في ظل الأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشها معظم السوريين في الداخل، وضعف القوة الشرائية لنسبة كبيرة منهم نتيجة لارتفاع الأسعار بشكل دراماتيكي بحيث يفوق قدرة المواطن. تبقى هناك مواد أساسية لا يستطيع المواطن الاستغناء عنها، فعلى سبيل المثال شراء المنظفات من المواد الأساسية والضرورية، ورغم ارتفاع أسعارها إلا أن الطامة الكبرى تتمثل بضعف جودتها وفعاليتها، ما يدفع الكثير من المواطنين إلى شراء كميات أكبر من المنظفات، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من تكلفتها على جيب المواطنين.

جشع التجار وغياب التموين

موقع “الاقتصاد اليوم” المحلي، نشر تقريرا يوم أمس السبت، يفيد بوجود عشرات المنشآت رخصت في محافظة طرطوس، وعشرات الضبوط سجلت بحق المنشآت المخالفة، حيث لا يزال الارتفاع الجنوني لأسعار المنظفات منخفضة الجودة مستمرا، فأصبح المواطن بين مطرقة العودة لصناعة الصابون اليدوي وسندان جشع التجار.

ووفق الموقع المحلي، فقد بلغ عدد المنشآت المرخصة لمعامل وورشات صناعة المنظفات /146/ منشأة، منها /63/منشأة صابون سائل، و/31/ منشأة مساحيق بودرة /18/ منشأة معقمات كلور وفلاش وملمع زجاج، إضافة إلى /34/ منشأة سائل جلي.

وأشار مدير الصناعة في طرطوس المهندس عمار علي للموقع المحلي، إلى أن مديرية الصناعة لا تعطي الترخيص النهائي للمنشأة إلا بعد سحب عينات وإرسالها لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك لبيان المواصفة ومطابقتها للمواصفات القياسية السورية.

من جانب آخر، أكد أغلب المواطنين للموقع المحلي، أن كل الأنواع الموجودة من المنظفات في الأسواق سيئة من حيث المواصفات، فالصابون مثلا، كما تقول السيدة سمر ديب، “على الرغم من سعره المرتفع والذي وصل إلى 2000 ليرة سورية لقطعة الصابون الواحد لا يدوم أكثر من يوم”.

بينما قالت السيدة نسرين للموقع المحلي، “تعطلت الغسالة في بيتي بسبب بودرة الغسيل التي استخدمها، فالرغوة زائدة وهي تؤثر سلبا على أداء الغسالة الأوتوماتيك وتعطلها، وقد نصحني المصلح باستبدال المسحوق، فقمت باستبداله بأجود الأنواع كما ذكر لي بائع المفرق وبسعر تجاوز /13/ ألف ليرة للكيس وزن /2/ كيلو غرام، لكن النتيجة كانت ذاتها”.

وتابعت في حديثها: “ندفع ثمن المنظفات أكثر من نصف الراتب ونحن راضون، ولكن دون مستوى الجودة والمواصفات المطلوبة، أين الجهات الرقابية من هذا الأمر”.

قد يهمك: مدارس دمشق تعث بالقمل

ارتفاع تكاليف الإنتاج

من جهته قال صاحب منشأة لصناعة المنظفات بأنواعها للموقع المحلي، “ارتفاع الأسعار المستمر طبيعي أمام ما يواجهه الصناعي من ارتفاع مستمر لأسعار المحروقات، وتاليا ارتفاع أجور النقل والضرائب، إضافة لمصاريف أخرى مثل هدر مواد أولية وارتفاع تكلفة الإنتاج وأجور الشحن والعمال، وهذا كله ينعكس على مواصفات المادة المنتجة”.

وأضاف صاحب المنشأة إلى أن منشآت صناعة المنظفات تستخدم اليوم مواد نخب رابع، وذلك حفاظا على القوة الشرائية للمستهلك، فالشركات الكبيرة لم تستطع المحافظة على مستوى عال من الجودة فكيف لورش صغيرة مثل الموجودة في المحافظة.

وأردف في حديثه، “لاستمرار تدفق المنظفات إلى الأسواق وبأسعار تناسب المستهلك عملنا على استخدام مواد بجودة أقل، وخاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها، إضافة إلى أن المواد الأولية الموثوقة انقطعت من الأسواق وبتنا نشتري مواد أولية غير موثوقة، وهذا أوقعنا بمشكلات كبيرة وأولها تدني جودة المنتج وتراجع في نسبة الأرباح بالنسبة للمنتج”.

بدوره، قال مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في طرطوس بشار شدود، إن “المديرية تعمل على رقابة منشآت صناعة المنظفات في المحافظة وأغلب العينات المسحوبة منها نتيجتها مخالفة وخلال الشهر الماضي تم ضبط /11/ منشأة مخالفة، ثلاث منها بسبب انخفاض المادة الفعالة عن 18 بالمئة كحد أدنى ومنشأة لزيادة كلور الصوديوم عن 2 بالمئة، وثلاث منشآت لعدم وجود بطاقة مواصفة وأخرى لعدم تحرير فواتير وتعديل بيان تكلفة، إضافة لمخالفة منشأة لحيازة مواد منتهية الصلاحية”.

خطورة الصناعة اليدوية

في سياق إيجاد حلول بديلة وبتكاليف أقل بحيث يتناسب مع قدرة المواطن، قالت كوكب خضور مسؤولة دائرة المرأة الريفية في منطقة القدموس، والتي درّبت الكثير من النساء الريفيات على صناعة الصابون، “مع تنامي الطلب على المنظفات وخاصة بعد انتشار فيروس “كورونا” ارتفعت أسعارها بشكل كبير، إلا أن العديد من النساء في الساحل سواء في الريف أو المدينة يعملن على صناعة الصابون يدويا والكثير من الأسر تعمل على صناعة صابون زيت الزيتون بعد انتهاء موسم عصر الزيتون وهو تقليد سنوي عند الكثيرين”.

وأردفت في حديثها للموقع المحلي، “صناعة الصابون صناعة أساسية وسهلة ويمكن أن تكون منزلية لا تحتاج ليد عاملة كثيرة ولا إلى تكاليف إنتاج مرتفعة وموادها الأولية متوفرة، كما أن أرباحها جيدة، فإذا حسبنا الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع تضرب تكاليف الإنتاج دائما بـ /4/ وهناك مجموعة من النساء الريفيات يعملن بهذه الصناعة وذلك بعد أن اتبعن دورات تدريبية خاصة، فمثلا في منطقة القدموس توجد أكثر من عشرين مزارعة تعمل بهذه الصناعة، وخاصة بعد أن أصبحت مطلوبة بشكل كبير مؤخرا”.

في سوريا وخصوصا داخل دمشق، هناك عشرات الورش المتخصصة في إنتاج مواد التنظيف، ويقبل الأهالي بهذه الأصناف بسبب أسعارها المنخفضة مقارنة بالعلامات التجارية المعروفة، بغض النظر عن المخاطر الصحية التي قد يشكلها استخدام هذه المواد مقابل الأسعار المخفضة.

والورش الصغيرة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، تصنع مجموعة متنوعة من المنظفات، بما في ذلك منتجات تنظيف الأرضيات، ومواد الغسيل، ومواد التنظيف الأخرى.

في السياق ذاته، قالت طبيبة الجلدية في درعا، ريم القداح، في وقت سابق لـ”الحل نت”، “للأسف من يعمل في صناعة هذه المواد لا يعتمد في كثير من الأحيان على المعرفة العلمية. ولا يقدر مخاطر العبث بنسب المواد المستخدمة في صنعها”، محذرة في الوقت ذاته من استخدام هذه المواد في التنظيف.

وأوضحت الطبيبة، أن أغلب الحالات التي ترد إلى المستشفيات أو العيادات الخاصة هي من النساء. واللاتي يعانين من الحساسية أو التسمم أو الحروق نتيجة استخدام هذه المنتجات. فضلا عن وجود حالات مرتبطة بصعوبات في القصبة الهوائية.

المشكلة في هذه الظاهرة ليست مجرد شراء الناس لمواد تنظيف ضارة؛ بل إن الجانب الآخر الذي لم يتطرق إليه أي مسؤول من صانعي القرار في حكومة دمشق، هو أن الناس وصلوا إلى نقطة تدهورت فيها ظروفهم المعيشية إلى درجة أصبحت فيها الصحة والسلامة خارج قائمة الاهتمامات الرئيسية.

قد يهمك: رغم خطورتها منظفات رخيصة الثمن تحظى بإقبال شديد من المواطنين

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.