في ظل قلة الكهرباء وطول ساعات التقنين لسنوات عديدة في سوريا وخاصة خلال السنوات الثلاثة الماضية، الأمر الذي بات يرهق المواطنين، ونتيجة لذلك بدأ أهالي في المدن السورية يلجئون إلى الاعتماد على نظام كهرباء “الأمبيرات” كحل بديل، وهو نظام توليد الطاقة الكهربائية الذي ينتج عن طريق المولدات ويرتبط سعره بسعر المازوت حيث يعتمد عليه مشغلو المولدات لتشغيل أجهزتهم.

وفي ظل هذه الظروف ونتيجة الحاجة الماسة للكهرباء وخاصة في الورش الصغيرة وعيادات الأطباء والمخابر وبعض الصيدليات، تم اللجوء للأمبيرات كحل بديل، في كثير من المدن والبلدات في منطقة الغوطة بريف العاصمة دمشق، لتقتصر على الفئات غير قادرة على تأمين الطاقة الشمسية ذات التكلفة المرتفعة والكبيرة.

حيث أن الشركة العامة لكهرباء ريف دمشق وفي أحسن حالاتها بمحافظة الريف تقدم للمواطن الكهرباء ساعة وصل مقابل خمس قطع، وهذا كما يقولون ضمن الإمكانيات المتاحة، وفق تقارير محلية.

الحاجة ترفع الأسعار

صحيفة “الثورة” المحلية، نشرت تقريرا يوم أمس، أفادت فيه نقلا عن راتب شحرور رئيس مجلس مدينة عربين بريف دمشق، أن “مادة المازوت شحيحة في السوق وسعرها مرتفع، إذ يعتمد أصحاب مولدات “الأمبيرات” على السوق السوداء لتأمين ذلك، وبالتالي فإن هذا انعكس سلبا على المواطن وزادت نفقاته.

وأوضح شحرور للصحيفة المحلية، أن “هناك شريحة كبيرة من الناس يستخدمون ذلك كل حسب حاجته ومقدراته، والورشات المهنية بكافة أنواعها وبعض المعامل تستخدم الكهرباء من المولدات ما أدى إلى رفع أسعار المنتجات بكافة أشكالها”.

وأردف شحرور، “لو تم تأمين المازوت الصناعي بشكل دائم أو المخصصات المطلوبة من شركة محروقات، لكان لذلك أثر إيجابي على حياة المواطن وضبط الأسعار، وبالنسبة لشبكات أصحاب مولدات “الأمبيرات” يوجد بعض التعديات على شبكة الكهرباء، مقابل خدمة كبيرة تؤدى للمواطن من خلال هذه المولدات، وخاصة المعامل والورشات التي تشغل بدورها عددا كبيرا من العائلات، وبالتالي تغطية بعض الاحتياجات التي تهم الأسر”، على حد وصفه.

وفي السياق ذاته، قال رئيس مجلس مدينة معضمية الشام بسام سعدى، إن “شبكة التقنين في المدينة حاليا ساعة وصل وخمسة قطع. أما بالنسبة لواقع “الأمبيرات”، فلدينا مولدة موضوعة في شارع البلدية وتخدّم حيا صغيرا من المكان القريب منها حصرا، وفيما يخص موضوع المحروقات فإن صاحب العلاقة يحصل عليها من شركة “سادكوب” للمحروقات، وعن التسعيرة فلا علاقة لمجلس المدينة بها”.

قد يهمك: الأمبيرات في اللاذقية وطرطوس “مع وقف التنفيذ”

وضع “الأمبيرات” غير قانوني

بدوره، عضو المكتب التنفيذي لمحافظة ريف دمشق حسين العبد الله، اعتبر أن وضع “الأمبيرات” غير قانوني، وهي حاليا موجودة في بعض المناطق بريف دمشق مثل عربين ودوما وزملكا وغيرها، وهي خلاف عملية الاستجرار النظامي، لكون هناك شركة للكهرباء بريف دمشق وهي تقوم بالأعمال الموكلة إليها بشكل أساسي وذلك حسب الإمكانات المتوفرة حاليا من المواد وتوزيع الطاقة، وفق حديثه لصحيفة “الثورة” المحلية.

وأضاف عضو المكتب التنفيذي، أن “وضع “الأمبيرات” غير نظامي وغير مقبول لدينا كونه غير مرخص ونسعى مع شركة الكهرباء لتحسين واقع الشبكات فيها لإيصال الكهرباء إلى كافة أنحاء ريف دمشق بالسعر المدعوم”، وفق زعمه.

من جهتهم، قال أهالي ريف دمشق للصحيفة المحلية، إنه في ظل الأوضاع الحالية وعدم قدرة شركة الكهرباء على تأمين حاجتهم من الكهرباء، ما يحول دون إيجاد صيغة قانونية مؤقتة لإضفاء الشرعية على عمل هذه المولدات الضخمة ووضع كاتمات الصوت لها، وتأمين مخصصات لها من مادة المازوت كي تصل للمشتركين بأسعار معقولة نسبيا. في إشارة إلى أنه يجب على الجهات الحكومية بذل جهود فعلية لإيجاد حلول قابلة للتطبيق لأزمة الكهرباء في البلاد.

مسموح به في بعض المحافظات

نظام “الأمبيرات” في بعض المحافظات السورية، يسمح به ومشرعن من قبل الحكومة، لكن هناك عدم استقرار في الأسعار نتيجة أزمة المازوت من حين لآخر، وفي بعض المحافظات غير مسموح بنظام “الأمبيرات” وتشغيل المولدات الكهربائية، وهو ما خلق موجة من الاستياء بين المواطنين مؤخرا.

حيث يواجه أصحاب بعض المهن مخاطر إغلاق محلاتهم بسبب عدم وجود الكهرباء، وخاصة أصحاب محلات المواد الغذائية الذين يعتمدون على البرادات لتخزين بضائعهم، خاصة خلال فصل الصيف وسط درجات الحرارة العالية، بالإضافة إلى الطلاب المحتاجين للكهرباء لمواصلة ومتابعة عمليتهم التعليمية، وبشكل عام تعتمد الأسواق العامة في المدن على الكهرباء، وإلا فلن يستمر عمل المواطنين.

وعليه، طالب العديد من سكان المحافظات السورية وأبرزهم محافظة اللاذقية وطرطوس وحلب ودمشق لاعتماد نظام “الأمبيرات” لأجل مواصلة سير حياتهم اليومية، ولكن بعض الجهات الرسمية في بعض المحافظات رفضوا هذا الأمر، حيث أعلنت محافظة اللاذقية قبل نحو شهر ونصف منع تشغيل المولدات المحلية، وبرر عضو المكتب التنفيذي لقطاع الكهرباء في اللاذقية مالك الخير، ذلك في تصريحات سابقة، إن قرار منع تركيب المولدات الكهربائية بغرض بيع الكهرباء “الأمبيرات” في المدينة، لا يمكن التراجع عنه، وستكون هناك اجتماعات أخرى مستقبلا لوضع حد لهذه المسألة.

وعزا الخير، قرار المنع إلى غياب أي قانون ينظم عمل “الأمبيرات” أو مولدات الكهرباء بالكامل، وأنها تشكل خطرا على أفراد المجتمع، ما لم يجرِ تركيبها بشكل فني وعبر تمديدات صحيحة، بعد دراسة خاصة، على حد وصفه للإذاعة المحلية.

وأضاف الخير، بأن تنظيم المحافظة عمل “الأمبيرات” يتطلب رأس مال لتنفيذه، ووحدات هندسية لتخطيطه، وتمديدات كهربائية وأشرطة خاصة، باعتبار أن بقاء وضع “الأمبيرات” على ما هو عليه، يشكل خطورة على الأهالي، كونها ممددة بشكل عشوائي.

أما بالنسبة لمحافظة حلب، فقد قالت إذاعة “شام إف إم” المحلية، في وقت سابق، إن أسعار “الأمبيرات” تواصل ارتفاعها في مدينة حلب، لتلامس عتبة الـ 15 ألف ليرة سورية أسبوعيا للأمبير المنزلي الواحد، والـ 20 ألف ليرة للأمبير التجاري، تزامنا مع تخفيض ساعات التشغيل.

وأضافت الإذاعة نقلا عن عدد من أصحاب المولدات في مدينة حلب، قولهم إن “أسباب الارتفاع تعود إلى عدم توفر مخصصاتهم من المازوت، واضطرارهم للجوء إلى السوق السوداء التي وصل سعر الليتر فيها إلى نحو 4500 ليرة”.

وكانت محافظة حلب، قد سمحت بنظام “الأمبيرات” في المدينة، وحددت ساعة تشغيل الأمبير الواحدة بـ 125 ليرة سورية، ولكن ارتفع اشتراك مولدات الكهرباء “الأمبيرات” إلى الضعف تقريبا في بعض أحياء مدينة حلب، حيث وصل سعر الأمبير الواحد أسبوعيا إلى 10 آلاف ليرة سورية، وفق وسائل إعلام محلية.

لذلك، من الممكن، وفي ظل ندرة الكهرباء، أن تشهد جميع المحافظات السورية في الفترة المقبلة اعتماد نظام “الأمبيرات” كما هو الحال في مناطق الشمال والشمال الشرقي بسوريا، خاصة وأن الحكومة السورية غير قادر على إيجاد حلول لأزمة الكهرباء.

قد يهمك: اللاذقية تغرق في الظلام بعد قرار منع “الأمبيرات”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.