في قرار جديد يدين ممارسات حكومة دمشق في استخدامها المستمر للعنف في مراكز الاحتجاز القسري، تبنى “مجلس حقوق الإنسان”، قرارا يدين بشدة استمرار الاعتقال التعسفي والتعذيب والانتهاكات، بما في ذلك العنف الجنسي والاختفاء القسري والإعدام في سوريا.

وقال “مجلس حقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة، في 8 تموز/يوليو، عبر نشر تغريدة على حسابه الرسمي على منصة “تويتر”، إن مشروع القرار “A/HRC/50/L.5 Rev.1″، بشأن حالة حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية، تم اعتماده.

“العنف الجنسي” سمة الحرب

ضمن السياق ذاته، قدمت بريطانيا القرار الخاص بحالة حقوق الإنسان في سوريا بالنيابة عن فرنسا وألمانيا وإيطاليا والأردن والكويت وهولندا وقطر وتركيا والولايات المتحدة.

وحظي القرار بتأييد 25 دولة، وعارضته ست دول وهي: أرمينيا وبوليفيا والصين وكوبا وإريتريا وفنزويلا، بينما امتنعت 15 دولة عن التصويت، أبرزها: الإمارات العربية المتحدة وليبيا والسودان.

ودان القرار الدولي بشدة، مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص في “عهدة الحكومة السورية، واستخدام الاغتصاب في مراكز الاحتجاز، بما في ذلك ضد الأطفال أداة للمعاقبة والإذلال وبث الخوف، مطالبا حكومة دمشق بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين”.

كما وطالب القرار، دمشق بالوفاء بمسؤولياته في حماية السكان واحترام وحماية حقوق الإنسان للشعب السوري الخاضع لسيطرتها، بمن فيهم النساء والأطفال والمحتجزون وعائلاتهم، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد.

ودعا إلى بذل كل الجهود لضمان العدالة لجميع من عانوا من الانتهاكات المرتكبة منذ عام 2011 في سوريا، واتباع نهج منسق وفعال يركز على الناجين ويوفر لهم الخدمات الصحية والرعاية والدعم النفسي والاجتماعي.

على طرف آخر، قال ممثل المملكة المتحدة لدى “الأمم المتحدة” في جنيف، سيمون مانلي، في سوريا، في بيان، أثناء جلسة التصويت، “تنتهك حقوق النساء والفتيات بشكل منهجي، ويستخدم العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي كسلاح حرب”.

وبيّن مانلي أن “العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي لا يزال سمة من سمات الحرب في سوريا، وأداة تستخدم لنشر الخوف في جميع أنحاء البلاد”.

ونوّه مانلي إلى أن النساء والفتيات يتعرضن للإيذاء عند نقاط التفتيش، ويتم استغلالهن جنسيا وإساءة معاملتهن أثناء العمليات العسكرية البرية، فضلا عن سوء المعاملة والتعذيب في مراكز الاحتجاز.

هذا إلى جانب التطرق إلى التعذيب الجنسي الذي يتعرض له رجال وصبية  لترهيبهم وإذلالهم لإسكاتهم، حيث شدد، مانلي، على أن “مجلس حقوق الإنسان لا يمكن أن يظل صامتا”.

وأكد على أن “الناجين يعيشون في خوف من الانتقام، ويتحملون ليس فقط معاناة نفسية وجسدية مدمرة، ولكن أيضا وصمة العار المرتبطة بصدماتهم”.

وذكر الدبلوماسي البريطاني أن القرار المقدم يدين هذه الانتهاكات، ويدعو إلى وضع حد فوري للعنف الجنسي والجنساني من قبل جميع الأطراف، ويدعو إلى محاسبة الجناة، وتوفير الوصول الفوري إلى الخدمات الصحية والنفسية، وحماية الأطفال من جميع أشكال العنف.

وشدد مانلي على أنه “من غير المعقول أن يتعرض الأطفال للعنف والاستغلال الجنسيين، لكن هذا ما يحدث في سوريا”، مبينا أنه “بالنظر إلى الانتشار المروع للعنف الجنسي في سوريا، فإن أقل ما يمكن لهذا المجلس فعله هو اعتماد هذا القرار وإظهار أننا لا ننسى الناجين من هذه الفظائع”.

قد يهمك: بعد شهر على العفو.. من أصل 132 ألف معتقل دمشق تفرج عن 527 معتقل فقط

إحصائيات حقوقية

ضمن إطار انتهاكات الاعتقال والاختفاء القسري والتعذيب في سوريا، وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، في الخامس من تموز/يوليو الجاري، اعتقال ما لا يقل عن 1024 شخصا، بينهم 49 طفلا و29 امرأة، خلال النصف الأول من عام 2022.

وأضافت الشبكة في تقريرها إن “معظم حوادث الاعتقال تحدث دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش أو في أثناء عمليات المداهمة، وغالبا ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال، بعيدا عن السلطة القضائية”.

وأوضحت الشبكة الحقوقية، إن المعتقل يتعرض للتعذيب منذ اللحظة الأولى لاعتقاله، ويُحرم من التواصل مع عائلته أو محاميه. كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التعسفي ويتحول معظم المعتقلين إلى مختفين قسريا.

وفي سياق متصل، أشار التقرير الحقوقي إلى القانون رقم “16” لعام 2022 لتجريم التعذيب الذي أصدره الرئيس السوري، بشار الأسد، في 30 من آذار/مارس الفائت، والذي اعتبر فيه جريمة التعذيب جناية تستوجب عقوبة شديدة لمرتكبها، أو لمن شارك فيها، أو لمن حرض عليها، بأنه سيبقى حبرا على ورق، ولن يسهم في ردع الأجهزة الأمنية عن ممارسة التعذيب.

كما أصدرت حكومة دمشق، في 30 نيسان/ أبريل الفائت، المرسوم التشريعي رقم /7/ لعام 2022 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخه عدا التي أفضت إلى موت إنسان. وقد سجل التقرير الحقوقي إفراج الحكومة السورية عن قرابة 539 شخصا، بينهم 61 سيدة، و16 شخصا كانوا أطفالا حين اعتقالهم.

ووفق التقرير الحقوقي، فإن حكومة دمشق اعتقلت مئات آلاف السوريين على مدى قرابة اثني عشر عاما، ولا زالت تعتقل/ تخفي قسريا قرابة 132 ألف مواطن سوري منذ آذار/مارس 2011 حتى أيار/مايو 2022.

قد يهمك: عفو “الجرائم الإرهابية” في سوريا.. من يشمل وما أهدافه؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.