للمرة الثانية خلال أقل من عام، ينتشر النفط السوري الذي رصدته الأقمار الصناعية عبر البحر الأبيض المتوسط ​​ويمكن أن يصل إلى قبرص، مهددا البيئة البحرية الإقليمية، فيما لا تزال كثير من التفاصيل غامضة من حيث الحجم الحقيقي لكميات النفط المتسربة إلى البحر، بخاصة أن سوريا تعاني من أزمة وقود حادة نتيجة العقوبات المفروضة عليها، وهذا ما يثير تساؤلات عن مصدر النفط وظروف تخزينه، إضافة إلى الكوارث البيئية المحتملة على الحياة البحرية نتيجة التسرب النفطي الهائل.

البيئة الساحلية في خطر

بعد أيام على بدء التسرب النفطي من محطة بانياس إلى البحر، أظهرت صور الأقمار الصناعية وبخاصة التي نشرتها منظمة “باكس” منذ أسبوع، أن مساحة البقعة النفطية في البحر المتوسط ظهرت على الشواطئ السورية، وهذه البقعة تمتد شيئا فشيئا.

رئيس المديرية العامة للموانئ، سامر قبرصلي منذ يومين، أكد التسريب، حيث قال لصحيفة “تشرين” المحلية، إن هناك تلوث بسيط تتم معالجته، بسبب تسرب من المحطة الحرارية في بانياس.

وهذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها تسرب نفطي في بانياس، ففي شهر آب/أغسطس الماضي، تسربت آلاف الأطنان من الفيول من محطة التوليد الحرارية هناك وكاد أن يصل التسرب حينها إلى شواطئ قبرص وتركيا، رافعا درجات الإنذار البيئية في البلدين إلى أقصى حدودها.

في تقرير لها حول التسرب النفطي في العام الماضي، ذكرت منظمة “باكس” أن استمرار مثل هذه التسربات سيؤدي إلى “كارثة بيئية قد تمتد آثارها السلبية لعقود قادمة”.

وقد أشار العميد سامر قبرصلي، إلى أن إجراءات معالجة المناطق الثانوية في مياه “عرب الملك” جارية، إذ حصل التسرب من المحطة الحرارية في بانياس، مبينا أن الانسكابات النفطية الصغيرة التي وصلت إلى شط جوبر تمت معالجتها بسرعة، في حين يتم التعامل مع بقع صغيرة في البحر قبالة سواحل “عرب الملك”.

دمشق تقلل من الكارثة

امتداد النفط المتسرب إلى الدول المجاورة لسوريا، بعد رصده بصور الأقمار الصناعية، هو ما نفته السلطات السورية، واعتبرته نوعا من الفبركة والتزييف.

وأوضح المدير أن التلوث قليل ويؤثر فقط على مناطق صغيرة قليلة، وأنه تم التعامل معه ومعالجته من قبل مركز مكافحة التلوث البحري، الذي قام بنشر مواد ماصة للمشتقات النفطية وغير المائية، لاستيعاب أي مواد نفطية جديدة داخل المحطة الحرارية وخارجها.

وأضاف قبرصلي، أنه تم تزويد المحطة الحرارية بحواجز ممتصة بطول 200 متر لحماية مدخل المحطة إلى الميناء، وذلك بالتنسيق مع وزارات الإدارة المحلية والبيئة والنقل من أجل التعاون في هذا المجال، في حين لا يزال مركز مكافحة التلوث يتعامل مع أي ظهور جديد لانسكابات نفطية مع اتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الشان.

الجدير ذكره، أنه في الثالث والعشرين من شهر آب/أغسطس الماضي، تسربت كميات من النفط الخام في ميناء بانياس المطل على البحر المتوسط، في ظاهرة لم تكن الأولى من نوعها خلال الأشهر الماضية، لكن الجديد فيها كان حجم النفط المتسرب والذي قدّر بآلاف الأطنان.

طرق تنظيف بدائية!

لا شك أن تعامل السلطات السورية مع حادثة التسرب النفطي كان محط تهكم وسخرية تارة، وانتقاد تارة أخرى، خصوصا في عمليات إزالة البقع النفطية، حيث انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورا لعمال يقومون بتنظيف الشاطئ البحري باستخدام أدوات بدائية “المجرفة اليدوية” و”خراطيم المياه” و“العبوات المعدنية والبلاستيكية الصغيرة”.

وبررت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” حينها، عدم استخدام الزوارق المخصصة لمكافحة التلوث النفطي بأن “المديرية العامة للموانئ تستخدم زورق مكافحة التلوث لرش المواد على البقع النفطية في عمق البحر، والزورق غير مخصص للتعامل في المياه الضحلة، وبالتالي يتطلب معالجة الوضع بالطرق اليدوية”، وفق وصفها.

هذه الطرق البدائية، لاقت آنذاك انتقادا من رئيس “الجمعية السورية لحماية الثروة البيئية المائية” في سوريا، أديب سعد الذي أشار إلى أن “أضرارا كبيرة تترتب على هذه الكارثة البيئية، وسينعكس التلوث بشكل سلبي على الأحياء البحرية والثروة السمكية والسياحة والسكان المحيطين بالمنطقة”.

من جهته، اعتبر عضو الهيئة التدريسية في “المعهد العالي لبحوث البيئة” في جامعة “تشرين”، تميم العليا، أن “طرق إزالة التلوث المعتمد حاليا خاطئة علميا، وحذر من الآثار التراكمية للكارثة”.

ويعتبر ميناء بانياس المصدر الأساسي للوقود والمنتجات النفطية السورية، حيث يتواجد في المدينة خزانات الوقود التي يتم فيها تخزين النفط الإيراني، إضافة إلى المحطة الحرارية، وهي إحدى محطات الطاقة الخمس المسؤولة عن تزويد البلاد بالطاقة الكهربائية، حيث كانت تسد نحو 20 بالمئة من حاجة سوريا من الكهرباء.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.