منذ يوم أمس، يدور الحديث عن تراجع فرص الاتفاق النووي الإيراني، بعد جولة من المفاوضات غير المباشرة بين طهران وواشنطن في الدوحة، حيث لم تحرز أي تقدما في حسم النقاط الخلافية بين الجانبين. 

انتهاء المفاوضات التي احتضنتها العاصمة القطرية عبر وسطاء من الاتحاد الأوروبي الثلاثاء الماضي، دون “احراز أي تقدما” وفقا للخارجية الأميركية، فتح باب التكهن عنما يمكن أن تلجأ إليه طهران التي تسعى للعودة إلى الاتفاق المبرم عام 2015.

فرص الاتفاق النووي التي باتت أسوأ مما كانت عليه بعد مفاوضات الدوحة، كما عبر مسؤول أميركي كبير خلال تصريحات لوكالة “رويترز” يوم أمس الجمعة، ربما تدفع طهران للعودة إلى وسائل الضغط التي كانت تستخدمها عبر وكلاءها في العراق، بحسب مراقبين. 

حيث طالما دفعت طهران أذرعها من الميليشيات العراقية لاستخدام الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة ضد المصالح الأجنبية في العراق، لا سميا مقر السفارة الأميركية في بغداد، بمحاولة لإرغام الجانب الأميركي للجلوس على طاولة المفاوضات.  

يأتي ذلك في سياق التعجيل من المفاوضات أو اجبار الطرف الأميركي للقبول بالشروط الإيرانية، حيث شهدت سفارة واشنطن ببغداد العديد من الهجمات التي تستخدم فيها الميليشيات العراقية المدعومة من “الحرس الثوري”، وفقا لتقارير. 

اقرأ/ي أيضا: العراق.. معلومات استخباراتية عن هجمات إرهابية للميليشيات “الولائية”

أراء 

في هذا الشأن يقول الباحث في الشأن السياسي علي الجابري لموقع “الحل نت”، إن “احتمالية عودة طهران إلى وسائل الضغط المسلحة قد تفقدها ما حققته في مفاوضات فيينا”.

ويضيف أن “المفاوضات التي جرت في فيينا كانت نتائجها إيجابية نوعا ما، بالتالي هي تعلم أن أي مخاطرة أو استفزاز للجانب الأميركي قد يحرمها فرص الاتفاق، مع أن هذا لا يعني أن الاتفاق باتت قاب قوسين، بل ما زال الطريق طويل أمامه لا سيما مع جملة الشروط الأميركية التي من المؤكد لا ترضى بها إيران”.

الجابري لفت إلى أن “هذا الحديث لا يعني جزما بعدم اللجوء إلى الهجمات الإرهابية، بل أن عقلية إيران المسلحة من السهل جدا تعيدها إلى استخدام وسائل الإرهاب التي تحسن استخدامها”.

كما أن “استبعادي لاحتمالية تكرار الهجمات الصاروخية والمسيرة، قطعا لا يرتبط بموقف الاتفاق النووي فقط، بل أن إيران تخوض جولة من المباحثات مع السعودية ومن المحتمل إذا ما انتجت عن تقارب، قد تتجه نحو إعادة العلاقات مع مصر، وكل هذا بوساطة عراقية، ما يعني أن دفعها إلى وكلاءها في زعزعة الأمن داخل العراق، قد يدفع العراق للحياد في الوساطة التي يرعها، أو على الأقل يعطل منها”، يرى الباحث السياسي. 

ويشير إلى أن “تعطيل المباحثات السعودية الإيرانية، يعني قد يكلفها خسارة كل جهود التقارب، في ظل التحديات التي يخوضها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي المشرف المباشر على تلك المباحثات، خصوصا وأنه يخوض تحديا داخليا حول تشكيل الحكومة ربما يزيحه عن المنصب، بالتالي الوضع لا يحتمل أي مغامرات ربما تنتج عن عدم رضى عراقي، لما في ذلك من مصالح”.

بالتالي أن “إيران ربما ستصبر في الوقت الحالي، كما أن أميركا ثابتة على موقفها، ما يعني أنه قد تتعطل المفاوضات لكنها لن تنتج عن انعكاسات على العراق في الوقت الحالي، وهذا وفق المعطيات والوقائع لكن الخيار المسلح غير مستبعد أبدا، لكنه غير مرجح”.

اقرأ/ي أيضا: تصاعد وتيرة الهجمات الميليشياوية بالعراق وسوريا.. “البنتاغون” يحمل إيران المسؤولية

سياق المفاوضات

يوم الثلاثاء الماضي، شهدت العاصمة القطرية الدوحة انطلاق جولة مفاوضات غير مباشرة بين واشنطن وطهران للتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب عام 2018.

ومن المقرر أن تركز المفاوضات على النقاط الخلافية بين الجانبين التي تعيق التوصل إلى تفاهم لإحياء الاتفاق النووي في محادثات فيينا. 

 تتمثل النقاط الخلافية بمطالب إيران برفع جميع العقوبات المفروضة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ومختلف العقوبات التي فرضت ضمن سياسة الضغوط القصوى الأميركية.

في المقابل، تقول واشنطن إن طهران تطالب بما هو خارج الاتفاق، وإن على إيران أن تستجيب للمخاوف التي تتجاوز الاتفاق النووي.

كما تطالب إيران أيضا بضمانات سياسية وحقوقية وتجارية من الجانبين الأميركي والأوروبي حتى لا يتكرر الانسحاب من الاتفاق.

في حين، ذكرت أميركا سابقا أنه لا يمكن تقديم ضمانات لإيران بأن الإدارة الأميركية القادمة لن تنسحب من الاتفاق النووي، من جانبها تسعى إيران لإخراج “الحرس الثوري” من قائمة المنظمات الإرهابية الأميركية.

مواقف ثنائية

من جهتها تعتبر واشنطن أن، إخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية يحتاج إلى مفاوضات أوسع تشمل ملفات أخرى أيضا، وهذا الأمر ترفضه طهران.

 وتعد الملفات المتعلقة بتنفيذ إيران التزاماتها في إطار اتفاق الضمانات الشاملة من النقاط الخلافية المهمة لدى الجانب الأميركي، بالمقابل تقول إيران إنها ملتزمة بالمقررات وستتراجع عن خطوات خفض التزاماتها النووية إذا تم تفعيل الاتفاق النووي وعادت كل الأطراف إليه.

وكانت الولايات المتحدة قد أعربت، يوم الأربعاء الماضي، عن “خيبة أملها” لعدم إحراز “أي تقدم” في المفاوضات غير المباشرة التي جرت بينها وبين إيران، منذ الثلاثاء، في العاصمة القطرية، الدوحة، بهدف إحياء الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن “المحادثات غير المباشرة في الدوحة انتهت” و”نشعر بخيبة أمل لأن إيران رفضت، مرة أخرى، الاستجابة بشكل إيجابي لمبادرة الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لم يتم إحراز أي تقدم”، وفق فرانس برس.

وكان منسق الاتحاد الأوروبي في المفاوضات مع إيران، إنريكي مورا، قد أعلن مساء الأربعاء، أن المحادثات لم تسفر بعد عن “التقدم” الذي كان يأمله الاتحاد.

اقرأ/ي أيضا: التحالف الدولي: لا نملك قوافل دعم لوجستي.. الهجمات تذهب ضحيتها القوات العراقية

أجواء إيجابية

من جهتها وصفت إيران المفاوضات التي جرت في الدوحة بأنها “إيجابية” وأنحت باللوم على الولايات المتحدة لعدم تقديم ضمانات بألا تتخلى أي إدارة أميركية جديدة عن الاتفاق مثلما فعل ترمب، وفقا للسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي.

وألقى كل فريق من المسؤولين الأميركيين والإيرانيين بالمسؤولية على الطرف الآخر في عدم إحراز تقدم، ورفض المسؤول الأميركي اتهام طهران لواشنطن بالمسؤولية عن عدم إحراز تقدم، وقال إن الولايات المتحدة ردت بشكل إيجابي على التغييرات التي اقترحها الاتحاد الأوروبي على مسودة الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال المحادثات الأوسع نطاقا في مارس في حين لم ترد إيران على تلك التغييرات المقترحة”.

وأضاف إنه إذا لم يتم إحياء الاتفاق النووي، فإنه “سيكون على القيادة الإيرانية أن توضح لماذا أدارت ظهرها للفوائد المترتبة على الاتفاق من أجل قضايا لن تحدث فرقا إيجابيا في حياة مواطن إيراني واحد”.

اقرأ/ي أيضا: “خامنئي” يطلب من الميليشيات العراقية توسيع هجماتها ضد الوجود الأميركي.. القصة الكاملة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة