كانت سوريا ذات يوم من أكبر المصدرين للمكسرات الخضراء أو ما يعرف بالفستق الحلبي، التي تستخدم على نطاق واسع في الحلويات السورية، ويتم رشها على الآيس كريم في جميع أنحاء الشرق الأوسط، حيث أنتجت البلاد ما يصل إلى 80 ألف طن عام 2010، معظمها كان للتصدير إلى السعودية ولبنان والأردن وأوروبا.

في عام 2013، ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، كانت سوريا لا تزال رابع أكبر منتج للفستق الحلبي في العالم بعد إيران والولايات المتحدة وتركيا، لكن ظروف الحرب منعت الوصول إلى أفضل مناطق الفستق في سوريا في محافظات حماة وحلب وإدلب، مما أدى إلى انخفاض الإنتاج بأكثر من النصف، إلا إن هذا العام شهد عودة مزارعو الفستق الحلبي في سوريا إلى بساتينهم.

صمود شجرة الفستق يعزز انتشارها

كان هذا العام استثنائيا لمزارعي الفستق الحلبي، فحسب تصريح مدير الزراعة في حمص، يونس حمدان، لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، فإن هناك دراسة مقترحة لتوسيع زراعة الفستق في مناطق المحافظة الشرقية، وتحديدا من منطقة المخرم وما بعدها.

وأوضح حمدان، أن هذه المناطق غير مستثمرة زراعيا بسبب عدم توفير مستلزمات الزراعة للفلاحين، كما أشار إلى أن شجرة الفستق تعد من الأشجار المقاومة للجفاف، وتنمو وتزدهر في المناطق الماطرة، حتى لو بلغ الترسيب السنوي 250 مم فقط، كما يمكن لشجرة الفستق الحلبي في سوريا أن تعيش في أنواع مختلفة من التربة، ويمكن أن تتحمل كلا من درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة في الصيف والشتاء.

وأكد حمدان، على قدرة شجرة الفستق على تحمل ظروف الطقس القاسية، مبينا أنها تستطيع تحمل درجات حرارة مرتفعة تتراوح بين 40 و50 درجة في الصيف، ودرجات حرارة منخفضة تصل إلى 15 درجة تحت الصفر في الشتاء، كما أنها تحتاج إلى صقيع الربيع المبكر، حيث تحتاج إلى 700 ساعة من البرودة خلال فترة السكون ورياح خفيفة معتدلة خلال فترة الإزهار.

وشدد مدير الزراعة في حمص، على أن البيئة المناسبة لزراعة شجرة الفستق التي تنتج موسما وفيرا، هي تربة عميقة وخفيفة وجافة ونسبة عالية من كربونات الكالسيوم تتراوح بين 20 و25 بالمئة، وأن المناطق الشرقية من محافظة حمص تعتبر من أنسب المناطق لزراعة هذه الشجرة.

وحسبما قاله حمدان، فإن دائرة الزراعة تقوم حاليا بتقديم كافة المساعدات الفنية للفلاحين، بما في ذلك تقديم الاستشارات على مدار العام والمتابعة المستمرة حتى الحصول على الإنتاج النهائي، ورصد الحشرات والآفات والأمراض ومتابعة علاجها.

كيلو الفستق الحلبي بـ20 ألف

وعن المساحة الإجمالية المزروعة بالفستق في المحافظة، كشف حمدان، أنها تبلغ نحو 835 هكتارا، وأن إجمالي الأشجار في المحافظة يبلغ 214 ألف شجرة، منها 102 ألف شجرة مثمرة، حيث وصل حجم إنتاج الفستق الحلبي في المحافظة نحو 677 طنا في العام 2021.

وقال مدير زراعة حمص، إن كيلو ثمار الفستق الواحد يكلف بين 14 و20 ألف ليرة سورية، بينما كيلو الحبوب الكاملة (بما فيها القشر) يبلغ بين 7 و10 آلاف ليرة سورية، في حين أنه في الدول المجاورة، يبلغ سعر الكيلو ما بين 24 و26 ألف ليرة سورية.

وأشار إلى أن أرقام إنتاج الشجرة، تعتمد على زراعة ما بين 12 إلى 15 شجرة للدونم الواحد، بمعدل إنتاج يتراوح بين 100 إلى 110 كغم للدونم الواحد للأشجار التي يزيد عمرها عن 14 عاما.

ولفت إلى أن شجرة الفستق الحلبي في سوريا، تعتبر مصدر دخل جيد للمزارع وذات ربحية اقتصادية جيدة، ويمكن تصدير الفائض من الإنتاج لكونه مطلوبا في الأسواق الخارجية وهذا يشكل مورد للقطع الأجنبي.

الفستق الحلبي: تراث سوري وسوق مكتسب

يزرع الفستق السوري ويباع بشكل أساسي في حلب، حيث تعتبر المركز المركزي للفستق في البلاد، ومع ذلك، يزرع الفستق السوري أيضا في حمص وحماة وإدلب وبالقرب من مدينة السويداء.

كانت قرية مورك، وهي قرية صغيرة تقع على بعد 40 كيلومترا شمال مدينة حماة، في طليعة إنتاج الفستق في سوريا، فقبل الحرب، كان 95 بالمئة من مورك مغطاة بأشجار الفستق، مما جعل مورك يطلق عليها “مدينة الذهب الأحمر”، بسبب احمرار الفستق المزروع وربحيته الهائلة.

في حديث لـ”الحل نت”، مع أدهم العموري، مزارع الفستق الذي تقع بساتينه خارج مدينة مورك مباشرة، تذكر أن بلدته كانت ذات يوم تدعى أغنى قرية في سوريا، بعد إنشاء أسواق الفستق الحلبي بين عامي 1997 و1999.

وبحسب العموري، فقد احترقت خلال السنوات السابقة، أكثر من 5000 دونم مزروعة بأشجار الفستق، وتعرض ثمانية آلاف دونم أخرى لخطر الإتلاف، لأن المزارعين لم يتمكنوا من التخلص من الحشائش الطويلة، مما يعرض الأشجار لخطر الحرائق التي أشعلتها حرارة الصيف الشديدة في سوريا.

وأوضح العموري، أنه في مناطق إنتاج الفستق الحلبي الرئيسية في شمال حماة وحدها، فقد أكثر من 35 بالمئة من المزارعين وصولهم إلى أراضيهم، في حين تم قطع أكثر من 50 بالمئة من أشجار الفستق الحلبي بسبب الحرائق ومن أجل التدفئة في الشتاء.

ونظرا لجو الهدوء السائد في بعض أجزاء المحافظة، قال العموري، أنه منح بعض مزارعي الفستق الحلبي الوصول إلى أراضيهم، مما عزز الآمال باحتمالية إحياء هذه السوق الشعبية، والتي تعد إرثا سوريا ومكسبا للمزارع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.