الذهب هو المعدن الثمين الأكثر استخداما، كاستثمار من كل المعادن الأخرى، وبشكل عام، ومثلها كمثل الأسواق الأخرى، فإن سوق الذهب عرضة لنشاط المضاربة والتأرجح، ومقارنة بالمعادن النفيسة الأخرى المستخدمة في الاستثمارات، فإن الذهب يشكل ملاذا آمنا أكثر فعالية، فبعد تسجيل انخفاض كبير في أسعار الذهب، عاد سوق الذهب في سوريا إلى سابق عهدها خلال الأسبوع الأخير من شهر حزيران/يونيو.

المغتربين مفتاح القصة

بعد استقرار الذهب لعدة أيام على سعر 202000 ليرة سورية للغرام، انخفض أمس الأربعاء سعر الذهب في سوريا، حيث سُعّر غرام من الذهب عيار 21 قيراط بقيمة 200،000 ليرة سورية للمبيع، و199500 ليرة سورية للشراء، في حين بلغ سعر الذهب 18-قيراط بقيمة 171429 ليرة سورية للبيع، وفقا لنشرة الأسعار الصادرة عن جمعية الصاغة في دمشق.

وبحسب ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، عن رئيس الجمعية الحرفية للصياغة، وصنع المجوهرات، غسان جزماتي، فإن أسباب هذا الانخفاض عائدة إلى تراجع الطلب في السوق العالمية، بسبب الركود الحاصل بها، إذ سجلت الأونصة 1817 دولار.

ومع تدفق المغتربين التي تتزامن مع إجازة عيد الأضحى، أشار جازماتي إلى أن السوق المحلية شهدت تعافيا، مقدّرا زيادة الطلب على الذهب بنسبة 20 بالمئة، مع توقّع زيادة النمو في المستقبل القريب.

وكان سعر غرام الذهب، عيار 21 غراما، قد وصل قبل أسابيع إلى 205000 ل.س للمبيع، و204500 ل.س للشراء، ومن ثم انخفض إلى 202000 خلال الفترة القليلة الماضية، إلى أن انخفض اليوم أيضا إلى 200 ألف.

الذهب يدفع الاقتصاد نحو الانكماش

الأزمة الاقتصادية العالمية أصبحت الآن الشغل الشاغل للجميع؛ فكل شخص ينتظر بقلق التهديد، الذي قد تجلبه الأشهر المقبلة، ولا أحد يدري متى قد يخرج الاقتصاد العالمي من وحدة الرعاية الحرجة، أو متى تنتهي عملية التعافي من دون مشاكل، ولا شك أن دورة الانحدار الاقتصادي تشكل مرحلة أحدث، وأكثر صعوبة.

وبحسب الخبير الاقتصادي، ماجد الحمصي، فإنه على الرغم من أن هذا الأمر غير شائع، أو ربما غير عادي أحيانا، إلا أن المحللين يعتقدون، أن الأزمة الحالية سوف تؤدي حتما إلى الانكماش، وهي مرحلة أصعب من الركود.

وفي أبسط صوره، فإن الانكماش بحسب حديث الحمصي لـ”الحل نت”، هو العكس تماما للتضخم، ويشير إلى هبوط حاد في مستويات أسعار المستهلك في أعقاب طفرات التضخم، ومع ذلك، فإلى جانب هذا الانخفاض تأتي معدلات البطالة المرتفعة، ومعدلات الاستثمار والنمو الاقتصادي المنخفضة، التي قد تتحول إلى سلبية، وانخفاض الإنتاج، وانخفاض دخل الأسرة وقوتها الشرائية، وانخفاض كبير في نسبة السيولة في الاقتصاد.

إن الإقبال على المدّخرات الفردية من الذهب، يعمل على تعجيل الركود، والانكماش على نحو غير مسبوق، ويقلّل من فرص النمو ،والاستثمار على النحو الذي يلتهم السيولة، ويخفض الإنفاق على المشاريع الجديدة، ويكسب مئات المليارات من الدولارات لفترة طويلة من الزمن، دون أن ينتج أي فوائد حقيقية سواء لمالكي تلك المدّخرات أو للمجتمع.

وأشار الحمصي، إلى أن أفضل استثمار لمن لديه مدخرات ذهبية، هو إيداعها في البنوك كشهادات استثمار قصيرة، أو متوسطة الأجل، أو يستثمرها في مشروع صغير، أو متوسط يخلق فرص عمل، ويحقق ربحا ويلبي الطلب على السلع المستوردة، ويتطور إلى نوعية جيدة منتجة محليا بنوعية مقبولة ويحفّز النمو الاقتصادي.

تحديد مصير الذهب في 2022

في غياب أي كوارث سياسية، أو اقتصادية كبيرة تتسبب في زيادة أسعار الذهب، فإن توقعات الخبراء بشأن أسواق الذهب الدولية تشير إلى أن البنك المركزي الأميركي، سوف يرفع أسعار الفائدة عدة مرات هذا العام، وهو ما من شأنه أن يفرض انخفاضا على أسعار الذهب في مختلف أنحاء العالم.

غير أن الحالة الراهنة لعدم القدرة على التنبؤ على الصعيدين الاقتصادي والجيوسياسي، إلى جانب الارتفاع المستمر في معدلات التضخم، عززت جاذبية المعدن الثمين وأعادته إلى بريقه، الذي كاد يفقده مقارنة بالمكاسب الهائلة التي حققتها العملات المشفرة في النصف الثاني من العام الماضي.

وفي حديثه لـصحيفة “اندبندنت عربية”، قال المحلل في أسواق المعادن ورئيس مؤسسة “سبائك” مصر، وائل قابيل، اليوم الخميس، إنه رغم توقعات البنوك بانخفاض المعدن الأصفر، إلا “أننا نتوقع العكس تماما”، إذ سيصدم الذهب العالم، وترتفع أسعار الأونصة بين 2500 و2700 دولار.

وقال قابيل، إن عدة دول قد تواجه صدمات اقتصادية شديدة عالميا خلال الفترة القادمة، الأمر الذي سيتسبب في ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير، وستتراوح توجهاتها ما بين 1820 و1800 دولار، و1780 و1750 دولارا، و1820 و1850 دولارا على المدى الطويل، وكذلك ما بين 1880 و 1920 دولارا.

الجدير ذكره، أنه وفقا لتقرير حديث لمجلس الذهب العالمي، فقد بلغ إنتاج الذهب في أكبر عشرة مناجم على المستوى العالمي خلال العام الماضي نحو 13 مليون أوقية، وقفز الطلب على الذهب بنسبة 34 بالمئة خلال الربع الأول من 2022، كما أنتجت أكبر عشرة مناجم للذهب نحو 13 مليون أوقية خلال العام الماضي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.