مرة أخرى، يجدد رئيس حزب “الشعب الجمهوري” التركي المعارض كمال كليجدار أوغلو، عزمه إعادة السوريين إلى بلادهم، في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية التركية المقبلة.

إذ لا يزال ملف اللاجئين السوريين ورقة بارزة ومؤثرة في صراع الأطراف السياسية في تركيا قبل الانتخابات العامة هناك التي باتت “على الأبواب”.

كليجدار أوغلو، قال في وقت سابق إن تركيا سترسل ملايين اللاجئين السوريين الذين تستضيفهم إلى بلادهم، كما قال أنه سيعيد العلاقات الدبلوماسية مع الرئيس السوري بشار الأسد، في حال فوزه بالانتخابات العامة التي ستقام في تركيا صيف العام المقبل.

أربعة مراحل

ورقة اللاجئين السوريين تعد الملف الأبرز في يد المعارضة التركية، حيث تواصل التركيز على مسألة اللاجئين السوريين في خطابها السياسي الموجه لانتقاد الحكومة التركية التي لم تقصر بدورها في استغلال ورقة اللاجئين السوريين سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي.

وفي كلمة أمام ممثلي منظمات المجتمع وقادة الرأي في أنقرة، قبل يومين، صرح كليجدار أوغلو، إن الأتراك غير مرتاحين مع اللاجئين السوريين، “سوف نعيدهم إلى بلادهم، ونهيئ لهم الظروف المناسبة للعيش بسلام في بلادهم”.

وبيّن أن خطته تعمل على إعادة 99 بالمئة من اللاجئين السوريين خلال عامين إلى بلادهم، بعد توفير جميع سبل الأمان والاستقرار لهم، على حد زعمه.

وأردف كليجدار أوغلو أن مراحل خطته تقوم على أربعة مراحل؛ هي إقامة حوار مع الحكومة السورية وإعادة العلاقات معها، وضمان سلامة أرواح المواطنين وممتلكاتهم، فيما سيتدخل الجيشان التركي والسوري والأمم المتحدة لتوفير الأمن، ثم توفير أماكن السكن والعمل للعائدين بتمويل من الاتحاد الأوروبي.

وتابع في حديثه أن المرحلة الأخيرة هي نقل مصانع السوريين الموجودة في ولاية غازي عنتاب إلى حلب للعمل هناك، وتوفير فرص عمل للسوريين العائدين، زاعما بأن خطته سترسل اللاجئين السوريين بسلام ودون عنصرية، وفق تعبيره.

قد يهمك: أوهام المنطقة الآمنة التركية في سوريا.. ترحيل اللاجئين بأي ثمن؟

الاستخدام عند الطلب

حزب “الشعب الجمهوري” المعارض، علق في 18 شهر نيسان/أبريل الماضي لافتة كبيرة، تطالب الحكومة بمجموعة من التوضيحات حول اللاجئين.

اللافتة عُلّقت في مبنى الحزب بأنقرة، وحملت عنوان “إما أن تقدم جوابا أو تقدم حسابا” وهي موجهة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومته، تضمنت أربعة أسئلة هي: “هل طلبتم من اللاجئين إثبات معلومات هويتهم الحقيقية؟ ولماذا توزعون الجنسية عليهم ولأي شيء تستعدون؟ وهل تقومون بعمل مسح أمني عند منح الجنسية للاجئين؟ ولماذا تسمحون بعبور غير نظامي للاجئين بظل معرفتكم من الحدود؟”.

وفي تعليق سابق للكاتب السياسي درويش خليفة، حول هذا الاحتدام السياسي بين السلطات التركية ومعارضتها، فإن “تصريحات المعارضة التركية ليست وليدة اللحظة ولا نتيجة الانتخابات التركية الحالية. فمنذ قرابة 8 سنوات، استفادت المعارضة التركية من ورقة اللاجئين السوريين في أي استحقاق انتخابي”، وفق رأي الكاتب السياسي درويش خليفة “للحل نت”.

اللاجئون ورقة ضغط لكسب المصالح؟

مع احتدام التصريحات السياسية من قبل السلطات التركية والأحزاب المعارضة التركية، فإن الفترات المقبلة قد تجلب مزيدا من النقاشات والتوترات السياسية وتبادل الاتهامات بين الحكومة والمعارضة في تركيا، وسيكون ملف اللاجئين ورقة مهمة في يد المعارضة لتأثيره المباشر على الناخب التركي.

وبالعودة إلى الكاتب السياسي، درويش خليفة، يعتقد أن “أي معارضة في العالم تحاول دائما استغلال أوراق الضغط الشعبي، للضغط على السلطات وكسب الأصوات والنقاط في الانتخابات أو أي استحقاق آخر. أما في تركيا فالموضوع بصراحة أن الجميع استفاد من ورقة اللاجئ السوري، سواء من قبل السلطات أو المعارضة، حتى في سوريا سابقا حاول الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، كثيرا أن يلعب بورقة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا”، وفق تعبير خليفة.

وخلص الكاتب السياسي حديثه، بالقول: “الآن اللاجئون السوريون أنفسهم مطالبون بالبحث عن بدائل في حال خسر الحزب الحاكم في تركيا، أو فيما إذا المعارضة السورية ستقوم بإخراجهم واحتوائهم أو أن يتم حمايتهم بموجب القوانين الدولية، وكل هذه الأمور تقع على أكتاف السوريين والنشطاء المدنيين والمنظمات المدنية الإنسانية والحقوقية، لإيجاد سبل لإخراجهم من هذه العقبة إذا نجحت المعارضة التركية بالفعل في الانتخابات المقبلة وتصاعد الأمر وذهب إلى اتجاهات أخرى”.

هذه ليست المرة الأولى الذي يدعو فيها كليجدار أوغلو، إلى عودة السوريين إلى بلادهم، حيث توعد عدة مرات بأنه سيحل المشكلة السورية ومشكلة السوريين في غضون عامين، مؤكدا تصميمه على ذلك.

وشدد في تصريحات سابقة لوسائل الإعلام التركية، على أن “المواطنين الأتراك لم يعد بإمكانهم تغطية نفقاتهم، وأصبحوا عاطلين عن العمل بسبب  اللاجئين السوريين في تركيا منذ سنوات”.

الإعادة القسرية

في المقابل، يواجه سوريون كثر مخاطر وتحديات كبيرة حتى يجتازوا الحدود السورية التركية، حيث تشدد السلطات التركية رقابتها على حدودها الجنوبية ما يضع العديد من السوريين الذين يصلون حديثا للأراضي التركية ضمن دائرة خطر إعادتهم للبلاد.

وفي ظل الوعود التي يطلقها زعيم أكبر أحزاب المعارضة التركية، كليجدار أوغلو، بشأن إعادة ملايين السوريين إلى بلدانهم، فقد قامت أيضا السلطات التركية الحالية بإعادة آلاف السوريين قسرا بعدة تهم تعسفية.

ووفقا لتقرير حقوقي لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” صدر منتصف شهر شباط/فبراير الفائت، فإنه قد تم ترحيل أكثر من 155 ألف سوري/ة بشكل قسري إلى داخل الأراضي السورية خلال أعوام 2021 و2020 و2019 تحت مسمى “العودة الطوعية”.

وأشار التقرير الحقوقي إلى أنه، “خلال مقارنة دقيقة للأرقام بحسب التصريحات التركية الرسمية، أظهرت وجود فجوة متعلقة بأعداد اللاجئين السوريين الحقيقيين في تركيا”.

 السلطات التركية ومنذ النصف الثاني من عام 2018، قامت بإجراءات تعسفية تجاه طالبي اللجوء واللاجئين الذين تمتعوا “بالحماية المؤقتة” لديها، فقامت باحتجاز بعضهم في معسكرات/مراكز ترحيل بالقرب من الحدود التركية/السورية، قبل ترحيلهم قسريا إلى سوريا لاحقا.

الجدير بالذكر أن تصريحات المعارضة التركية، تثير حالة استياء وغضب بين السوريين، خاصة المقيمين في تركيا، فالعودة إلى سوريا، وخاصة المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، تهدد حياتهم وأمنهم، لا سيما وأن الآلاف منهم مطلوبون لدى الأجهزة الأمنية السورية، والآلاف منهم قد دمرت منازلهم بشكل شبه كامل.

قد يهمك: تجدد الصراع السياسي في تركيا بسبب السوريين.. ما المصير؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.