الزيادات الحادة في أسعار المشتقات النفطية منذ بداية العام الجاري، في الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة في سوريا، نتيجة ارتفاع أسعارها عالميا بسبب الغزو الروسي على أوكرانيا، تسببت بمزيد من المعاناة للمدنيين، حيث رفعت دمشق أسعار المحروقات مرارا وتكرارا في السنوات الأخيرة بذريعة معالجة أزمتها المالية، والحديث عن زيادة جديدة في ظل ندرة الوقود داخل البلاد، سيكون له أثر سلبي على مجمل القطاعات في سوريا وخصوصا المواصلات.

وقود إقليمي رفع سعر التكلفة

كجزء من الزيادات المتتالية في أسعار الطاقة ومشتقات النفط، وبحسب مصدر في وزارة النفط والثروة المعدنية، فإن سعر مادتي البنزين والمازوت سيشهد ارتفاعا جديدا في السوق السورية، بسبب ارتفاع تكاليف تصنيع واستيراد المشتقات البترولية، حيث ارتفعت تكلفة تصنيع لتر واحد من البنزين أو المازوت إلى 4500 ليرة سورية.

بدوره أشار مدير التشغيل والصيانة في “شركة محروقات”، عيسى عيسى، خلال حديثه لصحيفة “البعث” المحلية، الأحد الفائت، إلى وجود عجز كبير في خزينة الدولة، نتيجة ارتفاع تكاليف إنتاج واستيراد المشتقات النفطية، مضيفا أن ارتفاع أسعار النفط إلى حوالي 112 دولارا للبرميل كان له تأثير على سوريا وكذلك على باقي دول العالم.

وأشار عيسى، إلى أن تكاليف تأمين المشتقات النفطية في سوريا ارتفعت، لأن ناقلي الوقود طلبوا زيادة تصل إلى 20 بالمئة من سعر المواد، وذلك بسبب المخاطرة الكبيرة التي تتحملها تلك ناقلات النفط التي تورد المادة لسوريا، معتبرا أن النفط تحول من داعم للخزينة العامة إلى مستنزف لها.

ونفى عيسى، انخفاض عدد طلبات التوريد لقطع الغيار، وأن عدد الطلبات يفوق الحاجة المحددة بنحو 3 ملايين برميل شهريا، لإبقاء مصفاة بانياس تعمل دون انقطاع، إلا أن الاستهداف المستمر للناقلات تسبب بانقطاع الإمداد لفترة طويلة.

وعن ناقلات النفط الإيرانية المفترض وصولها إلى سوريا، كشف عيسى، أنها “لم تتمكن من الاقتراب من المياه السورية، وتم حجز إحداها، ما أدى إلى انعكاس النقص على السوق المحلية، لذا قامت الحكومة باستقدام كميات من البنزين أوكتان 95 من دول الجوار لضخها في المحطات الخاصة بالمادة لضبط جموح السوق السوداء”.

غموض يلف مصير المدنيين

منذ 14 عاما لم تصل أسعار النفط العالمية إلى المستوى الذي وصلت إليه مؤخرا، وهو الأمر الذي ينذر بتأثر سوق المحروقات السوري، رغم الارتفاعات المتكررة في السوق المحلية، العام الماضي، دون أي مبررات سوى رفع الدعم الحكومي وترك المواطنين يواجهون غلاء الأسعار.

وفي نهاية الأسبوع الأول من شهر آذار/مارس الفائت، صعدت أسعار النفط الخام فوق 130 دولارا بالنسبة لبرميل برنت، مسجلا أعلى مستوى له منذ عام 2008، فيما صعدت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم أيار/مايو الجاري، بنسبة 12.1 بالمئة أو 11.3 دولارا، إلى 130.16 دولارا للبرميل. كما صعدت أسعار العقود الآجلة للخام الأميركي غرب تكساس الوسيط تسليم نيسان/أبريل بنسبة 10.33 بالمئة أو 8.9 دولارات إلى 125.85 دولارا للبرميل.

حالة من التخوف بتأثر أسعار المحروقات بالبلاد جراء الأزمة اﻷوكرانية، في ظل ارتفاع الأسعار العالمية، حيث يتزامن ذلك مع ترقب الشارع السوري من أزمة المحروقات بعد رفع الدعم الحكومي وتحرير أسعار المحروقات.

أبرز الارتفاعات خلال العام

أواخر العام الماضي 2021، رفعت الحكومة السورية، سعر لتر البنزين في زيادة رابعة خلال عام واحد، في خطوة رافقها رفع في تكلفة النقل والأعمال.

وأعلنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، آنذاك، “تحديد سعر المبيع للمستهلك من مادة البنزين الممتاز أوكتان 90 المدعوم المستلم على البطاقة الإلكترونية بـ1100 ليرة حوالي/30 سنتا أميركيا للتر الواحد”.

وبدأت الحكومة برفع أسعار البنزين منذ بداية العام الفائت حيث أعلنت في شهر كانون الثاني/يناير 2021 رفع سعر البنزين المدعوم 475 ليرة ارتفاعا من 450 ليرة.

وفي منتصف شهر آذار/مارس 2021، تم رفع سعر البنزين العادي المدعوم إلى 750 ليرة، وخصص لكل سيارة 100 لتر شهريا يتم توزيعها كل أسبوع لتجنب الازدحام أمام محطات الوقود.

كما تم رفع سعر البنزين غير المدعوم والذي يعرف بـ “الأوكتان”، ثلاث مرات خلال العام الفائت آخرها بداية شهر يوليو/تموز الماضي ليصل إلى 3 آلاف؛ بزيادة 500 ليرة.

هذا وتعيش سوريا في أسوأ أزمة اقتصادية، تشمل جميع القطاعات. بينما تقول حكومة دمشق إنها ترتبط بالعقوبات الغربية المفروضة عليها، حيث تشير التقديرات إلى أن الأمر لا يمكن فصله عن نتاج عشر سنوات من الحرب، حيث كانت كفيلة بتدمير معظم مقومات الاقتصاد، وخروج أخرى عن سيطرته لصالح أطراف نفوذ أخرى.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.