مع ارتفاع حدة الاستقطاب ما بين “التيار الصدري“، وغريمه “الإطار التنسيقي” المدعوم إيرانيا، ودعوة الأخير إلى لتظاهرات مضادة لدعوة زعيم التيار الشيعي البارز مقتدى الصدر، إلى الشعب العراقي بالخروج إلى “ثورة” إصلاحية تهدف إلى تغيير النظام والدستور، دخلت طهران على الخط الأزمة معبرة عن موقفها.

وعبرت الخارجية الإيرانية، اليوم الاثنين، عن موقفها من احتجاجات أنصار الصدر الجارية الآن في العراق، مؤكدة أن الأطراف العراقية يمكنها تجاوز هذه المرحلة.

المتحدث باسم الخارجية، ناصر كنعاني وفي تصريحات نقلتها وكالة إيران الرسمية “إرنا“، وتابعها موقع “الحل نت” قال إن “التطورات الراهنة بالعراق شأن داخلي والأحزاب والتيارات العراقية قادرة على تخطي هذه المرحلة“.

كنعاني أضاف أيضا، أن “إيران تحترم قرار الشعب العراقي وتؤمن بأن الحوار يعتبر أفضل طريقة لتسوية المشاكل“، مؤكدا ” دعم إيران لإرساء السلام والأمن في هذا البلد“.

وكان أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر اقتحموا المنطقة الخضراء-شديدة التحصين، التي تضم مباني حكومية ومقار بعثات دبلوماسية وسط العاصمة العراقية بغداد منذ صباح السبت الماضي، وللمرة الثانية بظرف 72 ساعة، احتجاجا على ترشيح “الإطار التنسيقي” لمحمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.

اقرأ/ي أيضا: “الإطار التنسيقي” يرد على بيان الصدر ويدعو لتظاهرات مضادة

 اقتحام الخضراء

المتظاهرون الذين احتشدوا منذ مساء يوم الجمعة بدعوة من الصدر والتيار الصدري، أزالوا حواجز خرسانية كانت القوات الأمنية قد أنشأت منها حواجز أمنية على الجسر الجمهوري المؤدي للمنطقة الخضراء، ودخلوا المنطقة متجهين إلى البرلمان العراقي، حيث أعلنوا بدء اعتصام داخل البرلمان.

وأعلن أنصار التيار الصدري بدء اعتصام مفتوح داخل مبنى البرلمان، وذلك بعدما كانوا قد توجهوا إلى مبنى مجلس القضاء الأعلى معبرين عن غضبهم اتجاهه، لما يعتبرونه انحيازا من قبله لصالح تحالف “الإطار“، والسبب الرئيس في فشل مشروع قائدهم الذي كانت كتلته قد حققت أكبر حضورا نيابيا في الانتخابات المبكرة التي أجريت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بـ 73 مقعدا، بتشكيل حكومة “أغلبية وطنية“.

ويأتي تعليق الخارجية الإيرانية بعد التطور الأخير في المشهد، حيث أعلن زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، يوم أمس الأحد أن ما يحدث فرصة لتغيير النظام والدستور والانتخابات في البلاد، وهذا ما اعتبره “الإطار” محاولة لانقلاب مشبوه، فيما وجه دعوة لتظاهرات مضادة.

وقال الصدر في تغريدة على موقع “تويتر“، وتابعه موقع “الحل نت“، إن ” إن “الثورة العفوية السلمية التي حررت المنطقة الخضراء كمرحلة أولى لهي الفرصة الذهبية لكل من اكتوى من الشعب بنار الظلم والإرهاب والفساد والاحتلال والتبعية، فكلي أمل أن لا تتكرر مأساة تفويت الفرصة الذهبية الأولى عام 2016″.

وأضاف، “هذه فرصة أخرى لتبديد الظلام والظلامة والفساد والتفرد بالسلطة والولاء للخارج والمحاصصة والطائفية التي جشمت على صدر العراق منذ إحتلاله وإلى يومنا هذا، نعم، فرصة عظيمة لتغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات التي إن زورت لصالح الدولة العميقة باتت أفضل انتخابات حرة ونزيهة، وإن كانت نزيهة وأزاحت الفاسدين باتت مزورة تنهشها أيادي الفاسدين من جهة والدعاوى الكيدية من جهة أخرى“.

اقرأ/ي أيضا: تعليق إماراتي حول تظاهرات “التيار الصدري” 

الجميع على المحك

الصدر خاطب الشعب العراقي، قائلا “يا أيها الشعب الأبي الحر المحب للإصلاح والديمقراطية والمواطنة والقانون والاستقلال والسيادة والهيبة وحصر السلاح بيد دولة قوية أبوية تفرض القانون على نفسها قبل الفقراء، ولا تستثني المتنفذين والمليشيات وما شاكل ذلك. أيها الأحبة، إنكم جميعا مسؤولون وكلكم على المحك (.. ) إما عراق شامخ بين الأمم أو عراق تبعي يتحكم فيه الفاسدون والتبعيون وذوو الأطماع الدنيوية بل وتحركه أيادي الخارج شرقا وغربا“.

وأشار إلى أنه “حينئذ ليس أمامي إلا الدعاء والبكاء على نهاية العراق التي باتت قريبة، أيها الأحرار إنها صرخة الإمام الحسين: هيهات منا الذلة (.. ) وصرخته: من سمع واعيتنا ولم ينصرنا…“.

 وتابع: “من سمع واعية الإصلاح ولم ينصرها فسيكون أسير العنف والمليشيات والخطف والتطميع والترهيب والتهميش والفقر والذلة ومحو الكرامة، ويا أيها الشعب الحبيب: هبوا لطلب الإصلاح في وطنكم كما خرج الإمام الحسين لطلب الإصلاح في أمته وأمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله، فعراقكم عراق المقدسات وعراق الحضارة وعراق الجهاد وعراق الربيع الإصلاحي فلا تفوتوا الفرصة وإلا فلات حين مندم“.

من جهته، وصف “الإطار التنسيقي” التصعيد بأنه وصل حد الدعوة للانقلاب على الشعب والدولة وعلى العملية السياسية والانتخابات والشرعية الدستورية التي حظيت بدعم جماهيري مرجعي ودولي، وصوت عليها الشعب بأغلبيته المطلقة، كما وصف الإطار الأحداث بالأمر الخطير الذي يذكّر بالانقلابات الدموية التي شهدها العراق طيلة عقود ما قبل التغيير.

https://twitter.com/meqdisi/status/1553873495561584646?s=21&t=KY3t60MXW5Q__5HhTpQ7RA

اقرأ/ي أيضا: الصدر يخاطب العراقيين.. الثورة التي حررت “الخضراء” فرصة لتغيير النظام والدستور

تهديد للسلم الأهلي

“الإطار” قال في بيان مساء أمس الأحد، إن أي مشروع لتعديل الدستور خارج الأطر الدستورية هو تهديد للسلم الأهلي وسلطة القانون، وأضاف في بيان أن الشعب العراقي وعشائره وقواه لن تسمح بالمساس بالثوابت الدستورية من قبل جمهور كتلة سياسية واحدة، وأنه يقف مع الشعب في الدفاع عن حقوقه وشرعية الدولة والعملية السياسية بكل ما يستطيع.

كما جاء في بيان “الإطار” أنه مستمر في الدعوة إلى الحوار مع جميع القوى السياسية، خصوصا من وصفهم بـ الإخوة في التيار الصدري، انطلاقا من شعوره بالمسؤولية الشرعية والوطنية وأهمية اللحظة التاريخية التي يمر بها العراق، وفق تعبيره.

من جهتها، دعت اللجنة التنظيمية لدعم الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة التابعة للإطار التنسيقي إلى التظاهر اليوم الاثنين، دفاعا عن الدولة العراقية ضد ما وصفته بالطغيان الدكتاتوري بعد التطورات الأخيرة التي تنذر بإلغاء العملية الديمقراطية فيها، وفق تعبيرها.

وجاء في بيان للجنة تلقاه “الحل نت“: “ندعو أبناء شعبنا العراقي بكافة أطيافهم وفعالياتهم العشائرية والأكاديمية والثقافية إلى أن يهبوا للتظاهر سلميا للدفاع عن دولتهم التي ثبتت أركانها دماء الأف الشهداء، بوجه الطغيان الدكتاتوري والاحتلال والطائفية والإرهاب الداعشي، ومستقبل أبنائهم الذي حرص حشد العراق وقواته الأمنية على ضمانه“.

 وتأتي تلك الأحداث نتيجة لصراع سياسي دام لنحو 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة، بين الطرفين وبعد وقوف “الإطار التنسيقي“، بوجه مشروع “التيار الصدري“، الذي كان يدعو إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

سبب الصراع

بعد الانتخابات ذهب التيار الصدري صاحب الحظ الأوفر في الانتخابات، لتشكيل تحالفا ثلاثيا مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، واسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

أصر “إنقاذ وطن” بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار التنسيقي” الذي استمر بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك الجميع فيها، وهذا ما لم يقتنع به زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع الأغلبية جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة.

والفشل سببه كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية، البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث، حيث وجه الصدر أنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. واشنطن قلقة بشأن تظاهرات الصدريين و”الإطار” يؤجل تظاهراته المضادة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة