أزمة المشتقات النفطية، وخاصة مادة المازوت والبنزين، أثرت بشكل كبير على مفاصل الحياة اليومية في سوريا وقطاعات الأعمال الصناعية والتجارية. في غضون ذلك أدى شح مخصصات محافظة حماة من المازوت لتوقف عدة شركات صناعية عامة عن العمل والإنتاج، على حين كانت منعكسات ذلك الشح أكبر لدى القطاع الخاص، الذي أدى إلى توقف العديد من منشآته عن العمل، وإلى تعطيل العشرات من العمال وضياع فرص عملهم ومصدر رزقهم الوحيد.

بعض المعامل متوقفة منذ شهرين

المدير العام للشركة العامة للمنتجات الحديدية والفولاذية بحماة عبد الناصر المشعان أوضح لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأربعاء، أن “معمل صهر الخردة بالشركة، توقف عن العمل والإنتاج بسبب ندرة المازوت”. ونوّه إلى أن حاجة المعمل من المازوت شهريا نحو 168 ألف ليتر من المازوت.

من جانبه، بيّن المدير العام للشركة العامة لصناعة الزيوت بحماة عبد المجيد القلفة، أن “العمل متوقف أيضا للسبب ذاته، وذلك حتى تأمين حاجة الشركة من المازوت وقدرها نحو 75 ألف ليتر”.

ولفت إلى أن “الشركة تعمل حاليا لمصلحة الغير، أي للقطاع الخاص الذي يؤمن حاجته من مستلزمات العمل والإنتاج بطرقه الخاصة”. وكشف أن مبيعات الشركة تقتصر اليوم فقط على المخزون من الإنتاج.

أما المدير العام للشركة السورية للإسمنت، والعربية لصناعة الأدوات الصحية والبورسلان بحماة الطيب يونس، قال: “العمل بشركة الأدوات الصحية متوقف منذ 18 نيسان/أبريل الفائت، بسبب شح المازوت اللازم للعمل والإنتاج، وحاجة الشركة من المازوت ما بين 180-170 ألف ليتر”.

وأردف في حديثه للصحيفة المحلية، أن “العمل بشركة الإسمنت مستمر لكون الأفران تعمل بالفيول، ولكن شح المازوت أثر في آليات الشركة، وهو ما يضطرها لاستئجار آليات للعمل ونقل إنتاجها، ما يكبدها نفقات باهظة ويسهم بزيادة كلف الإنتاج، وحاجة الشركة من المازوت ما بين 180-170 ألف ليتر أيضا”.

قد يهمك: توقعات بزيادة جديدة لأسعار البنزين في سوريا

تسريح العمال بسبب تسعيرة المازوت

ضمن السياق ذاته، من جانبه قال رئيس غرفة الصناعة بحماة زياد عربو، أن “معظم المنشآت الصناعية توقفت عن العمل بسبب شح الكهرباء والمازوت، ولكنها لم تقدم بيانات بتوقفها عن العمل للغرفة منتظرة التوريدات من قبل الجهات المعنية”.

كما أشار عربو إلى أن العديد من المصانع تشتري المازوت بالسعر الحر من السوق السوداء، ويعمل بعضها بنصف وظائفها فقط لتغطية نفقاتها وإعالة أصحابها.

وحول سعر المازوت في السوق السوداء أوضح عربو أن أصحاب المنشآت الصناعية والمصانع الذين يشترون المازوت الحر يتراوح سعره بين 6000-4500 ليرة سورية، واضطر بعضهم إلى تسريح عمالهم لأنهم لم يعد يستطيعون أن يدفعوا أجورهم.

بدوره، كشف مصدر في اللجنة الفرعية للمحروقات بحماة للصحيفة المحلية، أن مخصصات المحافظة من المازوت لم تتجاوز 11.5 طلبا فقط باليوم. وأوضح أن كل التوجهات لتخصيص المازوت ذهب لحصاد القمح وللجرارات لنقله إلى مراكز التسويق. وأشار إلى أن ما يمكن توفيره يخصص للمشافي والمخابز والنقل، على حد وصفه.

وبحسب تقرير نشره موقع “أثر برس” المحلي، مؤخرا، فقد عادت مشاهد الطوابير على محطات الوقود لتعبئة مادة البنزين في دمشق للظهور مجددا خلال الشهر الحالي، في ظل شكاوى مواطنين من ندرة المادة في بعض المحطات.

سائقو سيارات الأجرة، يشتكون من صعوبة حصولهم على مخصصات آلياتهم من مادة البنزين، التي يجب أن توزع كل 6 أيام، في ظل تضاعف أسعارها في السوق السوداء أيضا، مشيرين إلى أن المخصصات البالغة 25 ليتر، لا تسمح أساسا لهم القيام بعملهم المعتاد، وهذا ما يدفعهم لشراء البنزين من السوق السوداء.

ويتخوف نسبة كبيرة من السوريين من تكرار سيناريو الازدحام والطوابير، إذ عادة ما يسبق قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك برفع أسعار المحروقات مشاهد الطوابير، وحديث عن نقص في المادة، وأن ما يجري هي الحالة التي تم الاعتياد عليها قبل كل رفع للأسعار.

ارتفاع سعر المحروقات

بالتزامن مع النقص الكبير في البنزين والمحروقات بشكل عام، رفعت الحكومة أسعار الوقود خلال الشهر الماضي، حيث زادت أسعار البنزين والمازوت غير المدعومين بحجة ارتفاع الأسعار عالميا.

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فقد بلغ سعر مادة البنزين (أوكتان 90) الجديد هو 3500 ليرة سورية للتر الواحد، بعد أن كان بـ2500، في حين ارتفع سعر البنزين (أوكتان 95) من 3500 إلى 4000 ليرة، أما سعر مادة المازوت فارتفع بحسب بيان الوزارة، من 1700 إلى 2500 ليرة للتر الواحد.

وفي حينها، أرجعت الوزارة الارتفاع بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المشتقات النفطية عالميا، ومنعا من استغلال السوق السوداء نتيجة الفرق الكبير بأسعار المشتقات النفطية.

الارتفاع الأخير أدى لارتفاع أجور المواصلات، بشكل لافت خلال الأيام الأخيرة، حيث تبلغ التكلفة الشهرية لأسرة مكونة من خمسة أفراد، على خدمات المواصلات الضرورية قد يصل إلى 69 ألف ليرة سورية، ما يعادل حوالي نصف راتب الموظف الحكومي في البلاد.

يذكر أن وزارة التجارة الداخلية رفعت سعر ليتر البنزين، أربع مرات خلال العام الماضي للشرائح المدعومة، ليقفز سعر الليتر “وفق البطاقة الذكية” من 450 إلى 1100 ليرة كما تم رفع سعر البنزين غير المدعوم، ثلاث مرات ليصل سعر اللتر اليوم إلى 3500 ليرة، وبهذا وعلى الرغم من نقص الإمدادات النفطية لسوريا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، وارتفاع أسعار مشتقات النفط عالميا، إلا أن حكومة دمشق تعمل على رفع الأسعار أكثر من بقية الدول.

قد يهمك: ارتفاع الرسوم يوقف تراخيص البناء في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.