ما إن أطلق زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، بعد فوزه مباشرة بالحظ الأوفر بالانتخابات التشريعية، مشروع حكومة “الأغلبية الوطنية”، حتى ارتفعت أصوات القوى السياسية التي تملك أذرع مسلحة مدعومة من إيران، بالضد منه.

حالة الرفض ازدادت أكثر بعد أن عقد الصدر تحالفا مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، وتحالف “السيادة” الذي يضم معظم القوى السنية، إضافة إلى اشتراطه حصر السلاح بيد الدولة والخروج من كنف المحاصصة.

https://twitter.com/janabisuha/status/1524041463012769795?s=21&t=Ywpcv0QN2zpUUJkPOi10KQ

اقرأ/ي أيضا: هكذا تحرج “الميليشيات الولائية” المشهد السياسي بالعراق وتخدم طهران

حراك غير مسبوق

مثل حراك الصدر سابقة في المشهد السياسي في العراق، وذلك على أقل تقدير منذ العام 2010 حيث انتهى أخر تكتل سياسي عابر للمكوناتية والطائفية، ليشرع هذه المرة الصدر بالخروج من دائرة البيوتات الطائفية والاقتراب من الرغبات الجماهيرية، من حيث رفع شعار الإصلاح وانهاء الفساد وغيرها من الوعود.

وليس ذلك فحسب، إذ جرت العادة في تشكيل الحكومة العراقية، أن يختار الشيعة من بينهم رئيسا للحكومة، مقابل اختيار السنة رئيسا لمجلس النواب، والأكراد ينتخبون من بينهم رئيسا للجمهورية، ويأتي ذلك ضمن عرف سياسي عرفه العراق ما بعد 2003، يقضي بتوزيع الرئاسات الثلاث بين المكونات الثلاث الأكبر في البلاد على ذلك النحو.

وعلى الرغم من أنه ظاهريا، يجري الحديث عن أن اختيار الرؤساء يتم دون محاولات تدخل المكونات فيما بينها أو تأثير مكون على رغبة آخر، إلا أنه في الحقيقة يجري ذلك منذ العام 2005، ضمن تأثير الشيعة والأكراد بشكل كبير، وسط خلق حالة من التوازانات فيما بينهم.

ودستوريا، عملية تشكيل الحكومة تمر بثلاث مراحل، تبدأ بالمرحلة الأول ما بعد انتهاء الانتخابات التشريعة، حيث يتم اختيار رئيس للبرلمان، ومن ثم يحدد الرئيس موعدا لانتخاب رئيس للجمهورية بمدة لا تتجاوز الـ30 يوما، ليقوم بدوره رئيس الجمهورية بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكبر في البرلمان بتشكيل الحكومة.

وعملية انتخاب رئيس البرلمان تتطلب تصويت أغلبية أعضاء المجلس، فيما يشترط الدستور في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية حضور ثلثي أعضاء المجلس أي 220 نائبا من أصل 329، وبالتالي هذا ما لا تملكه المكونات منفردة بحد ذاتها من عدد، ما يحتم عليها خلق توازنات مع الأطراف الأخرى ما يضع كل منها أما خيار تبادل المصالح.

وهذا ما تلتمس فيه القوى المقربة من إيران، بأن في مشروع الصدر خطر على مستوى تماسك البيت الشيعي، بالتالي ما ينعكس على اختيار رئيس الحكومة وخروجه من عباءة المكوناتية، ما دفعها لتشكيل جبهة معارضة لمشروع الأغلبية مستغلة عدم تفاهم البيت الكردي حول مرشح رئاسة الجمهورية، وتعطيل عملية تشكيل الحكومة منذ 7 أشهر بالتمام والكمال على الانتخابات التشريعية، بحسب مصدر سياسي.

اقرأ/ي أيضا: مبادرة لتجميد “الميليشيات الولائية” العراقية: هل تنجح؟

مشروع إيران

وقال المصدر في حديث لموقع “الحل نت”، طالبا عدم الكشف عنه اسمه، أن “منصب رئيس الجمهورية وكما هو معروف عنه منصبا فخريا، كما أن منصب رئيس البرلمان هو منصب تشريعي محدود الصلاحيات، بالتالي أن منصب رئيس الحكومة هو المنصب الذي بموجبه تمضي البلاد، وهذا ما لا تريد القوى المقربة من إيران فقدانه”.

إذ يعني أن، “الإتيان برئيس وزراء لا يخضع لاشتراطات القوى الموالية لإيران وأذرعها المسلحة، قد يمثل فرصة لعودة العراق إلى حجمه الطبيعي واستقراره السياسي، وبالتالي هذا ما لا يخدم أجندة طهران التوسعية، ولهذا نجد القوى الموالية لها تعمل بكل ما وسعها للحفاظ على هيكل النظام السياسي المتهالك ومسلوب الإرادة”، وفقا للمصدر.

ولفت إلى أنه “كل من يفقه بالعمل السياسي، يعرف أن رئيس الحكومة في العراق هو صاحب الصلاحية شبه المطلقة، وأن خضوعه لإرادة القوى التي تملك سلاحا مدعوما إيرانيا، أو قد تسلم المنصب عن طريقهم، يعني أنه يخضع لإرادتها بشكل كامل، ما يتيح لها ويضمن لها نفوذها وهيمنتها على المناصب الحساسة التي تدير من خلالها اقتصادياتها، وتتتحكم بمصير البلاد والعباد”.

بالتالي أن، “طهران عندما توفر الدعم السياسي والمادي، وغيره من الأمور اللوجستية والتدريبية للمليشيات، هذا لا يعني أنه مجانا، فبكل تأكيد إنها تسعى من خلال ذلك إلى مشروع معين”، كما يرى المصدر.

ويردف بالقول: “من الطبيعي أن وجود رئيس وزراء يحمل حسا وطنيا ويريد مصلحة العراق أولا، وجوده لا يخدم الرؤية الإيرانية، بل ويقوض ذلك النفوذ، بالتالي أنها مستعدة للدفاع عن مشروعها الذي عملت عليه منذ 2003 وحتى الآن، ولذلك نجد من حين إلى آخر أن وكلاءها يلوحون في حرق البلاد فيما إذ شعروا بالخطر”.

واستدرك أن “هذا الحديث على مستوى المعادلة السياسية، في حين هناك جنبة أخرى تتعلق بالثراء الفاحش للشخصيات التي تخدم مشروع إيران، وعناصر المليشيات، فأن الفوضى وانعدام القانون الذي يحرصون على استدامته، وفر لهم الكثير من الامتيازات التي كانوا يحلمون بها، بالتالي هم بعرفون أن الوصول إلى عراق مستقر يعني تجريدهم من كل شيء ومحاسبتهم، وهذه قضية معقدة ربما لا احد يقتنع بها لكنها حقيقة”.

كما أن، من ضمن أولويات المليشيات هي الحفاظ على السلاح، الذي يمثل مصدر قوتها، والتي تعلم جيدا أنه في حال فقدانها ذلك السلاح هذا يعني أنهم سينتهون ملاحقين ومطلوبين للقضاء، ودون أي وجاهة مجتمعيا أو وزن سياسي، لاسيما بظل النقمة الشعبية على ما تسبب به وجودوهم وسلاحهم، بالمقابل سيكون من الطبيعي أن أي مشروع يتمضن نوايا للقضاء على السلاح المنفلت فهم سيكونون ضده وبغض النظر عن شخصية الصدر”.

اقرأ/ي أيضا: الميليشيات الولائية تهدد الإمارات: جعجعة من دون طحين؟ 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.