انفلات في أسعار السوق السورية، وخاصة المواد الغذائية التي باتت تخضع تسعيرتها لمزاجية تجار الجملة والمفرق على حد سواء، وسط عجز حكومي عن وضع حد لما يجري، على الرغم من ادعاءات وزارة التموين بالمراقبة وإصدار المخالفات، والتي وصلت أخيرا لحد تهديد هؤلاء التجار.

تهديدات ترتفع الأسعار

وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حذرت يوم أمس الثلاثاء، كل فئات التجار الذين يتعاملون بالمواد الغذائية، بأن البيع بسعر زائد سوف يعرضهم لضبوط وفق المرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2021 الذي يتضمن الحبس وإغلاق منشآتهم لمدة لا تقل عن شهر، بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية اليوم الأربعاء.

ونقلت الصحيفة عن نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها، ماهر الأزعط، أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تلوّح كل مدة بعصا التهديد والوعيد للتاجر الذي يرفع الأسعار دون القيام بإجراءات حقيقية، متمنياً تنظيم ضبوط بحق التجار الذين لم يلتزموا بتنفيذ المرسوم رقم 8 بدلا من التهديدات، لافتا إلى أن بعض التجار يتباهون اليوم برفع الأسعار، فليس هناك رادع وخصوصا تجار المواد الغذائية، مشيرا إلى أنه يوجد في كل دول العالم إجراءات رادعة وصارمة تنفذ بحق التجار، الذين يرفعون أسعار المواد الغذائية.

وبيّن الأزعط، أن جمعية حماية المستهلك قامت مؤخرا بجولة على سوق الهال بمنطقة الزبلطاني، فتبين أن كل تجار الجملة ليس لديهم فواتير بالبضائع الموجودة، ولديهم حجتهم أن المستورد لا يقوم بتزويدهم بفاتورة، فضلا عن ذلك فإن تجار الجملة في سوق الهال لا يقومون كذلك بإعطاء تجار المفرق فاتورة بالبضاعة التي اشتروها.

كما أوضح أن المشكلة التي تقع فيها وزارة التجارة الداخلية، هي اتخاذها القرارات بمفردها، لافتا أن في كل دول العالم يتم إشراك أشخاص من المجتمع الأهلي كمستشارين، يتم الاستفادة من أفكارهم المطروحة وتطبيقها على أرض الواقع، أما في سورية فلا يوجد تشاركية بين الوزارات ولا بين أي وزارة والمجتمع الأهلي.

وأشار الأزعط، إلى أن نسبة ضبط السوق من وزارة التجارة الداخلية لا تتجاوز 10 بالمئة حاليا والدليل الفوضى التي تشهدها الأسواق، مبيّنا أن لجوء الوزارة إلى تحذير التجار اليوم دليل على خروج الأمور عن السيطرة، وأن العقوبات التموينية موجودة لكنها تطول فقط تجار المفرق، الذين لا يحصلون على فاتورة من تجار الجملة.

إقرأ:دمشق.. أسعار ملتهبة للمواد الأساسية في السوق السوداء

عوامل مختلفة ترفع الأسعار

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أن هناك عددا من العوامل التي تسهم في ظاهرة ارتفاع الأسعار، وأهمها غياب أدوات ضبط ومراقبة السوق المحلية.

وأيضا، فإن ارتفاع تكاليف البنزين والشحن والأسمدة والنقل، فضلا عن التصدير، وهو ما يساهم أيضا في ارتفاع الأسعار، على الرغم من أن الهدف الأساسي من وراء منع التصدير سابقا هو تحقيق الاكتفاء الذاتي، ومن ثم يسمح بتصدير الفائض من الطلب الاستهلاكي.

ولفت التقرير، إلى أن عدم وفرة المادة يؤدي إلى ارتفاع سعرها، ولا أحد قادرا على ضبط الأسعار، لا الجمعية ولا المديرية ولا الوزارة ولا حتى الحكومة، لأن الكل يقدم مبرراته، والإجراءات القسرية هي آخر الحلول ولم تنجح أيضا.

وفي سياق نتائج ارتفاع الأسعار، فإن من يتأثر بذلك هو المواطن، فالوضع لم يكن أسوأ من أي وقت مضى، إذ يقدر تقييم الأمن الغذائي وسبل العيش لعام 2020 الذي أجراه برنامج الأغذية العالمي، أن عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد – مما يعني أنهم لا يستطيعون البقاء على قيد الحياة دون مساعدة غذائية – قد تضاعف في عام واحد فقط ليقف عند 1.3 مليون شخص.

وحذّر البرنامج، أنه ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فإن 1.8 مليون شخص إضافي معرضون لخطر الوقوع في حالة انعدام شديد للأمن الغذائي، فعلى مدار العام الماضي، ارتفعت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء سوريا، وارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسبة 236 بالمئة، ولا تزال ارتفاعات الأسعار مستمرة حتى الآن في ظل تدني وضع الليرة السورية.

قد يهمك:أدوات ضبط السوق ترفع أسعار الخضار السورية لأرقام قياسية

من الجدير بالذكر، أن مشكلة ارتفاع الأسعار في السوق السورية باتت أمرا من الصعب التحكم به، فالحكومة غير جادة في إيجاد آليات لضبط الأسعار، وهناك فوضى عارمة تجتاح السوق، ويبقى المواطن هو من يتكبد معاناة نتائج ما يجري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.