في ظل تفاقم الأزمة السياسية الحالية التي يشهدها العراق، بسبب عدم توصل القوى السياسية إلى تفاهمات مشتركة لتشكيل حكومة جديدة منذ نحو 10 أشهر على انتهاء الانتخابات المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

ومع دخول الدورة البرلمانية الحالية في الفصل التشريعي الثاني وعدم تمكنها من عقد الجلسات النيابية المطلوبة، حيث لم يتم عقد سوى 12 جلسة نيابية، من أصل 64 جلسة للسنة التشريعية الواحدة والتي تنعقد بفصلين أمدهما 8 أشهر.

بات السؤال حول مصير الدورة البرلمانية الحالية ضرورة، ومدى فاعليتها لاسيما وأنه من المفترض أن يعمل المجلس خلال فصوله التشريعية على البت في القرارات التي تتعلق بمصير المواطنين، وغيرها من تشريعات تمس حياة الناخبين.

هو سؤال يأتي مع اتساع حجم الصراع حول تشكيل الحكومة، لاسيما بعد نزوله إلى الشارع وتحوله إلى حراك احتجاجي تطالب من خلاله كل من القوى السياسية الدفاع عن متبنياتها.

وذلك بسبب تدافع “التيار الصدري” الذي تزعمه مقتدى الصدر، وغرمائه في تحالف “الإطار التنسيقي” الشيعي المقرب من إيران، اللذان يتصارعان حول تشكيل الحكومة وآليتها، مقابل استمرار التدافع بين الحزب “الديمقراطي الكردستاني“، وحزب “الاتحاد الوطني الكردستاني” حول منصب رئاسة الجمهورية.

اقرأ/ي أيضا: الصدر يخاطب العراقيين.. الثورة التي حررت “الخضراء” فرصة لتغيير النظام والدستور

مدد تنظيمية

تعليقا على ذلك، يقول الخبير القانوني علي التميمي، لموقع “الحل نت“، إن “المدد البرلمانية هي مدة تنظيمية لا يعني تجاوزها سقوط تطبيق الحق خارج أمدها، فلا يوجد أي خرق للدستور في هذا الموضوع“.

 من جهته، يقول الخبير القانوني جمال الأسدي، أنه كـ“حل للأزمة السياسية الراهنة التي تمر بها البلاد، يجب إيجاد مخرجا للدورة البرلمانية الحالية“.

الأسدي أضاف أن “الحل الأنضج للوضع الحالي هو اعتبار الدورة البرلمانية الحالية هي مكملة للدورة للسابقة، وتنتهي في شهر أيلول 2022، وتجري الانتخابات قبل نهاية العام الحالي أو حل البرلمان، على أن تجري الانتخابات قبل نهاية العام المقبل“.

كما لفت إلى أنه “بعد ذلك، يتم تشكيل حكومة توازن بين الأطراف وتكون حكومة انتقالية“.

ويشهد العراق أحداث متسارعة، حيث كان أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر اقتحموا المنطقة الخضراء-شديدة التحصين، التي تضم مباني حكومية ومقار بعثات دبلوماسية وسط العاصمة العراقية بغداد منذ صباح السبت الماضي، وللمرة الثانية بظرف 72 ساعة، احتجاجا على ترشيح “الإطار التنسيقي” لمحمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء.

اقرأ/ي أيضا: “الإطار التنسيقي” يرد على بيان الصدر ويدعو لتظاهرات مضادة

اقتحام البرلمان

المتظاهرون الذين احتشدوا منذ مساء يوم الجمعة بدعوة من الصدر والتيار الصدري، أزالوا حواجز خرسانية كانت القوات الأمنية قد أنشأت منها حواجز أمنية على الجسر الجمهوري المؤدي للمنطقة الخضراء، ودخلوا المنطقة متجهين إلى البرلمان العراقي، حيث أعلنوا بدء اعتصام داخل البرلمان.

وأعلن أنصار التيار الصدري بدء اعتصام مفتوح داخل مبنى البرلمان، وذلك بعدما كانوا قد توجهوا إلى مبنى مجلس القضاء الأعلى معبرين عن غضبهم اتجاهه، لما يعتبرونه انحيازا من قبله لصالح تحالف “الإطار“، والسبب الرئيس في فشل مشروع قائدهم الذي كانت كتلته قد حققت أكبر حضورا نيابيا في الانتخابات المبكرة التي أجريت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي بـ 73 مقعدا، بتشكيل حكومة “أغلبية وطنية“.

من جهته، وصف “الإطار التنسيقي” التصعيد بأنه وصل حد الدعوة للانقلاب على الشعب والدولة وعلى العملية السياسية والانتخابات والشرعية الدستورية التي حظيت بدعم جماهيري مرجعي ودولي، وصوت عليها الشعب بأغلبيته المطلقة، كما وصف الإطار الأحداث بالأمر الخطير الذي يذكّر بالانقلابات الدموية التي شهدها العراق طيلة عقود ما قبل التغيير.

“الإطار” قال في بيان مساء أمس الأحد، إن أي مشروع لتعديل الدستور خارج الأطر الدستورية هو تهديد للسلم الأهلي وسلطة القانون، وأضاف في بيان أن الشعب العراقي وعشائره وقواه لن تسمح بالمساس بالثوابت الدستورية من قبل جمهور كتلة سياسية واحدة، وأنه يقف مع الشعب في الدفاع عن حقوقه وشرعية الدولة والعملية السياسية بكل ما يستطيع.

كما جاء في بيان “الإطار” أنه مستمر في الدعوة إلى الحوار مع جميع القوى السياسية، خصوصا من وصفهم بـ الإخوة في التيار الصدري، انطلاقا من شعوره بالمسؤولية الشرعية والوطنية وأهمية اللحظة التاريخية التي يمر بها العراق، وفق تعبيره.

تظاهرات مضادة

من جهتها، دعت اللجنة التنظيمية لدعم الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة التابعة للإطار التنسيقي إلى التظاهر اليوم الاثنين، دفاعا عن الدولة العراقية ضد ما وصفته بالطغيان الدكتاتوري بعد التطورات الأخيرة التي تنذر بإلغاء العملية الديمقراطية فيها، وفق تعبيرها.

وجاء في بيان للجنة تلقاه “الحل نت“: “ندعو أبناء شعبنا العراقي بكافة أطيافهم وفعالياتهم العشائرية والأكاديمية والثقافية إلى أن يهبوا للتظاهر سلميا للدفاع عن دولتهم التي ثبتت أركانها دماء آلاف الشهداء، بوجه الطغيان الدكتاتوري والاحتلال والطائفية والإرهاب الداعشي، ومستقبل أبنائهم الذي حرص حشد العراق وقواته الأمنية على ضمانه“.

ونزل اليوم الاثنين، أنصار “الإطار التنسيقي” في تظاهرات على أسوار المنطقة الخضراء.

تأتي تلك الأحداث نتيجة لصراع سياسي دام لنحو 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة، بين الطرفين وبعد وقوف “الإطار التنسيقي“، بوجه مشروع “التيار الصدري“، الذي كان يدعو إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية.

بعد الانتخابات ذهب التيار الصدري صاحب الحظ الأوفر في الانتخابات، لتشكيل تحالفا ثلاثيا مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، واسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

اقرأ/ي أيضا: إيران تدخل على خط الأزمة السياسية في العراق

سبب الصراع

أصر “إنقاذ وطن” بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار التنسيقي” الذي استمر بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك الجميع فيها، وهذا ما لم يقتنع به زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع الأغلبية جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة.

والفشل سببه كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية، البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعدها، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث، حيث وجه الصدر أنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. تظاهرات صدرية وإطارية بتوقيت واحد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.