معبر “نصيب” الواقع على الحدود السورية الأردنية، استؤنفت من خلاله التجارة بين البلدين، ولكن بشكل محدود، وتوقفت في بعض الأحيان نتيجة الاضطرابات الأمنية وانتشار جائحة كورونا، لتعود هذه التجارة للانتعاش مؤخرا بعد عملية التسوية الثانية في درعا في أيلول/سبتمبر من العام الماضي. وسط غلاء المعيشة والظروف الصعبة لمعظم السوريين، ومن بينهم سائقي الشاحنات، وردت شكوى لوسائل الإعلام المحلية من سائقي شحن الترانزيت في معبر “نصيب”، تحدثوا فيها عن إغلاق المعبر قبل نحو أسبوع من قبل حكومة دمشق، معربين عن خوفهم من تلف بضائعهم في الشاحنات.

بسبب المازوت؟

صحيفة “تشرين” المحلية، نشرت تقريرا يوم أمس السبت، ذكرت فيه أنها تلقت شكاوى من سائقي شحن الترانزيت في معبر “نصيب” الحدودي مع الأردن، تحدثوا فيها عن إغلاق المعبر من قبل الحكومة السورية، معربين عن خشيتهم من تلف الخضار والفواكه في الشاحنات، وذلك لعدم تأمين المازوت بالشكل الكافي لتشغيل البرادات.

وأردفت الصحيفة المحلية في تقريرها نقلا عن السائقين، التجار سوف يحمّلونهم مسؤولية تلف البضائع، “نظرا للتعاقد معهم على تسليمهم البضاعة بشكل سليم تماما”، مشيرين إلى أن تشغيل برادات الشاحنات يلزم 70 ليترا من المازوت بشكل يومي.

بدوره، اعتبر مدير النقل الطرقي محمود الأسعد، إن” الإغلاق أمر مستغرب وجديد على الحدود السورية”، قائلا إن إدارة الجمارك كان عليها تبليغ وزارة النقل في حال نيتها إغلاق الحدود، لوجود سيارات تقطع التذاكر من الوزارة ذهابا وإيابا، فكان يجب وضع وزارة النقل بالصورة، ولاسيما أن السيارات الأجنبية لديها فترة مكوث محددة لا يجب تجاوزها، وفي حال التجاوز تُغرّم من قِبل الجمارك.

ونوّه الأسعد، أثناء حديثه للصحيفة المحلية إلى أن موظفي الجمارك لا يعطّلون سواء يوم جمعة أو سبت أو أي من الأعطال الرسمية الأخرى، “على اعتبار أن المعبر منفذ حدودي مثله مثل المطار والبحر ولا يجب أن يُغلق”.

وأشار الأسعد، إلى محاولته التواصل مع المعنيين في الجمارك، للاستفسار عن سبب ما يحصل على الحدود، ولكن لا أحد يرد على الاتصالات المتكررة، وفق قوله.

قد يهمك: الاستثمارات السورية في الأردن: هل تنجح عمّان باستقطاب المستثمرين بدلاً من المخدرات؟

إعادة فتح معبر “نصيب”

توقفت تجارة سيارات السفريات المعروفة باسم “البحارة” مع حركة العبور بين الأردن وسورية منذ العام 2015، عقب سيطرة المعارضة المسلحة آنذاك على معبر “نصيب” الحدودي من الجانب السوري.

واستمر الحال كذلك حتى استعادت حكومة دمشق سيطرتها على محافظة درعا في نهاية تموز/يوليو 2018، ليعاد افتتاح معبر “نصيب” في منتصف تشرين الأول/أكتوبر من العام نفسه، ليعود التفاؤل بين التجار من الطرفين السوري والأردني.

حيث عادت التجارة بين البلدين ولكن بشكل محدود، وتوقفت في بعض الأوقات نتيجة الاضطرابات الأمنية، وانتشار جائحة كورونا، لتتوقف خلالها لعدة أشهر بسبب تفشي الوباء في سوريا بشكل كبير، إلا أن هذه التجارة عادت للانتعاش مؤخرا بعد عملية التسوية الثانية في درعا في أيلول/سبتمبر من العام الفائت.

رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية في سوريا، والبطء في إجراءات التنقل بين البلدين، إلا أن “البحّارة” يحاولون استغلال أي فرصة للعمل ونقل البضائع والركاب بعد الخسائر الكبيرة خلال السنوات الماضية، وفق تقرير سابق لـ”الحل نت”.

يقول عبدالله الحمد، “بحّار” أردني في حديث سابق لموقع “الحل نت”، أنه بعد تشغيل معبر نصيب قبل عدة أشهر بدأ بالتجهز للسفر إلى سوريا لمعاودة عمله، ويقوم حاليا برحلة في الأسبوع على الأقل، حيث يقوم بنقل الركاب، ونقل بعض البضائع والسلع خلال رحلة العودة.

ويوضح الحمد أن البضائع السورية رغم ارتفاع أسعارها بشكل كبير عن السابق، إلا أنها تبقى أقل من نظيرتها في السوق الأردني، بخاصة الألبسة، وبعض المنتجات الغذائية المصنعة كالأجبان وما شابهها، وهذا الفارق بالسعر يشكل مربحا معقولا، بالإضافة إلى إدخال بعض علب السجائر التي يغطي مربح بيعها في الأردن تكلفة السفر والوقود وفحوصات “كورونا”.

ويُعتبر العامل الاقتصادي من بين العوامل الرئيسة التي دفعت الأردن إلى إعادة فتح المعابر مع سوريا. فقد كانت سوريا مهمة للاقتصاد الأردني طيلة القرن السابق، الذي أعقب نشأة الدولتَين بشكلهما الحديث في أعقاب الحرب العالمية الأولى، وفق تقارير صحيفة.

ويرتبط الأردن وسوريا بمعبرين حدوديين رئيسيين، هما: “الرمثا/الجمرك القديم، وجابر/نصيب”. وفي آب/أغسطس 2020، أغلق الأردن معبر نصيب، بسبب ارتفاع إصابات كورونا المسجلة على الحدود، وأعاد تشغيله بشكل كامل في أيلول/سبتمبر2021.

ولم يقطع الأردن علاقته بحكومة دمشق، لكن العلاقة بين الجانبين تراجعت إلى الحدود الدنيا خلال السنوات الماضية، حتى تشرين الأول/أكتوبر 2021، عندما تلقى الملك الأردني عبد الله الثاني اتصالا هاتفيا من الرئيس السوري بشار الأسد. إلا أن العلاقات عادت للتدهور مؤخرا، بعد تصاعد عمليات تهريب المخدرات من الجنوب السوري إلى الأردن. ويتهم مسؤولون أردنيون الميلشيات الموالية لإيران، وحكومة دمشق بتنظيم عمليات التهريب.


قد يهمك: بين الانحسار والانتعاش.. ما مصير تجارة “البحّارة” بين سوريا والأردن؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.