بينما يعاني القطاع الصحي من حالة يرثى لها في سوريا، لا سيما على صعيد البنى التحتية وهجرة أعداد كبيرة من الأطباء إلى خارج البلاد نتيجة الحرب وسوء الأحوال المعيشية في البلاد، فإن القطاع الصحي يشهد حالة من التدهور والفوضى من جهة أخرى في ظل غياب الرقابة وتشديد الحكومة وانتشار المحسوبية والفساد في المؤسسات الحكومية.

إزاء ذلك انتشرت حالات من الفوضى في تسعيرة “الكشفيات” مؤخرا، فضلا عن وجود أطباء “مزيفين” يمارسون مهنة الطب بشهادات مزورة، واليوم نسمع عن تفشي “التصيدل” في محافظة اللاذقية، أي أن صيادلة يقومون بتأجير شهاداتهم لأشخاص ليست لهم علاقة بمهنة الصيدلة ممن لم يجدوا فرص عمل، أو لعدم وجود رأسمال لفتح صيدلية.

تفشي ظاهرة “التصيدل”

صحيفة “تشرين” المحلية، نشرت تقريرا اليوم السبت، ذكرت فيه، نقلا عن صيدلانية من محافظة اللاذقية، “يستأجر شخص شهادة الصيدلية من أحد الخريجين، ويقوم بفتح الصيدلية على اسم الصيدلاني الأساسي ويمارس المهنة من دون علم أحد”، وبيّنت الصيدلانية في حديثها للصحيفة المحلية، أن “هذه المشكلة سببها الأساسي الصيادلة أولا والنقابة ثانيا”.

وأضافت: “المتصيدل ” هو شخص لا يعلم شيئا عن الأدوية والأمراض والاستطباب و مضادات الاستطباب والتداخلات والجرعات وكيفية الإعطاء فهو لا يتعدى كونه شخصا متطفلا على المهنة ومن الممكن أن يبدل الأدوية حسب مصالحه، وفق توضيح الصيدلانية من أضرار انتشار هذه الظاهرة وسط غياب الرقابة الحكومية.

وأشارت في حديثها إلى “عدم اكتراث “المتصيدل” بصحة المريض وحياته في سبيل الاتجار بما لديه من المواد”.

وتابعت في الشرح للصحيفة المحلية، “من الممكن “للمتصيدل ” أن يبيع الدواء بسعر أقل من السعر الأصلي لعدم علمه بتعديل الأسعار الذي يطرأ بشكل دوري”، وأضافت أن “المريض يفاجأ بفرق السعر للدواء نفسه في غير صيدلية ما يسبب مشكلة وينظر المريض للصيدلاني على أنه نصب عليه وباعه بسعر أعلى”.

قد يهمك: الصومال تُدرّب الأطباء السوريين

تداعيات انتشار ظاهرة “التصيدل”

وفي سياق مواز، أشارت صحيفة “تشرين” المحلية في تقريرها حول تأثير ظاهرة “التصيدل” على بعض خريجي الصيدلة، على لسان إحدى الخريجات إلى أن “خريجي الصيدلة يرغبون بمزاولة المهنة إلا أن العديد من “المتصيدلين ” أخذوا أماكنهم في بعض الصيدليات”.

وأضافت إحدى الخريجات: “ناهيك بأن هناك بعض الصيادلة لا يستطيعون تحمل الدوام الكامل في الصيدلية، ولذلك يوظفون عندهم أشخاصا ليست لهم علاقة بالمهنة، وبهذه الطريقة يتم حرمان صيادلة من فرصة عمل و بالوقت نفسه يسمح لشخص ليست له علاقة بالمهنة بأخذ هذه الفرصة والإساءة للمهنة”، على حد وصفها للصحيفة السورية.

من جانبه، أضاف أحد الصيادلة بعض الأمثلة، ” مثلا كشخص بحاجة لدواء للضغط و طلب من “المتصيدل ” الدواء الموصوف من الطبيب ولعدم وجود الدواء نفسه قام بتبديله بدواء بغير المادة الفعّالة، والدواء الذي أعطاه للمريض شارفت مدة صلاحيته على الانتهاء، ويريد التخلص منه”، مشيرا أيضا إلى قيام ” المتصيدل” بوصف دواء لمرضى يشرحون له أعراضا يشعرون بها من دون مراجعة طبيب.

وأكد على أن “التشخيص وإعطاء دواء خاطئ قد يفاقمان الحالة المرضية”، في إشارة إلى خطورة انتشار “المتصيدلين”.

أما محمود شبار نقيب صيادلة اللاذقية أوضح لصحيفة “تشرين”، إن “ظاهرة “المتصيدلين” ضعيفة في المحافظة، صحيح أن هناك عددا ممن يعملون بهذه الطريقة لكن هذا العدد قليل، وتتم ملاحقتهم من اللجان المختصة في كل من نقابة الصيادلة ومديرية الصحة، إضافة إلى لجان مشتركة بين مديرية الصحة ونقابة الصيادلة التي تقوم بجولات دائمة”، وفق قوله.

الأطباء المزيفون

منتصف الشهر الفائت، كشف رئيس فرع نقابة الأطباء في ريف دمشق خالد موسى، في تصريحات صحفية سابقة، عن إحالة بعض الحالات لأشخاص مارسوا مهنة الطب بعد أن تبين أنهم ليسوا أطباء أمام القضاء، مبينا أن هذه الحالات قليلة جدا، وفق تعبيره.

وأضاف موسى لصحيفة “الوطن” المحلية، وقتذاك، “من بين الحالات التي تم ضبطها، وجود شخص يمتهن المعالجة الفيزيائية وهو لا يحمل شهادة في هذا التخصص”.

وأشار موسى إلى أنه “تم القبض على شخص آخر لأنه حاصل على شهادة معهد في مجال المعالجة الفيزيائية ولكنه افتتح عيادة خاصة له كطبيب لسنوات، وبعد ذلك اكتشف أنه ليس طبيبا”. مبينا أن بعض هذه الحالات تم كشفها من خلال شكاوى المرضى التي وردت إلى فرع النقابة، وبعد التدقيق تبين أنه ليس طبيبا.

وحول كيفية الكشف عن حالات تزوير البطاقات التي يحصل عليها الطبيب من النقابة المركزية، أوضح موسى للصحيفة المحلية، أن المعلومات تشير إلى أن حالات تزوير من المنطقة الشرقية، كشفت عن أن بطاقة تم كشفها كانت موقعة من رئيس فرع دمشق ويحمل اسم نقيب ريف دمشق، غير أن البطاقة الصحيحة تكون موقعة من الرئيس المركزي للنقابة وليس من قبل رئيس فرع النقابة، وفق تعبيره.

وفي وقت سابق كشف نقيب الأطباء بدمشق، لوسائل إعلام محلية، عن وجود نقص بعدد الأطباء في كثير من الاختصاصات كالنفسية والعصبية، وخاصة خلال الفترة السابقة، وأضاف أن عدد أطباء التخدير قليل بسبب الحاجة لطبيب التخدير للتدخل في اختصاصات كثيرة أخرى، حيث لا يمكن إجراء أي عمل جراحي أو تصوير للأطفال دونه.

ويبلغ عدد أطباء التخدير المسجلين بفرع دمشق 245 طبيبا، وتخلى عن عمله 41 طبيبا، وما تبقى موزعون على القطاعات الطبية المختلفة.

حيث فرضت ظروف الحرب وما تبعها من انهيار اقتصادي في سوريا، أوضاعا جديدة أدت إلى سعي السوريين للبحث بشتى الوسائل عن فرص للعمل لتحسين أوضاعهم المعيشية، سواء كان ذلك في سوريا أو خارجها، وأيا كانت شروط العمل التي تعتبر غير مقبولة فيما لو كانت أوضاع السوريين الاقتصادية على طبيعتها.

قد يهمك: الكشف عن قائمة جديدة من الأطباء المزيفين في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.