقع، أن جميع وسائط النقل العام، بما في ذلك الحافلات المنتقلة بين المحافظات، تستقبل مخصصات الوقود الخاصة بها دون نقص كبير، مشيرا إلى أن العدد من طلبات تعبئة خزانات النفط لم تتغير حتى الآن، وأنه يتم تلبية 9 طلبات يوميا في جميع أنحاء المحافظة، وهي تتعارض مع ادعاءات وروايات السائقين.

قد يهمك: بنطال جينز بـ90 ألف في سوق الألبسة السورية.. ما علاقة الكهرباء؟

أجور النقل تؤثر على الأسعار

قبل نحو ثلاثة أشهر، الحكومة السورية سحبت الدعم من شرائح كبيرة من السوريين، وهو ما أثر بشكل كبير على الأوضاع المعيشية في سوريا، ومن ثم جاءت تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا وزادت من تفاقم الأمر في سوريا، وظهر ذلك جليا خلال الأشهر الماضية وحتى الآن، نتيجة الارتفاع “الجنوني” بالأسعار.

إذاعة “شام إف إم” المحلية، نشرت تقريرا لها، الأربعاء الفائت، مثالا آخر عن تأثير الوقود على ارتفاع الأسعار، وقالت: “أيضا أبسط من المثال السابق، عمليات نقل المنتجات بين المحافظات التي ارتفعت أجورها بشكل كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، أيضا انعكس سلبا على الأسعار النهائية للمستهلك”.

وتابعت الإذاعة المحلية، “كما إن تراجع جودة الاتصالات الخلوية وبطء خدمات الإنترنت لهما آثار سلبية على عمل الكثير من المواطنين، وأداء العديد من القطاعات الاقتصادية والخدمية”، أي تراجع الإنتاج المحلي عموما.

الجدير ذكره، أن الأزمة المستمرة منذ أعوام، لم تجد لها الحكومة حلولا سوى انتظار البواخر القادمة من طهران وروسيا، ما أدى إلى خلق سوق موازية تضارب في أسعار الوقود، وتتاجر بأحلام المواطنين، ومؤخرا وقبيل عيد الفطر أدت سياسة الحكومة إلى صعود كبير لسعر بنزين “السوق السوداء” في حلب بعد إغلاق محطة كانت توفره.

للقراءة أو الاستماع: نقص المازوت والبنزين السبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار بسوريا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.