تستمر الانتقادات التي تطال حكومة دمشق جراء سياستها الفاشلة في إدارة شؤون البلاد، حيث تحمّلها مسؤولية تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية في سوريا، والمفارقة أن هذه الانتقادات تأتي من قبل المسؤولين السابقين في المؤسسات الحكومية أو من قبل شخصيات عامة في الفن والمجتمع أو خبراء و متخصصين اقتصاديين في مناطق سيطرة دمشق.

دمشق بعيدة عن إجراء التغييرات الحقيقية

وزيرة الاقتصاد السابقة في حكومة دمشق لمياء عاصي، وصفت السياسات الاقتصادية الحكومية في مواجهة الأزمات بأنها تعالج بطريقة “كل يوم بيومه”، وأن الاقتصاد السوري يدور في حلقة مفرغة من الشح وقلة الموارد والاحتكار، حيث تعمقت هذه الظواهر في اقتصادنا حتى باتت حقائق تغلف كل الأنشطة الاقتصادية.

وأردفت في نقدها، أن الأسباب الحصرية لما حدث ويحدث اقتصاديا في سوريا، هي أسباب ناجمة عن قصور داخلي وذاتي (سياسة دمشق)، يتعلق بعدم وجود رؤية شاملة واستراتيجية طويلة المدى، ومقاربة المواضيع الاقتصادية بذهنية تقليدية ومعالجتها بطريقة مجزأة وغير متكاملة، كل ذلك ساهم بشكل كبير في تعميق كل المشاكل التي تعصف بسوريا.

واعتبرت عاصي خلال مقال نشرته في موقع “فينكس” المحلي قبل يومين تحت عنوان “السيناريو المفقود”، أن معاناة المواطن جراء تدني القدرة الشرائية لدخله والفجوة الكبيرة جدا بين دخله الشهري ومستلزماته من السلع الغذائية والضرورية، يجعله يدور في دوامة الفقر والغلاء.

وأوضحت بأن “واقع الحال الاقتصادي ينبئ بأننا وما عدا النقطة المتعلقة بمنع استيراد الكماليات والاقتصار على الضروريات. لم نشهد أي سياسات اقتصادية أو حزم خاصة تساعد اقتصادنا على الخروج من أزماته، ولابد من دمشق التفكير جديا، بإتاحة فرص العمل أمام الناس, ووضع حلول حقيقية وقابلة للتنفيذ”.

قد يهمك: ارتفاع أجرة التنقل بين المحافظات السورية.. الأسعار الجديدة

قرارات دمشق تسبب الأزمات

لطالما أكد العديد من المختصين الاقتصاديين ودعوا الحكومة السورية بأن الحل الوحيد للمؤسسات السورية هو الاعتراف بسعر الصرف الحقيقي لليرة السورية مقابل الدولار.

كما ودعا خبير اقتصادي، يوم الخميس الفائت، لوسائل إعلام محلية، المشرفين على إدارة مصرف سوريا المركزي، إلى تبني سياسة مختلفة في التعامل مع حوالات المغتربين، من أجل تحصيل فائدة ولو بشكل ضئيل لاقتصاد البلاد، خاصة وأنّه بحسب قوله “70 بالمئة من السوريين يعيشون على حوالات المغتربين من الأهالي”.

وضمن هذا السياق أشارت عاصي في مقالها المنشور على الموقع المحلي، إلى أن الأثر السلبي على الإنتاج جراء القرارات الحكومية الأخيرة وقالت: “قد تكون السياسات النقدية الأكثر تغييرا خلال السنوات السابقة، و المفروض أنها اتخذت لتخفيف معدلات التضخم من خلال تقييد حركة الأموال وحجم الكتلة النقدية في الأسواق، سواء تلك المتعلقة بسقوف السحب اليومي من المصارف أو بتحديد سعر الحوالات الخارجية أو آلية تمويل المستوردات، أو التعهد بإعادة القطع الأجنبي للمصدرين، بل على العكس هذه السياسات كانت لها أثر سلبي على الإنتاج كما أنها لم تستطع السيطرة على التضخم، لأنه ناجم عن ارتفاع تكاليف المواد اللازمة للإنتاج وقلة العرض وليس عن ارتفاع الطلب”.

في سياق مواز، وحول أسباب رفع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية للتحويلات الخارجية، اعترف “مصرف سوريا المركزي”، في منتصف نيسان/أبريل الفائت، أن القرار جاء بناء على مجموعة من العوامل الموضوعية المتعلقة بالوضع الاقتصادي العالمي الذي يعاني من ارتفاع معدلات التضخم.

وأوضح المركزي السوري أن السعر ينطبق على مجموعة من التحويلات، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية الدولية، ومنظمات الأمم المتحدة، والتحويلات الواردة من خلال خدمة “ويسترن يونيون” العالمية.

لكن على الرغم من اعتراف الحكومة بضرورة رفع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة السورية للتحويلات الخارجية، بسبب حاجتها الماسة للنقد الأجنبي، إلا أنها لم ترفع السعر بعد، وهو ما يزال يشكل فرقا كبيرا مقارنة مع سعر السوق السوداء. في إشارة إلى أن دمشق تختلق أزمات اقتصادية في البلاد وتقوم بتعويم شركات نافذة مثل “الهرم” للاستحواذ بشكل غير مباشر على اقتصاد البلاد لتفريغ جيوب المواطنين واستغلال تحويلات المغتربين قدر الإمكان.

هذا ويعاني معظم السوريين من عدة أزمات في الداخل السوري، وخاصة مناطق سيطرة دمشق، من أهمها غلاء المعيشية في البلاد والتي لا تتوافق مع مستوى رواتب ومداخيل السوريين، فضلا عن سوء الخدمات العامة من الكهرباء والمياه والغاز والخبز وغيرها من المواد الضرورية في حياة المواطنين اليومية.

قد يهمك: أزمة أسعار في السوق السورية.. الليمون والفاصولياء على رأس القائمة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.