مخاوف اللاجئين السوريين على الأراضي التركية تتصاعد بشكل مستمر، في ظل غياب أي قانون، أو جهة تحميهم من ممارسات السلطات التركية الخارجة عن أي إطار قانوني، لا سيما مع تصاعد وتيرة الترحيل إلى سوريا، ومنع آخرين من الدخول إلى تركيا رغم سريان إقاماتهم، وأوراقهم القانونية في البلاد، ما يدفع بالتساؤل عن بدء تركيا بإجراءات من شأنها إجبار السوريين على مغادرة البلاد.

منع رغم وجود إقامة

السلطات التركية منعت صباح الخميس، الناشط الحقوقي السوري أحمد قطّيع، من دخول أراضيها قادما من العاصمة المصرية القاهرة، ليصبح عالقا في مطار اسطنبول، رغم سريانة إقامته (إقامة عمل) في تركيا.

وقال قطّيع، في بث مباشر عبر صفحته الشخصية على الـ”فيسبوك” الخميس، إن أمن مطار اسطنبول منعه الدخول، طالبا منه الحصول على موافقة رسمية من مدير إدارة الهجرة في المدينة أو مدير هجرة العاصمة أنقرة.

وناشد قطّيع، مدير إدارة الهجرة في اسطنبول وأنقرة، بالتدخل للسماح بدخول الأراضي التركية، لرؤية أطفاله الغائب عنهم منذ ثلاثة أشهر، وذلك بعد أن علِق في القاهرة.

وقال قطّيع: “علقت بالقاهرة ثلاثة أشهر بسبب منع، وصلت إلى مطار اسطنبول، لكن للأسف ممنوع من دخول تركيا، أناشد مدير دائرة الهجرة في أنقرة، مدير دائرة الهجرة في اسطنبول، وزير الداخلية التركي، رحمة بالأطفال، لم يعد لدينا مكان نلجأ إليه، لا يمكنني الرجوع إلى مصر، أحتاج فيزا، أنا الآن عالق في المطار“.

وأضاف: “لقد أكدوا لي في المطار هجرة أنقرة، أو اسطنبول يمكنهما إصدار قرار بدخولي إلى تركيا، لأن إقامتي مازالت تعمل بشكل صحيح. منحوني في المطار مدة حتى يوم غد الساعة 4 مساء، للتّمكن من الحصول على موافقة من دائرة الهجرة في اسطنبول أو أنقره بالسماح بالدخول“.

قد يهمك: هل تتجه فرنسا لمحاسبة دمشق على “مجزرة التضامن“؟

مخاوف متصاعدة

قبل نحو أسبوعين شغلت حادثة ترحيل المحامي السوري، صلاح الدين دباغ، من مكان إقامته في تركيا، نحو الأراضي السورية، السوريين في تركيا، باعتباره إجراء تعسفي يمكن له أن يطال أي سوري على الأراضي التركية.

على مدار الأشهر الماضية، تصاعدت وتيرة احتجاز السوريين بدون مذكرات قضائية، أو توجيه تهمة مباشرة. ووصلت الكثير من الحوادث إلى الترحيل القسري إلى سوريا، بشكل غير قانوني، لكن التطور اللافت في قضية صلاح الدين، هو اعتقال والدته لإجباره على تسليم نفسه للسلطات.

حقوقيون وصحفيون عبّروا عن مخاوفهم، إزاء ممارسات السلطات التركية بحق اللاجئين، إذ تُعرّض تلك الإجراءات حياة مئات الآلاف من السوريين لخطر الترحيل القسري، أو الاحتجاز في إطار غير قانوني.

“لا يوجد قانون يحمينا وأصبح مصيرنا رهن مزاجية السلطات“، بهذه الكلمات يصف محمد حسام، (اسم مستعار لصحفي سوري مقيم في تركيا)، وضع السوريين المقيمين على الأراضي التركية.

وقال حسام، في اتصال هاتفي سابق مع “الحل نت“: “توقيف السلطات الأمنية التركية لوالدة صلاح الدين، لم يكن بشكل قانوني، وكان لإجبار صلاح الدين، على تسليم نفسه بسبب دعوى من قِبل إحدى الشخصيات في حزب سياسي، هذه الممارسات لا تختلف عما تعرّضنا له من قبل الأجهزة الأمنية السورية“.

وأضاف: “صلاح الدين رجل قانون ويدرس هذا الاختصاص في تركيا، ورغم ذلك لم تحميه معرفة القوانين من الممارسات العشوائية للسلطة التركية، الخارجة عن كل القوانين المحلية والدولية، المعنية بحماية حق الإنسان“.

وتعليقا على تصاعد الانتهاكات بحق اللاجئين السوريين في تركيا، ينصح المحامي السوري غزوان قرنفل، جميع السوريين المقيمين على أراضيها، بضرورة البحث عن مكان آخر للجوء أو الإقامة.

وقال قرنفل، عبر صفحته الشخصية الـ “فيسبوك” بوقت سابق: “نصيحة للسوري الموجود بتركيا ويللي ماقادر يروح لأي مكان آخر للجوء ويللي ماعنده اولاد بالجامعات هون أو اللي ظروف حياته صعبه وبالكاد عبيقدر يدبر آجار بيته .. نصيحتي يفكر جديا انو يسجل ضمن برنامج العودة الطوعية اللي بيعطوه فيه مسكن ويقصد الله ويروح يرتب أموره ببلده .. ومابدي قول أكتر من هالكلمتين“.

ويتخوف اللاجئون السوريون في تركيا، ولبنان على وجه التحديد من قرارات مفاجئة قد تعرض حياتهم للخطر، لا سيما فيما يتعلق بالإعادة القسرية إلى المناطق السورية، التي تُعد “غير آمنة” بالنسبة لملايين السوريين.

وتتعمد السلطات التركية مؤخرا تضييق الخناق على اللاجئين السوريين، فضلا عن عمليات الترحيل التي تنفّذها السلطات بحق السوريين، متجاوزة جميع قوانين البلاد، والقوانين الدولية المتعلقة بالتعامل مع اللاجئين.

واعتبر الناشط في قضايا حقوق اللاجئين، طه الغازي، أن ملف اللاجئين باتت تستخدمه الأحزاب السياسية المتصارعة في تركيا، لكسب المزيد من الأصوات على حساب حقوق اللاجئين في البلاد.

وقال الغازي، في حديث سابق لـ“الحل نت“: “نلاحظ أن تيار المعارضة دائما ما يَعد بإعادة اللاجئين إلى بلادهم، وهذا الشيء يُكسبه مزيداً من الأصوات، لذلك الحزب الحاكم بدأ يتجه بنفس الاتجاه، للأسف اليوم المجتمع السوري أصبح بين مطرقة تيار المعارضة، وسندان الحزب الحاكم“.

وأكد الغازي، أن الحزب الحاكم في تركيا، بدأ فعلا بتطبيق سياسة عودة اللاجئين، وذلك عبر طرق عديدة غير مباشرة أبرزها: “إغلاق قيود السكن بالنسبة للسوريين، الذي بات له جوانب إدارية، للأسف بعض العوائل في أنقرة، تعرضت لقرارات هدم لمساكنها، ولم تتمكن من تثبيت قيودها السكنية الجديدة“.

ويعيش في تركيا نحو ثلاثة ملايين و700 ألف لاجئ سوري، تحت نظام “الحماية المؤقتة“، وذلك وفق آخر إحصائية أعلنها وزير الداخلية التركي سليمان صويلو“.

قد يهمك: دور تركي جديد في سوريا.. ما موقف دمشق؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.