خلال الأيام الأخيرة شهدت الليرة السورية انخفاضات متتالية إضافية مقابل الدولار الأميركي، حيث بلغ سعر صرف الدولار الواحد يوم أمس الخميس نحو 4200 ليرة سورية، فيما يرى مختصون أن الليرة متجهة نحو انهيار جديد في سعر الصرف خلال المرحلة القادمة.

ونتيجة لانخفاض قيمة الليرة، وزيادة نسبة التضخم بشكل غير مسبوق، وارتفاع الأسعار، اتجهت الحكومة لإدراج سندات الخزينة ضمن بورصة دمشق.

طرح سندات الخزينة

في سابقة هي الأولى من نوعها، تطرح وزارة المالية السورية، أوراقا مالية من نوع أذونات خزينة وسندات حكومية للتداول بسوق دمشق للأوراق المالية للاكتتاب عليها، أو بيعها للأشخاص العاديين والاعتباريين مثل المصارف والمؤسسات والشركات، وذلك اعتبارا من الثامن من شهر آب/أغسطس القادم.

وبحسب متابعة “الحل نت”، فإن هيئة الأوراق والأسواق المالية (بورصة دمشق)، ستعلن في الأول من الشهر المقبل، عن طبيعة وقيمة هذه الأوراق المالية الحكومية وفترة سدادها وشروط وآلية الاكتتاب، بحسب ما أعلن رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية عابد فضلية يوم أمس الخميس.

وأوضح فضيلة، أن القانون رقم 60 لعام 2007 يسمح لوزارة المالية بطرح مثل هذه الأوراق المالية عند حاجتها لمزيد من رؤوس الأموال لتوظيفها في عروق مهمة بالاقتصاد، مبينا أن الفرق بين الأذونات والسندات يكون في مدة تسديد قيمتها للمكتتبين عليها من قبل وزارة المالية، حيث تكون مدة سداد الأذونات أقل من سنة ومدة سداد السندات أكثر من سنة وقد تصل إلى 30 سنة.

إقرأ:وصل إلى 100 مليون.. قرض السكن يتضاعف في سوريا

ما الأهداف؟

بحسب فضيلة، فإن إصدار مثل هذه الصكوك يحقق ثلاث غايات، الأولى نقدية وهي تقليص حجم السيولة الحرة في السوق بهدف خفض أو لجم التضخم، كما أن الغاية الثانية تأتي بهدف تحريض وتحريك الاستثمار إن استخدمت أموال المكتتبين في تأسيس مشاريع إنتاجية، وأما الهدف الثالث فهو اقتصادي واجتماعي، من خلال تشغيل الأموال والمدخرات الراكدة.

الخبير الاقتصادي، حسن سليمان، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن وزارة المالية عادة ومن خلال البنك المركزي، تطرح السندات أو ما يسمى بسندات الخزينة ضمن استراتيجية واضحة الأهداف والمعالم، فمثلا عندما يكون هناك فائض نقدي في السوق، يساهم في التضخم، يعمد البنك المركزي إلى طرح السندات.

وأيضا كذلك تُطرح السندات للتحكم في سعر الفائدة، وكذلك تطرح لتمويل مشاريع استراتيجية، وبكل الأحوال سندات الخزينة تباع بالعملة المحلية، فإذا بيعت بغيرها، يكون هذا العمل هو سلب لمدخرات الناس والشركات والبنوك من القطع الأجنبي.

أما الأهداف التي تسعى وزارة المالية السورية إلى تحقيقها، فإنه لا يمكن معرفتها تماما إلا بعد الاطلاع على التقارير المالية الصادرة عن البنك المركزي، وهذا يمكن فقط في الدول ذات الشفافية وليس في سوريا، بحسب سليمان.

في حين يرى خبراء في الاقتصاد، أن البورصة السورية غير متنوعة، إذ تقتصر على أسهم المصارف وبعض الشركات المدرجة بالسوق، وهذا الإجراء يمكن أن يوفر لوزارة المالية طرق تمويل إضافية ويساهم في امتصاص وضبط المعروض النقدي.

قد يهمك:قروض جديدة في سوريا تتجاوز نصف مليار ليرة.. من المستفيد؟

إلزامية في الشراء أم طمع بالبيع للخارج؟

بعض الخبراء الاقتصاديين، يشككون بجدوى الشراء للسندات، متسائلين عن الجهات التي من الممكن أن تشتري، خاصة أن نسبة التضخم أضعاف نسبة الفائدة، إضافة لاحتمال انهيار الدولة أو الافلاسات.

أما حسن سليمان، فيرى أن هناك مبالغ ضخمة تأتي من بعض دول الخليج، تحت مسمى استثمار أجنبي، وعلى ما يبدو أن سوق الأسهم في بورصة دمشق قد تعطل ولم يعد يجلب الاستثمار الأجنبي، لذلك تم طرح السندات لاستقطاب أموال الخليج وغيرها التي تدخل تحت اسم استثمار وما هي في الحقيقة إلا مساعدات لدعم حكومة دمشق.

وأوضح سليمان أنه من غير المرجح أن تعول الحكومة، على المدخرات المحلية الوطنية للبنوك والشركات والشعب لشراء السندات، ويعود ذلك لعدة أسباب أولها عدم الثقة بمقدرة الحكومة على السداد، وعدم وجود ضمانات حكومية، كما أن الاقتصاد السوري لا يغطي كلفة الاستثمارات.

وحول فكرة قيام الحكومة بإلزام المصارف بشراء السندات، بعد طرح مزاد للاكتتاب على سندات بقيمة 300 مليار ليرة، يرى سليمان، أنه لا يوجد قانون في أي دولة بما فيها سوريا يجبر أي مواطن او شركة على شراء سندات خزينة، وبالتالي فإن نظرية تبييض الأموال الأجنبية هي الأقرب للصحة، وستكون هذه الأموال مساعدات لحكومة دمشق من أجل استمرار ثباتها وامتصاص خيرات البلاد وتمويل عملياتها التجارية الخارجية.

ولفت سليمان، إلى أنه ربما هناك ما هو أبعد من ذلك، مثلا أن يكون عائد بيع هذه السندات لصالح دولة ثالثة للتخلص من العقوبات المفروضة والقيود المالية، فالاحتمالات كثيرة ومفتوحة.

وخلُص سليمان، إلى أنه بالنسبة للمواطن أو الشركة المحلية تشتري فقط في حال لاح أمل في تحسن ونمو اقتصادي عالي في المستقبل، وغير ذلك فمن الصعب أن يقوم الأشخاص أو الشركات بإقحام أنفسهم بذلك حيث ستكون أموالهم عرضة للنهب.

إقرأ:سوريا.. قروض بدون فوائد للطاقة البديلة

يشار إلى أن حكومة دمشق تسعى منذ أشهر إلى تجفيف السيولة النقدية، والسيطرة على الكتل النقدية الكبيرة بالليرة السورية، ما أدى إلى خسائر كبيرة بالنسبة للمستثمرين أصحاب الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، كما أن بورصة دمشق تعاني من محدودية التداول، إذ لم تتجاوز مجمل التداولات، يوم الأربعاء الماضي، نصف مليار ليرة سورية (نحو 125 ألف دولار)، إثر صفقة ضخمة وحيدة، بالإضافة إلى 221 صفقة عادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.