بعد تحول تظاهرات “التيار الصدري”، في العراق، إلى اعتصام مفتوح، أبدى المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أنور قرقاش، اليوم الأحد، موقفهم من ذلك، مؤكدا أن استقرار العراق هو “استقرار للمنطقة وتعزيز لأمنها”.

المستشار قرقاش قال عبر حسابه على “تويتر”، وتابعه موقع “الحل نت”، إنه “وكما يشكل أولوية للمواطن العراقي فهو محل اهتمام عربي وإقليمي”.

كما أضاف “نتطلع إلى عراق مستقر ومزدهر وقادر على معالجة مسائله الداخلية عبر الحوار والتوافق ليستعيد دوره الرائد والحيوي على المستويين العربي والإقليمي”.

هذا ويشهد العراق حالة من الاحتدام السياسي بعدما أعلن أنصار التيار الصدري اعتصاما مفتوحا لليوم الثاني على التوالي في البرلمان احتجاجا على مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة محمد شياع السوداني، وسط دعوات للتهدئة وتجنب التصعيد.

جاء ذلك بعد أن اقتحامه أنصار “التيار الصدري”، يوم أمس السبت، مجلس النواب العراقي بتظاهرة احتجاجية على جلسة محتملة للبرلمان، ومن ثم التوجه إلى مجلس القضاء العراقي، من ثم إطلاق اعتصام مفتوح داخل مجلس النواب.

وتوجه عناصر التيار إلى مجلس القضاء بعد أن اقتحموا البرلمان، في خطوة احتجاجية على جلسة احتمالية لانتخاب رئيسا جديدا للجمهورية، إضافة إلى سخطهم على القضاء الذي يتهمونه بالانحياز إلى غرمائهم في “الإطار التنسيقي”.

اقرأ/ي أيضا: مبادرة رئيس إقليم كردستان العراق.. هل تنهي صراع الصدر والإطار؟

مراحل اقتحام الخضراء 

‏ تمكن المحتجون منذ ساعات الصباح الأولى من تجاوز الحواجز الأمنية، التي كانت قد اقتطعت بها القوات الأمنية الجسور الحيوية بين جانبي العاصمة، الكرخ والرصافة، والمؤدية لمعقل الحكومة وتجمع البعثات الدبلوماسية، ليتمكنوا من عبور الكتل الخرسانية التي أقيمت على ثلاث مراحل مرددين عبارات منددة بالفساد، ومعبرة عن رفضهم لمرشح “الإطار”، محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.

بعد ذلك، وصل المحتجون من أنصار الصدر إلى مداخل المنطقة الخضراء، لتصطدم محاولاتهم باقتحام المنطقة بالقوات الأمنية التي حاولت منعهم من الدخول باستخدام القنابل المسيلة للدموع والصوتية، ما تسبب بوقع عشرات الإصابات، بينها أكثر من 6 إصابات خطرة.

كما نقل مراسل “الحل” عن شهود عيان، استخدام الرصاص الحي من قبل عناصر مجهولة الهوية ترتدي زيا أسودا، كانت تعتلي البنايات على مدخل المنطقة.

وتسببت الصدامات بوقع 125 إصابة، بحسب بيان رسمي لوزارة الصحة العراقية، تلقاه موقع “الحل نت”، أشار إلى استنفار كافة المؤسسات والملاكات الصحية، لإسعاف وعلاج الجرحى وتقديم كافة الإجراءات الصحية اللازمة.

فيما بعد، تمكن المحتجون من دخول المنطقة الخضراء والتوجه نحو مجلس النواب واقتحامه، احتجاجا على جلسة محتملة للبرلمان لانتخاب رئيسا جديدا للبلاد.

وفي سياق ذلك، دعا القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، المتظاهرين إلى التزام السلمية وعدم التصعيد.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. واشنطن قلقة بشأن تظاهرات الصدريين و”الإطار” يؤجل تظاهراته المضادة

الموقف الحكومي

الكاظمي قال في بيان صدر عن مكتبه، تلقى “الحل نت”، نسخة منه، إن الكاظمي، وجه “القوات الأمنية بحماية المتظاهرين، داعيا “المتظاهرين إلى التزام السلمية في حراكهم، وعدم التصعيد، والالتزام بتوجيهات القوات الأمنية التي هدفها حمايتهم، وحماية المؤسسات الرسمية”.

الكاظمي أكد أيضا، أن “استمرار التصعيد السياسي يزيد من التوتر في الشارع بما لا يخدم المصالح العامة”، مشددا على أن “القوات الأمنية يقع عليها واجب حماية المؤسسات الرسمية، فضلا عن ضرورة اتخاذ كل الإجراءات القانونية لحفظ النظام”.

من جهته، حمّل المقرب من الصدر، صالح محمد العراقي، والمعروف بـ “وزير الصدر”، الكتل السياسية مسؤولية أي اعتداء على المتظاهرين.

وقال وزير الصدر، في تدوينة تبعها “الحل نت”، إنه “نحمّل الكتل السياسية أي اعتداء على المتظاهرين السلميين، فالقوات الأمنية مع الإصلاح والإصلاح معها”، مردفا: “سرقتم أموال العراق فكفاكم تعدي على الدماء الطاهرة”.

من جانبه، علق المسؤول العام لـ”سرايا السلام” الميليشيا التابعة لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، على الأحداث التي رافقت تظاهرات أنصار الصدر في المنطقة الخضراء.

وقال تحسين الحميداوي، في تدوينة تابعها “الحل نت”، إن “الجماهير أقوى من الطغاة مهما تفرعنوا”، مضيفا “دماء الشعب طاهرة وعزة”، مختتما تدوينته بوسم: “#كفاكم_سفكا_للدماء”.

سبب السخط الصدرييأتي ذلك في ظل رفض زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، لمحاولات غرمائه الشيعة في “الإطار” المضي في تشكيل حكومة جديدة، وهذا ما عبر عنه جمهور التيار في اقتحام المنطقة الخضراء معقل الحكومة العراقية، الأربعاء الماضي، ودخولهم مجلس النواب احتجاجا على إعلان “الإطار” ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، فضلا عن تلميح الصدر لموجة تظاهرات جديدة في قادم الأيام.

رفض التيار الصدري، جاء في إطار الرد على إقصائهم من عملية تشكيل الحكومة، بعد فوزهم في أكبر عدد من مقاعد البرلمان العراقي بـ73 مقعدا، في الانتخابات المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021، وتشكيلهم أكبر تحالفا نيابيا بـ180 مقعدا، مع تحالف “السيادة”، والحزب “الديمقراطي الكردستاني”.

التحالف الثلاثي، الذي سمي بـ”إنقاذ وطن”، بقيادة الصدر، فشل في المضي بمشروع تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، لعدم تمكنهم من حشد العدد النيابي المطلوب دستوريا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث مرات، بسبب تشكيل تحالف “الإطار” لما سمي بـ”الثلث المعطل”.

والثلث المعطل، هو حشد 110 مقعدا نيابيا، من أصل 329، ما يمنع جمع الحضور القانوني 220 نائبا للمضي في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الذي تكمن أهميته في تكليف مرشح الكتلة الأكبر في تشكيل الحكومة.

سبب ذلك كان لعدم توصل القوى السياسية لتفاهمات مشتركة، وبسبب تمسك “إنقاذ وطن” بمشروع “الأغلبية” الذي تستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار”، وهذا ما لم يقتنع “الإطار” به الذي ظل يدعوا لحكومة “توافقية”، يشترك الجميع فيها.

استمر الصراع أكثر من 7 شهور على الانتخابات المبكرة، وبقي الانسداد السياسي حاضرا طول تلك المدة، وهذا ما أدى إلى تعقيد المشهد أكثر.

اقرأ/ي أيضا: الصدر يخاطب العراقيين.. الثورة التي حررت “الخضراء” فرصة لتغيير النظام والدستور

انسحاب الصدر 

نتيجة ذلك، انسحب الصدر من العملية السياسية، ووجه أعضاء كتلته في تقديم استقالتهم من البرلمان العراقي في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي، لينفرط تحالف “إنقاذ وطن”، وتستبشر بعدها قوى الإطار التي اعتقدت حينها إن انسحاب الصدر، سيسهل من عملية تشكيل الحكومة.

لكن الإطار ظل يراوح مكانه، حتى أن توصل إلى تفاهمات داخلية أفضت إلى ترشيح رئيس تيار “الفراتين”، وعضو مجلس النواب، محمد شياع السوداني، إلى رئاسة الحكومة يوم الاثنين الماضي.

وعلى الرغم من التوصل إلى مرشح لرئاسة الحكومة، إلا أن الصراع داخل البيت الكردي ما زال مستمرا حول منصب رئيس الجمهورية، الذي يشغلونه منذ العام 2005 ضمن عرف سياسي يمنحهم المنصب، مقابل رئاسة الحكومة للشيعة ورئاسة البرلمان للسنة.

الصراع داخل البيت الكردي، سببه تمسك “الديمقراطي”، أكبر كتلة كردية بـ 31 مقعدا، بأحقية المنصب، مقابل محاولات حزب “الاتحاد الوطني”، بـ 17 مقعدا الحفاظ على المنصب الذي يشغلونه منذ 3 ولايات رئاسية.

هيمنة “الاتحاد الوطني – اليكتي”، على رئاسة العراق طيلة تلك المدة، هو نتيجة اتفاق سياسي حصل ما بين زعيم “الديمقراطي – البارتي” مسعود بارزاني، وزعيم غريمه الراحل جلال الطالباني، يمنح رئاسة إقليم كردستان للبارتي، مقابل ذلك.

لكن هذه المرة، يسعى البارتي إلى فك مبدأ التوازن مع اليكتي، والعمل بموجب الأحقية الانتخابية، وهذا ما لم يقتنع به اليكتي، ليبقى التدافع حول المنصب منذ انتهاء الانتخابات.

لكن البارتي يراهن على اصطفافه مع الإطار، صاحب 83 مقعدا نيابيا، ودوره في ترجيح كفة الإطار على التيار الصدري في موضوع تشكيل “الثلث المعطل”، لإعادة سيناريو 2018.

يذكر أن سيناريو 2018، شهد أيضا صراع ما بين الحزبين الكرديين حول المنصب، استمر حتى لحظة الذهاب إلى قبة البرلمان دون الاتفاق على مرشح للمنصب، ليدخل الحزبين الجلسة بمرشحين، فاز على إثرها مرشح البارتي برهم صالح الرئيس الحالي للعراق.

اقرأ/ي أيضا: العراق يغلي.. أنصار الصدر يقتحمون البرلمان والقوات الأمنية تستخدم قنابل الغاز

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.