أزمة المشتقات النفطية وخاصة مادتي المازوت والبنزين، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، تسببت في خسائر بقطاعات أخرى في سوريا، فقد أدى شح مادة المازوت وغلائه في السوق السوداء وغياب الكهرباء لفترات طويلة، إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج في مصانع الألبسة، ما أثر على تصدير الملابس السورية وجعلها خارجة عن المنافسة مع الدول المجاورة الأخرى، وتسبب بالتالي لإغلاق بعض مصانع الألبسة مؤخرا.

ركود في أسواق الألبسة

عضو مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها نور الدين سمحا، بيّن، أن الطلب على شراء الألبسة خلال عيد الأضحى سيكون ضعيفا جدا، منوها إلى أنه خلال عيد الفطر الماضي كان هناك انخفاض في مبيعات الألبسة أما خلال عيد الأضحى القادم فمن المرجح أن يكون هناك انخفاض كبير أو بالأحرى شبه انعدام بالمبيعات وأن تكون مثل حجم المبيعات خلال الأيام العادية، مرجعا السبب إلى ضعف القوة الشرائية للمواطن من جهة، وتوجه الناس لشراء المستلزمات الضرورية الأهم، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية اليوم الاثنين.

وأشار سمحا إلى أن هناك ارتفاعا في تكاليف إنتاج الملابس حاليا بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، بالإضافة إلى نقص مادة المازوت منذ شهور، وهي المشكلة الأهم، حتى في السوق السوداء فهي غير متوفرة حاليا، وسعر شرائها أصبح مرتفعا اليوم ووصل إلى مبالغ كبيرة، معربا إن ما سبق أدى إلى مشكلة كبيرة أخرى وهي توقف بعض مصانع الملابس عن الإنتاج خلال الشهرين الماضيين.

إيقاف التصدير

في سياق متصل، أكد عضو غرفة الصناعة، أن الأمر لا يتوقف عند السوق الداخلية، بل يتجاوزه إلى الخارجية، لأن ارتفاع تكاليف الإنتاج أثر في تصدير الألبسة وأخرجها من المنافسة مع الدول الأخرى المجاورة.

وأوضح عضو الصناعة، أن “المنافس الأقوى حاليا للألبسة السورية في السوق العراقية هي البضائع التركية وأصبحنا في وضع لا نحسد عليه”.

ولفت إلى أن “الأسواق التي ترغب في الألبسة السورية ونقوم بالتصدير لها بالعادة هي الأسواق العراقية والليبية والجزائرية والتصدير انخفض لهذه الأسواق حاليا بسبب ارتفاع التكلفة كما أسلفنا بنسبة تزيد على 50 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية”.

وأوضح عضو غرفة الصناعة أثناء حديثه مع الصحيفة المحلية، أن “الحل الأمثل لمعالجة مشكلة التصدير لهذه الدول هو توفير الكهرباء والفيول والمازوت التي تعتبر مادة رئيسية في إنتاج الألبسة والتي ينعكس ارتفاع سعرها بشكل مباشر على الإنتاج”، مؤكدا أن “عدم توافر المشتقات النفطية في سوريا، يساهم في زيادة الاحتكار وبالتالي ارتفاع أسعارها في السوق”.

قد يهمك: بالغرامات فقط.. المكسرات للأثرياء في سوريا

العزوف عن الشراء

حول أسعار الألبسة وارتفاعها بالتزامن مع اقتراب عيد الأضحى، أفاد عضو غرفة الصناعة بدمشق، أنه لم ترتفع عن أسعارها خلال عيد الفطر الماضي، مستعربا: “دون أن ترتفع الأسعار لا يوجد حركة بيع فكيف إذا ارتفعت؟”، مشيرا إلى المعروض من الألبسة متوافر ولا يوجد نقص، لكن المشكلة بانخفاض الطلب وضعف القوة الشرائية لدى المواطنين، منوّها في الوقت نفسه أن مبيعات الألبسة للعام الحالي تعتبر منخفضة عن العام الماضي بنسبة كبيرة.

لكن، وبحسب آراء الأهالي وأصحاب محال الألبسة، فإن أسعار الألبسة وخاصة فئة الأطفال، تشهد ارتفاعا كبيرا في الأسواق السورية، فضلا عن تفاوت الأسعار، واختلافها بين سوق وآخر وحتى بين محل وآخر، فقد بات بائعو الألبسة يستغلون موسم العيد الذي حرك السوق، ولو بشكل خجول للبيع بأعلى سعر ومحاولة عدم تفويت أي زبون، وفق ما نقلته صحيفة “تشرين” المحلية، مؤخرا.

وفي جولة للصحيفة المحلية، على عدد من محال الألبسة في منطقتي المزة، والشيخ سعد بالعاصمة السورية دمشق، كانت الأسعار صاعقة، إذ يتراوح سعر الحذاء الرجالي ذي الجودة والصناعة العادية ما بين 40 إلى 50 ألف ليرة سورية، مرتفعا سعره عن الأسابيع الماضية بحدود عشرة آلاف ليرة.

كما وصل سعر الحذاء الرياضي إلى 75 ألف ليرة، بينما سجل سعر الحذاء النسائي بين 40 و 60 ألف ليرة، وبنطال الجينز بين الـ75-50 ألف ليرة حسب الماركة والسوق، في حين وصل سعره في بعض المحلات لأكثر من 100 ألف ليرة، والقميص الرجالي من الماركة العادية ما بين 30 – 50 ألف ليرة، كما حافظت الكنزة النسائية على سعر بين 30 و50 ألف ليرة حسب النوعية والجودة.

ولم تسلم ألبسة الأطفال من اشتعال الأسعار، والتي سجلت أرقاما فلكية إذ وصل سعر الفستان البناتي ما بين 60 – 100 ألف ليرة، والطقم الصيفي الولادي بين 50 و70 ألف ليرة، والحذاء البناتي والولادي ما بين 30 إلى 60 ألف ليرة.

بدورهم أكد عدد من أصحاب محال الألبسة، أن إقبال المواطنين على الشراء خجول جدا، فعدد ما يبيعونه باليوم من كسوة العيد لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، مشيرين إلى أن إقبال المواطنين على شراء ألبسة الأطفال يشهد حركة مقبولة نوعا ما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، وفقا لصحيفة “تشرين” المحلية.

ومؤخرا، وصف موقع محلي، أسعار ألبسة الأطفال في الأسواق السورية، بأن “أصفارها أكبر من حجمها، ووزن القطعة أقل من وزن الأوراق النقدية المرصودة لسعرها“.

وفي إطار غلاء الأسعار، عدد من المواطنين المتسوقين في الأسواق أكدوا لصحيفة “تشرين” المحلية في وقت سابق، أن جميع من يتجه إلى الأسواق ينصدم بالأسعار المعلنة، إذ لم يعد بمقدور النسبة العظمى من المواطنين حتى وإن كانوا من ذوي الدخل الجيد مجاراة هذه الأسعار، مستغربين من الأرقام الفلكية التي يطلبها الباعة رغم أن مجمل الملبوسات صناعة محلية ومخزّنة بالمستودعات.

ونتيجة لارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، وسط تدني الرواتب والمداخيل التي يصل متوسطها إلى 165 ألف ليرة سورية، أي ما يعادل 35 دولارا، وبحسبة بسيطة، إذا كان للأسرة السورية طفلان، فإنها تحتاج إلى نحو 300 ألف ليرة سورية فقط لشراء كسوة العيد للطفلين فقط، بالإضافة إلى مستلزمات العيد التي أصبحت أسعارها خيالية، والتي تقدر بأكثر من نصف مليون ليرة سورية. لذلك، وبحسب آراء الأهالي، ومتابعة حركة السوق من قبل “الحل نت”، التي تشهد ركودا في الأساس، فإن معظم العائلات ستمتنع عن شراء ملابس جديدة لأولادها، مما سيحرمهم من أجمل طقوس العيد.

قد يهمك: “أسعار كاوية”.. كسوة العيد للأطفال بـ100 ألف ليرة سورية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.