مع الحديث عن احتمالية إنشاء منطقة آمنة في الجنوب السوري، في الوقت الذي تعزم فيه تركيا على إقامة “منطقتها الآمنة” في الشمال السوري، وتأثر مصير الحل في سوريا بسبب هذه المناطق، وتطور التحركات الروسية السلبية في الملف السوري، لا سيما في البادية والتي يتواجد فيها قوات أميركية تتبع “التحالف الدولي”، ظهر تطور جديد على مستوى التدريبات والتسليح.

لأول مرة.. منظومة صاروخية أميركية

تأتي التطورات الجديدة الذي يتخذها “التحالف الدولي” بقيادة أميركا في جنوب سوريا، بعد القصف الروسي الذي استهدف مقرات لفصيل “مغاوير الثورة” المعارض، والمدعوم من واشنطن في منطقة الـ55 التابعة للقاعدة، شرعت القوات الحكومية السورية مؤخرا إلى حفر أنفاق في محيط تلك المنطقة وتسعى لزرع ألغام فيها.

وفي ضوء تقارير عن توترات روسية – أميركية في أعقاب القصف الروسي الأخير لمقر فصيل “مغاوير الثورة” المدعوم من واشنطن، قامت القوات الأميركية في قاعدة “التنف” في جنوب سوريا بتدريبات عسكرية مستخدمة لأول مرة منظومة الصواريخ الأميركية “هيمارس”.

وكان الهدف من التدريبات، بحسب بيان “مغاوير الثورة”، والذي اطلع عليه “الحل نت”، هو “إظهار قدرات القوات على حماية سكان المنطقة من أي اعتداء”، على الرغم من أن الفصيل لم يحدد موعدا محددا للتدريب، اكتفت بالقول إنه “تم مؤخرا”.

وخلال التدريبات العسكرية في منطقة التنف جنوب شرق سوريا، بالقرب من الحدود الأردنية، نشر “مغاوير الثورة” صورا لمنظومة الصواريخ الأميركية “هيمارس” ومراحل إطلاقها، إذ يعتقد أنها رسالة مباشرة لروسيا.

وفي إشارة واضحة إلى الضربة الروسية التي استهدفت مواقع الفصيل في منطقة “التنف” الشهر الماضي، ذكر البيان، إن إطلاق الصاروخ أظهر خبرة القوات، وقدرتها على حماية السكان المحليين من أي هجوم.

وكان الجنرال مايكل إريك كوريلا، الذي تولى رئاسة القيادة المركزية الأميركية، قد التقى بعشرات من قوات العمليات الخاصة والمتدربين الأجانب المتمركزين في قاعدة “التنف”، بعد أيام من الغارة الروسية، وقال: “سوف نضغط من أجل إعادة رسم بعض الخطوط الحمراء، وآخر شيء تريد واشنطن القيام به حالياً هو بدء نزاع مع روسيا”.

ماذا يجري في منطقة الـ 55؟

صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، نقلت عن مسؤولين في البيت الأبيض لم تذكر أسماءهم، أن السلطات الأميركية قلقة فعلا من تطور الأحداث بهذا الشكل، مشيرة إلى أن السلطات الأميركية سجلت في حزيران/يونيو، عدة حوادث وصفها مسؤولو البنتاغون بأنها أعمال استفزازية وتصعيدية، أو غير آمنة وغير مهنية من جانب روسيا وإيران في المنطقة.

الناطق باسم المكتب الإعلامي، لفصيل “مغاوير الثورة” المعارض المدعوم من واشنطن، قال لـ”الحل نت”، أن قوات الحكومة السورية قامت مؤخرا، بجلب معدات وآليات حفر ثقيلة إلى محيط منطقة الـ55 كم، وعملت على رفع سواتر ترابية في المناطق التي لا يوجد فيها سواتر، وذلك في محاولة منها لإطباق حصار على المنطقة، وعلى مخيم “الركبان” (المجاور للمنطقة).

وأوضح، أن الخنادق والأنفاق والسواتر، هي خارج منطقة الـ55 كم، مشيرا أن زراعة الألغام في المنطقة ليست جديدة، ودائما ما يروح ضحيتها المدنيون وخاصة رعاة الأغنام. من جهته، الصحفي المقيم في مخيم الركبان، محمد العبد، أكد خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن حفر الأنفاق وإنشاء السواتر عمل تقوم به القوات الحكومية منذ عدة سنوات، إلا أنه نشط بشكل كبير مؤخرا.

الأكاديمي والخبير في الشأن الروسي، عبد الكريم الحريري، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن منطقة الـ55 كم، وخاصة قاعدة “التنف”، تشكل هاجسا مخيفا للروس، إذ يعتقدون أنها قاعدة دائمة، ولن تخرج منها قوات “التحالف الدولي”، كما أنها ستكون منطلقا لمخططات في المستقبل، لذلك يحاول الروس في كل مرة اتهام الأميركيين بعدم مشروعية تواجدهم في المنطقة، وأن الحق بالتحرك والتصرف فيها لحكومة دمشق، وحلفائها الروس والإيرانيين.

من جهته، محمد العبد، أوضح أن قوات “التحالف الدولي”، تفرض سيطرتها بشكل كامل على المنطقة، وهناك زيارات مستمرة لقادة أميركيين وبريطانيين للقاعدة، ولن يسمحوا بالمساس بها من قبل أي جهة، خاصة في ظل حديث عن محاولات القوات الحكومية التقدم عسكريا نحو مخيم “الركبان” والمنطقة المحيطة فيه.

وكانت إحدى النقاط التابعة لفصيل “مغاوير الثورة” في منطقة “حوش مطرود” المجاورة لقاعدة “التنف” تعرضت منتصف الشهر الماضي لهجوم من قبل طائرات حربية روسية، بعد إبلاغ الروس للأميركيين بموعد الهجوم قبل وقوعه.

ما هي منظومة الصواريخ الأميركية “هيمارس”؟

يُعد السلاح الجديد الذي فعّلته الولايات المتحدة في جنوب سوريا، نظام إطلاق الصواريخ المتعددة “إم 142 هيمارس” من خلال وحدة متنقلة يمكنها إطلاق عدة صواريخ دقيقة التوجيه في الوقت نفسه، وهي إصدار حديث وأخف وزنا وأكثر رشاقة، من راجمة الصواريخ المتعددة “إم 270” المثبتة على الجنزير التي تم تطويرها في السبعينيات للقوات الأميركية.

وتحمل الراجمة الواحدة من منظومة “هيمارس” ستة صواريخ موجهة من خلال نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي إٍس”، حيث تبلغ دقتها مسافات تصل إلى 70-84 كم، أي حوالي ثلاثة أضعاف مدى مدافع الهاوتزر التي قدمتها أميركا لكييف حتى الآن.

وبحسب التقارير العسكرية، فإن مهمة منظومة الصواريخ الأميركية “هيمارس”، “هي الاشتباك مع مدفعية الميدان، ووحدات الدفاع الجوي، والمدرعات الخفيفة، وناقلات الجند المدرعة، وتجمعات المشاة، وهزيمتها، وهي قادرة على إطلاق صواريخه والابتعاد سريعا، قبل أن تتمكن قوات العدو من تحديد موقع الراجمة”.

وبتفعيل نظام “هيمارس” في جنوب سوريا، سوف يتحتّم على القوات الروسية والسورية والمليشيات التابعة لها، أن تكون على بُعد 80 كيلومترا خارج نطاق المنظومة الصاروخية، بينما أي اقتراب يعرِّض القوات والأسلحة الروسية للخطر. ويمكن للنظام أن يهدِّد مستودعات الإمداد الروسية والإيرانية.

ويمكن لـ”هيمارس” إزالة الكبسولة التي تم استهلاكها وتحميل واحدة جديدة خلال دقائق، بدون مساعدة المركبات الأخرى، لكن ستحتاج الطواقم إلى بعض التدريب، ويمتلك الجيش الأميركي وحدات “هيمارس” في أوروبا، لتمتلكها فيما بعد بعض حلفاء “الناتو” مثل بولندا ورومانيا، ومؤخرا أوكرانيا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.