ردا على سؤال حول محادثات محتملة مع سوريا، قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الجمعة، إن الدول لا يمكنها استبعاد الحوار السياسي والدبلوماسية، معتبرا أن أنقرة يتوجب عليها “الإقدام على خطوات متقدمة مع سوريا“.

التصريح التركي الأخير لم يدع مجال للشك بأن أنقرة باتت أقرب من أي وقت مضى لإعلان تقاربها السياسي مع دمشق، رغم عدم وضوح الأهداف الحقيقية للحكومة التركية من وراء هذا المسعى، لكن الأكثر إلحاحا بين التساؤلات التي تطرحها تصريحات الرئيس التركي تتمحور حول طبيعة تلك الخطوات المتقدمة التي تحدثها عن أردوغان، وعن الجديد الذي سيطرأ على ملف عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق.

الصحفي والمحلل السياسي عقيل حسين، يعتقد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يسعى من خلال تصريحاته إلى التمهيد للخطوة التالي، في إطار سعيه لعودة العلاقات مع دمشق، وهي خطوة التطبيع الرسمي، التي تلي التصريحات السياسية.

ما هي الخطوة التالية؟

يقول حسين في حديث خاص مع “الحل نت“: “أردوغان يمهد للتطبيع الرسمي، وهذه الخطوة تأتي استكمالا لما تم التوافق عليه بين قادة محور أستانا خلال القمة الماضية في طهران. توافق القادة الثلاث على بدء مرحلة جديدة مختلفة فيما يخص الوضع السوري، روسيا قالت إن هذه المرحلة ستغير وجه سوريا والمنطقة، وهذا ما نراه، وإلا من كان يتوقع أن تكون الانعطافة التركية تجاه النظام بهذه السرعة“.

ويرى حسين أن الخطوات المتقدمة لملف إعادة فتح قنوات التواصل بين أنقرة ودمشق، ربما ستتمثل في إعادة فتح السفارات، موضحا أن رسالة أردوغان أراد القول: “إننا أصبحنا جازون للتطبيع مع النظام في دمشق“.

اقرأ أيضا: ما رسائل حكومة دمشق من قصف الباب شرقي حلب؟

وحول ذلك يضيف: “بالتأكيد لا أحد يمكن أن يحدد ماذا برأس الحكومة التركية، لكن من الممكن أنها ستبادر مثلا إلى تبادل السفراء بين الجانبين، أو مجرد فتح السفارة والاكتفاء بقائم بالأعمال، وربما أيضا تكون المفاوضات تجري على أسس مختلفة، حسبما تم الاتفاق عليه في طهران“.

أردوغان أضاف خلال تصريحاته، في أثناء عودته من زيارته لأوكرانيا للصحفيين، “منذ البداية أصدرت تصريحات تحترم سلامة أراضي سوريا، ونعلن أن المعارضة والنظام بحاجة إلى مصالحة في سوريا، والنظام يريد حلا عسكريا، لكن الحل النهائي هو الحل السياسي“، بحسب ما نقلت وكالة “الأناضول“.

وتابع أردوغان “ليست لدينا مشكلة في هزيمة الأسد أم لا“، بحسب الرئيس التركي، و“إذا كانت المعارضة التركية استخدمت هذه السياسة، فهذا يكشف حقيقة الجودة السياسية التي وصلت إليها المعارضة التركية“، منتقدا أداء المعارضة التركية في هذه المسألة.

وزاد بالقول “ليس لدينا أطماع في أراضي سوريا.. والشعب السوري هم أشقائنا، ونولي أهمية لوحدة أراضيهم“. داعيا حكومة دمشق إلى “إدراك ذلك“، وأنه يتعين عليها أن تتفهم تصريحاته.

تصريحات الرئيس التركي، جاءت في الوقت الذي تتحدث فيه وسائل إعلام محلية تركية، بأن أنقرة تتجه نحو تطبيع العلاقات مع دمشق، وما عزز تلك المؤشرات، تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، الأخيرة، التي قال فيها؛ إن بلاده ستسعى إلى تحقيق مصالحة بين حكومة دمشق والمعارضة السورية.

العودة غير ممكنة؟

مع وضوح التصريحات التركية، يبدو أن أنقرة ماضية في ملف إعادة فتح قنوات التواصل مع دمشق بأسرع وقت ممكن، وذلك لإنجاز هذا الملف قبل موعد الانتخابات التركية العام القادم، فيما يبدو أنه محاولة لقطع الطريق على أحزاب المعارضة التي بدأت بطرح هذا الأمر، لتقديمه للناخب التركي، في ظل احتقان الشارع التركي إزاء وجود اللاجئين السوريين، حيث تركز أنقرة على أن الهدف الرئيسي من التواصل مع دمشق هو تأمين عودة سريعة للسوريين إلى بلادهم.

محللون يرون بالجهة المقابلة أن عودة العلاقات، قد تصطدم بصعوبات عديدة، وإن حصلت ستكون محدودة، لا سيما مع وضع دمشق لشروط وُصفت بـ“التعجيزية“، فضلا عن معارضة الولايات المتحدة الأميركية لأي عمليات تطبيع مع الحكومة السورية.

وسائل إعلام تركية، نقلت الخميس، شروط دمشق للتواصل مع أنقرة، تمحورت حول مطلب الحكومة السورية، في فرض سيطرتها على الخط التجاري في معبر باب الهوى، وصولا إلى دمشق، فضلا عن إعادة محافظة إدلب، إلى إدارة دمشق.

كذلك نقل التقرير، شروط أنقرة من أجل إعادة التواصل مع دمشق، تمحورت حول “مطالب أنقرة القوات السورية، بإخراج قوات سوريا الديمقراطية، من المناطق التي تسيطر عليها شمال شرقي سوريا، والاستكمال التام لعمليات التكامل السياسي، والعسكري بين المعارضة ودمشق، والعودة الآمنة للاجئين“.

وأضاف التقرير: “أنقرة تطالب بأن تكون حمص ودمشق وحلب مناطق تجريبية لعودة آمنة، وكريمة في المرحلة الأولى، ومن ثم توسيع هذا الإطار“.

الباحث السياسي، صدام الجاسر، يرى أن التصعيد العسكري الأخير بين الجيش التركي والقوات السورية، يؤكد أنه لا سبيل لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، فيما يستثنى من ذلك التواصل الاستخباراتي الموجود بين كافة الدول.

الجاسر، قال في حديث سابق مع “الحل نت“: “عودة العلاقات بين أنقرة، ودمشق باستثناء التواصل الاستخباراتي، تدخل في باب المزايدات الانتخابية، حيث يسعى الحزب الحاكم لقطع الطريق على المعارضة التركية، باستعمال هذه الورقة، لاحظنا تشدد في مجال تعامل السلطات مع اللاجئين السوريين لنفس السبب“.

ويعتقد الجاسر، أن إطلاق الحكومة التركية لهذه التصريحات، جاء بسبب أحزاب المعارضة التركية التي حاولت تقديم أوراق انتخابية، للرأي العام التركي، فاستعملت ورقة اللاجئين عبر إعادة العلاقات مع دمشق.

قد يهمك: العودة للتمثيل الدبلوماسي الكامل بين تركيا وإسرائيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة