تتصاعد حدة العمليات ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، بالتزامن مع التصعيد العسكري الذي تلوّح به روسيا في الشمال السوري، من خلال التعزيزات التي تدفع بها إلى المنطقة، وبشكل خاص إلى مطار القامشلي، والتي زادت منذ مطلع العام الحالي؛ إضافة لتهديد فصائل الجيش الوطني، المدعومة من تركيا، بالقيام بعملية عسكرية ضد قوات “قسد” شرقي الفرات.

وتنتشر “قسد” على أراض تتواجد فيها جميع القوى المتداخلة بالشأن السوري، مثل القوات الأمريكية والروسية والتركية والميليشيات الإيرانية، فضلا عن خلايا تنظيم داعش، وكذلك قوى محلية، مثل القوات النظامية، وفصائل المعارضة. وتسعى جميع هذه القوى لتحقيق مصالحها السياسية والأمنية والاقتصادية، باستغلال التناقضات فيما بينها، والاستفادة من تطورات الغزو الروسي لأوكرانيا، والاصطفافات الدولية التي واكبته، وخاصة تركيا، التي تريد توظيف ارتدادات الحرب الأوكرانية لتحقيق نفوذها ومصالحها على جبهة شمال شرق سوريا.

وضمن هذا الشرط المعقد تنوعت في الفترة الأخيرة العمليات ضد “قسد”، مثل الاغتيالات، التي تطال عناصر وقياديين فيها، أو مسؤولين وموظفين في الدوائر والمؤسسات المدنية التابعة للإدارة الذاتية، والعبوات الناسفة والانفجارات. وتشمل هذه العمليات كافة المناطق التي تسيطر عليها “قسد”، رغم تفاوت نسب تلك الحوادث بين منطقة وأخرى.

نشاط خلايا داعش شرقي الفرات

يتفق كل من المقدم عبد الله النجار، المنشق عن فرع الأمن السياسي في مدينة الحسكة، والناشط الصحفي عمر خطاب، في حديثهما لموقع “الحل نت”، على أن “العمليات ضد قسد تقف وراءها عدة جهات، ولكل جهة أهدافها الخاصة. ويقع في مقدمة هذه الجهات بقايا خلايا تنظيم داعش، الذي يعلن عن بعض تلك العمليات، عبر بيانات تنشر على المنصات المقربة منه، فيما لا يتبنى مسؤولية عمليات أخرى، لتداعياتها الخطيرة عليه، وخوفا من تعرضه للثأر من جهات محلية. ويهدف التنظيم، من وراء تلك العمليات، إلى إثبات وجوده، وأنه لا يزال فاعلا، ويشكل قوة حقيقية على الأرض. وأن قوات سورية الديمقراطية ما هي إلا حالة عابرة، ووجودها مؤقت، والسيطرة النهائية ستكون له. كما يهدف إلى زرع الرعب والخوف في نفوس الأشخاص العاملين في صفوف “قسد” والإدارة الذاتية، وكذلك المتعاونين معها استخباراتيا”.

ويلفت الناشط الصحفي عمر خطاب إلى أن “تنظيم داعش لم يتعرض في كل عملياته، التي نفذها في مناطق الإدارة الذاتية، لأي من عناصر القوات النظامية، الذين يتواجدون أحيانا شرقي الفرات، ويجاهر البعض منهم بتأييده للحكومة السورية”.

حكومة دمشق والعمليات ضد “قسد”

عمر الخطاب يؤكد أن “الجهة الثانية، التي تقوم بالعمليات ضد “قسد”، هي قوات الحكومة السورية، والأجهزة الأمنية التابعة لها، وخاصة الأمن العسكري والمخابرات الجوية، وكذلك الميليشيات الإيرانية. وذلك يتم من خلال التعاون مع أشخاص ينتمون بالأصل لمناطق شرقي الفرات، لكنهم يقيمون في مناطق غربي الفرات، حيث تسيطر الحكومة السورية، وأبرزهم هديف الهليل وبسام هاشم المسعود السطام وطارق المعيوف، وهؤلاء كانوا وراء مقتل عدد من وجهاء القبائل، والعناصر والموظفين المدنيين العاملين في صفوف قسد أو مؤسسات الإدارة الذاتية، بهدف إثارة الفتنة، وإشعال الثأرات بين القبائل والأهالي من جهة و”قسد” من جهة أخرى”.

ويرى الناشط الإعلامي أن “حكومة دمشق تهدف من وراء العمليات ضد “قسد”، وافتعال الاضطرابات الأمنية، إلى تقديم المناطق التي تسيطر عليها بوصفها نموذجا يسوده الاستقرار الأمني، وينعم بحرية الحركة ليلا ونهارا، بينما يعاني شرقي الفرات من الفلتان الأمني. وهذا الأمر صرح به أحمد الكزبري، رئيس وفد الحكومة السورية إلى اللجنة الدستورية، في أحد اجتماعات اللجنة”.

الدور التركي في العمليات ضد “قسد

من جهته يذكر الناشط “ح. ي”، الذي فضل الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، جهة ثالثة، قد تكون مسؤولة عن قسم من العمليات ضد قسد، هي “الدولة التركية وأجهزتها الأمنية”.

وتعتمد تركيا، بحسب الناشط، “على المعلومات التي يوفرها لها عناصر الفصائل السورية المعارضة، وقدرتهم على التواصل مع أقارب وأصدقاء لهم في مناطق سيطرة “قسد”، وتقصي أحوالهم، وتوظيف الخلافات الشخصية مع “قسد” ومؤسساتها، لتجنيدهم ضدها لاحقا. كما تقوم الاستخبارات التركية بزرع متعاونين معها في صفوف “قسد”، قاموا بتزويدها أكثر من مرة بعناوين مقراتها وحواجزها، وتحركات شخصياتها القيادية وعناوين مساكنها، وتوقيت خروج الدوريات ومحاور تحركها”.

قسد: “أطراف مختلفة تجند عناصر داعش ضدنا”

ليلى واشوكاني، القيادية في قوات سوريا الدّيمقراطيّة، تحدثت في وقت سابق عن العمليات ضد “قسد”، مشيرة إلى “زيادة ملحوظة للهجمات التي ينفذها عناصر تنظيم داعش، عبر استهداف القوّات العسكريّة والشَّخصيّات ذات التأثير في المجتمع”.

مقالات قد تهمك: إرهاب للمدنيين واغتيالات لقادة “قسد” وشيوخ العشائر: هل انتهت حقاً معركة شرق الفرات ضد تنظيم داعش؟

وقالت واشوكاني، في تصريحات صحفية، إن “المرتزقة يتلقون الدعم من جهات مختلفة، بهدف ضرب الاستقرار في المنطقة”. مؤكدة أن ما اعتبرته “صمود قوات سوريا الديمقراطية، أفشل مخطط إرهابيي داعش وداعميهم، كما أفشل جميع محاولات العبث بأمن واستقرار المنطقة، مما دفع بالنظام السوري والاحتلال التركي للجوء إلى تجنيد الخلايا الإرهابية، ومحاولة زعزعة استقرار المنطقة، من خلال استخدام المرتزقة في تنفيذ عدد من العمليّات الإرهابيّة، واستهداف القوات العسكرية”، حسب تعبيرها.

وأضافت أن “قوات سوريّا الديمقراطية تواجه تهديدات مختلفة ومستمرة من أطراف عدة، منها استخدام بعض الأطراف مرتزقة تنظيم داعش في تنفيذ عمليات إرهابيّة، أو التدخل المباشر من قبل الاحتلال التركي، إذ تتعرض مناطق شمال وشرق سوريا بشكل متواصل إلى القصف ومحاولات التسلل واحتلال مزيد من الأراضي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.