لا تزال ظاهرة التخلي عن الأطفال منتشرة ومتنامية في سوريا، وتفاقمت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، حتى تحولت إلى جزء من الظواهر المنتشرة في المحافظات السورية. منذ بداية العام الجاري، تم تسجيل 38 حالة (بمعدل 7 أطفال في الشهر).

وعادة ما يتم رميهم أمام المنازل أو المساجد أو دور الأيتام، كما وأصبحت حوادث العنف ضد الأطفال أمرا معتادا للعديد من العائلات، تصل أحيانا إلى حد التعذيب الشديد والقتل.

تنامي الظاهرة

صحيفة “الوطن” المحلية، نشرت يوم أمس تقريرا لها، أفادت نقلا عن المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي، الدكتور زاهر حجو، أنه “تم توثيق 38 حالة عثور على أطفال صغار “لقطاء”، تخلى عنهم ذويهم، منذ بداية العام الجاري، بينهم 17 أنثى و21 ذكرا، (أي بمعدل نحو 7 أطفال شهريا تقريبا)”.

وأضاف حجو للصحيفة المحلية، أنه “عدد الأطفال الذين عثر عليهم في ريف دمشق بلغ 9 أطفال، وحلب 6 أطفال، ولم يتم تسجيل أي حالة مشابهة في القنيطرة، ولم يتطرق إلى باقي المحافظات الأخرى.

وفي السياق ذاته، قال موقع “أثر برس” المحلي في العاشر من آذار/مارس الفائت، أن سيدة دخلت إلى الجامع الأموي في دمشق، وكانت تحمل طفلة رضيعة، وبحجة أنها ستقوم بالوضوء لأداء الصلاة، تركت الطفلة لدى إحدى السيدات، وغادرت المكان دون أن تعود.

لم تكن حادثة الطفلة في الجامع الأموي هي الأولى من نوعها، بل تكرر حدوث مثلها بشكل كبير، لتصبح ظاهرة في المجتمع السوري بعد الحرب، والانهيار الاقتصادي والاجتماعي.

فلم تمض أيام قليلة على حادثة الطفلة في الجامع الأموي، لنسمع عن وجود ثلاثة أطفال متروكين ضمن مدخل بناء بالقرب من دوار كفر سوسة في دمشق، ليتم التعرف على والدهم من قبل الشرطة، ليؤكد أنه تركهم بسبب خلافات عائلية مع زوجته ومغادرتها المنزل منذ أكثر من عشرين يوما، بحسب ما تابع “الحل نت”.

كما وعُثر منتصف الشهر الأول من العام الجاري، في محافظة حماة على طفل عمره أقل من شهرين موضوع في أحد الأبنية ومعه ورقة مكتوب عليها “ابن حلال”، ونقلت صحيفة “الوطن” وقتذاك، عن المدير العام للهيئة العامة للطب الشرعي زاهر حجو تأكيده لوقوع الحادثة، مبينا أن الطفل يبلغ 40 يوما فقط وهو في صحة جيدة.

وهذه الحادثة أتت بعد أيام على حادثة الطفلة “روح” التي عُثر عليها على باب مشفى الأطفال في محافظة اللاذقية وتم تقدير عمرها بحوالي 10 أشهر.


ومنتصف شهر آذار/مارس الفائت، أفاد عضو المكتب التنفيذي لقطاع الصحة والشؤون الاجتماعية والدفاع المدني في محافظة دمشق، باسل ميهوب، لإذاعة “شام إف إم” المحلية، “أن الخط البياني المتعلق بوجود أطفال متروكين في الشارع لا يدل على وجود ازدياد، وخلال مدة شهر إلى شهرين تبين أن الحالة نقطية”، مشيرا إلى أن “الازدياد يعني تحول الحالة من سلوك إلى ظاهرة وإيجاد 4-5 حالات يوميا”.

وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة السيئة وغياب أي دور حقيقي للحكومة في وضع حد أو حل لمثل هكذا ظواهر، تتواصل التقارير الدولية حول مخاطر تفاقم المأساة الإنسانية والمعيشية في سوريا، نتيجة تراكم الأزمة التي يمر بها البلد منذ أكثر من عشر سنوات.

يذكر أن ظاهرة التخلي عن الأطفال، أمر شاع ذكره مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وغالبية الحالات التي كشف عنها سابقا كانت لأطفال حديثي الولادة غالبا، أو أطفال لم يتجاوزوا العام الواحد من العمر.

قد يهمك: وجدت طفلتها في دار الأيتام بعد فقدانها لـ6 شهور بدمشق

عقوبة “التخلي عن الأطفال”

وضمن سياق متصل، أوضحت مصادر قضائية لصحيفة “الوطن” يوم أمس، أن قانون العقوبات نص على عقوبات من يسيب أو يطرح ولدا ما دون السابعة من عمره من ثلاثة أشهر إلى سنة إذا سيبه أو طرحه في مكان غير قفر (والقفر أي المكان الذي لا يوجد فيه مارة) وفي حال كان المكان قفر شددت العقوبة من سنة إلى ثلاث سنوات، موضحة أن المادة 484 من القانون تضمنت أنه من طرح أو سيب ولدا دون السابعة من عمره أو أي شخص آخر عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة وإذا طرح الولد أو العاجز أو سيب في مكان قفر كان العقاب من سنة إلى ثلاث سنوات.

ولفتت المصادر إلى أنه إذا سببت الجريمة للمجنى عليه رضا أو أذى أو أفضت به إلى الموت أوخذ بها المجرم وفقا لأحكام المادة 190 من القانون في حالة الطرح أو التسيب في مكان غير مقفر إذا لم يكن قد توقع تلك النتيجة أو اعتقد أنه بإمكانه اجتنابها، مشيرة إلى أنه في حال كان المكان مقفرا يعاقب المجرم على المادة 188 وفقا ما نصت عليه المادة 485 من القانون.

وأوضحت المصادر أن الأب والأم اللذين يتركان في حالة احتياج ولدهما الشرعي أو غير الشرعي أو ولدا تبنياه سواء رفضا تنفيذ موجب الإعالة الذي يقع على عاتقهما أو أهملا الحصول على الوسائل التي تمكنهما من قضائه يعاقبان بالحبس مع التشغيل ثلاثة أشهر على الأكثر وذلك وفقا للمادة 487 من قانون العقوبات، وفقا لصحيفة “الوطن” المحلية.
وبحسب البيانات الواردة من المنظمات الدولية، أن قرابة 12 مليون ونصف المليون شخص، يواجهون انعدام الأمن الغذائي، كما أن أكثر من مليوني وربع المليون سوري يعانون انعدام الأمن الغذائي الشديد.

وبهذا فقد أصبح الوضع الاقتصادي في سوريا شديد الصعوبة خلال سنوات الحرب الأخيرة، خاصة في الأشهر الماضية، حيث شهدت الأسواق ارتفاعا حادا، وبالتالي زادت مظاهر الفقر بشكل واضح، لدرجة أنه بدأ بعض الناس في المحافظات السورية عموما بالتخلي عن أطفالهم وتركهم في الأماكن العامة، وقبل ذلك تم ضبط رجل مسن يأكل القمامة، فيما شوهد أحدهم يعرض كبده للبيع، وقصص أخرى كثيرة برزت، حاملة معاناة ومآسي السوريين، حيث لم تشهد سوريا هذه المشاكل من قبل.

قد يهمك: عقوبات لمواجهة ظاهرة “التخلي عن الأطفال” بسوريا.. ماذا عن الفقر؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.