قطاعات اقتصادية مهمة في سوريا تتعرض للخسائر المتلاحقة وعلى رأسها الدواجن والألبان، لتغدو في وضع خطر يمكن معه أن تتوقف عن الإنتاج، لأسباب مختلفة تعود في معظمها للإهمال الحكومي والقرارات غير المحسوبة.

الدواجن تواجه الإفلاس

عضو لجنة مربي الدواجن غازي جاموس الحسام، أكد أن مربي الدواجن يعانون دوما من القرارات الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالنسبة للتسعيرة التموينية الصادرة للدواجن، وهذه المعاناة ليست بجديدة، لكن الوضع اختلف حاليا والمعاناة ازدادت نتيجة لارتفاع أسعار الأعلاف بشكل يومي إذ إن سعر كيلو فول الصويا (واصلا لأرض المدجنة) اليوم بحدود 3900 ليرة على حين أن سعر الكيلو كان منذ عشرين يوم تقريبا بحدود 2900 ليرة كما أن كيلو الذرة الصفراء بلغ 2350 ليرة وكان منذ عشرين يوما بحدود 1950 ليرة.

ولفت إلى أنه نتيجة لارتفاع التكاليف وغلاء أسعار الأعلاف اليومي وبسبب التسعيرة التموينية التي لا تتناسب مع التكاليف الحقيقية ازداد عدد المربين الذين خرجوا من الإنتاج ووصلت نسبتهم لأكثر من 50 بالمئة، موضحاً أن النسبة الأكبر لتربية الفروج تتركز في محافظة حماة، بحسب تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الخميس.

وأشار إلى أن نسبة كبيرة من المربين وصلوا لدرجة الإفلاس حاليا نتيجة الخسائر المتكررة التي يتكبدونها سواء من مربي دجاج بياض أو من مربي دجاج المائدة، متسائلا عن غاية وزارة التجارة الداخلية من إفلاس المربيين الذي سيؤدي مستقبلا إلى ندرة الفروج والبيض، ومطالبا إياها بإنصاف المربي كي لا تزداد نسبة الخارجين من الإنتاج، موضحا أنه على الرغم من ارتفاع سعر الفروج والبيض في النشرة التموينية فإن المربي ما زال يخسر.

ولفت عضو اللجنة إلى أن تكلفة صندوق البيض الذي يحتوي على 12 كرتونة أكثر من 170 ألف ليرة كما أن سعر صوص التربية أصبح بحدود 3 آلاف ليرة بعد أن كان العام الماضي بحدود 900 ليرة، مبينا أن التكلفة الحقيقية موجودة لكن لا يتم أخذها بالحسبان من التموين.

وأوضح الحسام، أن المصرف الزراعي كان يزود المربين بالقروض من أجل التربية أما اليوم فيقف متفرجا على المربين ولا يمنحهم قروضا أبدا، كما أن كمية الأعلاف المدعومة التي تزود بها مؤسسة الأعلاف المربين تعتبر قليلة.

من جهته، بين الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة، أن هناك مشكلة قائمة حاليا بين مربي الفروج ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالنسبة لموضوع التسعير، لافتا إلى أن إجراءات الوزارة بخصوص الرقابة على أسعار الفروج في السوق ووضع تسعيرة محددة ستؤدي مستقبلا إلى توقف المربين عن الإنتاج.

وأشار إلى أن التسعيرة التي تضعها وزارة التجارة الداخلية للفروج وأجزائه دائما هي أقل من التكلفة الحقيقية، وهذا الأمر سيؤدي إلى خروج المزيد من المربين من الإنتاج، موضحا أن أسعار الأعلاف حاليا متغيرة بشكل يومي وكذلك تكاليف النقل لذا التسعيرة التي يتم تحديدها تعتبر غير حقيقية.

إقرأ:أسباب مختلفة لارتفاعات أسعار الألبان والأجبان المتكررة في سوريا

خسائر الألبان في سوريا

بحسب عضو مجلس إدارة الجمعية الحرفية للألبان والأجبان، أحمد السواس، فإن قطاع الألبان والأجبان يتعرض لخسائر كبيرة نتيجة التقنين الطويل تصل نسبتها إلى 25 بالمئة، وأغلب الحرفيين ليس باستطاعتهم تحمل نفقة المولدات للسيطرة على الخسائر لذا خرج عن الخدمة حوالي 10 بالمئة من العاملين في قطاع الأجبان والألبان، وذلك بحسب حديثه لإذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، يوم أمس الخميس.

ووفق السواس، فإن مادة الحليب مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، واليوم الحرفي عند تخفيفه من مادة الحليب للمنشأة يعني أنه خرج عن الخدمة وذهب الحليب إلى منشأة أخرى، مشيرا إلى أن أغلب الحرفيين يضطرون للوقوف عن الخدمة أو تخفيض إنتاجهم بنسبة 50 بالمئة ليتداركوا الوضع.

وأضاف أن أغلب العائلات تستهلك حاجتها بشكل يومي ويتجنبون شراء كميات أكبر تحتاج لتخزين أكثر من يومين، فيما يعاني المربي من مشكلة الأعلاف ما يجعله يضطر لبيع دوابه لإطعام بقية الأبقار التي لديه.

قد يهمك:لهذه الأسباب توقف إنتاج ربع الألبان والأجبان.. ارتفاع أسعار جديد؟

المازوت سبب خسائر الدواجن

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فقد حذرت وزارة الزراعة السورية، من ارتفاع درجات الحرارة وما تسببه من خسائر كبيرة لمنتجي الدواجن بسبب زيادة عدد النفوق وتراجع في كفاءة الإنتاج، وخسائر في إنتاج البيض إضافة لما يسببه من تقليل بجودة قشرة البيضة وحجم البيضة وقدرتها على الفقس.

وكشف التقرير عن وجود نقص في المازوت اللازم لتشغيل المولدات، فيما نفى وزير الزراعة حسن قطنا، حدوث أي نقص في الكميات الموزعة للمازوت الزراعي، بدعوى أنه مع انتظام الإمدادات النفطية، تم تنظيم توزيع مخصصات المازوت الزراعي للمحافظات.

ونوّه قطنا، إلى أن مسؤولية توزيع المادة تقع على عاتق لجان المحروقات في المحافظات، مشددا على ضرورة مراجعة المربين هذه اللجان.

وزعم قطنا، إلى أن النقص الذي حصل في نهاية شهر أيار/مايو الفائت وبداية حزيران/يوليو الجاري بسبب نقص التوريدات وتم تلافيه وحاليا الأمور عادت إلى الشكل الطبيعي، مشيرا إلى أنه في الفترة السابقة كانت الأولوية في توزيع مادة المازوت لحصاد القمح، وفي الوقت الحالي يورد للمداجن والمحاصيل الصيفية.

من جهته، عضو لجنة مربي الدواجن حكمت حداد، أكد في وقت سابق، وقوع حالات نفوق بالآلاف في بعض المداجن بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ما تسبب بارتفاع إضافي في التكاليف، وفق ما نقل “الحل نت”.

وأشار إلى أن تكاليف التبريد مكلفة جدا، كما أن بعض المداجن تجهيزاتها بسيطة وغير مجهزة لمثل ارتفاع كهذا بدرجات الحرارة، وأضاف حداد: المازوت يقتصر توزيعه للمداجن عبر الوحدات الإرشادية في وزارة الزراعة وبكميات قليلة، في حين لا يتم توزيع أي كميات عبر لجان المحروقات في المحافظات، في حين أن المازوت متوفر، وبكميات كبيرة وبأسعار مرتفعة في السوق السوداء، ما يعني ارتفاعا إضافيا بتكاليف الإنتاج.

وعن حالة عدم الرضا من التسعيرة الموضوعة من وزارة التجارة الداخلية للفروج، قال قطنا: يتم وضع التسعيرة وفقا لدراسة التكاليف.

بينما رأى حداد، أن تسعيرة وزارة التجارة الداخلية لكيلو الفروج بـ7200 ليرة غير عادلة، خاصة أن التكلفة تتجاوز ذلك المبلغ في ظل حالات النفوق الكبيرة، ناهيك عن انخفاض وزن الفروج بسبب عزوفه عن الطعام لارتفاع درجات الحرارة.

وتابع حداد “من الطبيعي أن يصل سعر كيلو الفروج إلى 8500 ليرة من أرض المزرعة، إذ إنه من الطبيعي أن يحقق المربي هامش ربح حتى يستطيع الاستمرار بالعمل”، لافتا إلى وجود قلة بالعرض بسبب نقص الإنتاج نتيجة خروج عدد كبير من المربين بسبب الخسارة.

إقرأ:السويداء.. بسبب غلاء العلف أكثر من 112 مدجنة تغلق أبوابها

قطاع الألبان المتضرر

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن قطاع الألبان والأجبان في سوريا تضرر بشكل ملموس خلال الآونة الأخيرة، حيث وصلت نسبة الضرر إلى جوانب متعددة، كما ازدادت خسائر الحرفيين في هذا القطاع إلى نسب عالية، نتيجة لفترات تقنين الكهرباء الطويلة ودرجات الحرارة العالية. إذ يعتمد عمل حرفيين صناعة الألبان والأجبان بشكل أساسي على حوامل الطاقة من المولدات الكهربائية التي تعمل بدورها على المازوت، وبالتالي يضطر الحرفي إلى شراء المازوت من السوق السوداء، حيث يتراوح سعر اللتر الواحد بين 5 و6 آلاف ليرة سورية.

ونتيجة لارتفاع أسعار المازوت، فإن نسبة كبيرة من حرفيي صناعة الألبان والأجبان توقفوا عن العمل، حيث تراوحت نسبتهم بين 20 و 25 بالمئة، الأمر الذي ينذر بارتفاع قريب في أسعار الألبان والأجبان في الأسواق السورية، في ظل الارتفاعات المتكررة لأسعار المواد المتعلقة بصناعة الألبان والأجبان، وبناء على ذلك فإنه من المرجح حدوث موجة غلاء جديدة في هذا القطاع.

عضو الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان، أحمد السواس، كشف في تصريح سابق عن السبب الأبرز لفوضى أسعار الألبان والأجبان في الأسواق، وهو ارتفاع التكاليف، لافتا إلى أن الارتفاع لا يشمل الألبان والأجبان فقط إنما هناك أصناف أخرى من الألبان والأجبان المعلبة ارتفعت كذلك، بحسب متابعة “الحل نت”.

وأردف السواس أنه نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وموجة الحر الشديدة التي تشهدها البلاد حاليا، تلجأ الأبقار إلى شرب كميات أكبر من المياه، وبالتالي تنخفض نسبة الدسم في الحليب ونتيجة لذلك يصبح إنتاج الجبنة واللبنة يحتاج لكمية أكبر من الحليب قياسا بفترات الشتاء والطقس المعتدل.

وأشار السواس إلى أنه خلال فصل الشتاء أو الأيام التي يكون فيها الطقس معتدلا، فإن كل 6 كيلوغرامات من الحليب تنتج كيلوغراما من الجبن وكل 3.5 كيلوغرام من الحليب تنتج كيلوغراما من اللبنة، لكن في أيام الحرارة الشديدة ينتج كل 7.5 كيلوغرام من الحليب ينتج عنها كيلوغراما من الجبن و كل 4 كيلو من الحليب أو أكثر تنتج كيلوغراما من اللبنة.

في سياق أسباب انخفاض إنتاجية قطاع الألبان والأجبان، أوضح السواس، أن نسبة التلف في قطاع الألبان والأجبان خلال الفترة الحالية كبيرة، وخسائر حرفيي الألبان والأجبان كبيرة أيضا نتيجة فترات تقنين الكهرباء الطويلة ودرجات الحرارة المرتفعة، وأصبح عمل الحرفيين العاملين في صناعة الألبان والأجبان يعتمد الآن على نسبة كبيرة على المولدات التي تولد الكهرباء، فيضطرون إلى شراء المازوت بسعر يتراوح ما بين 5 الى 6 آلاف ليرة سورية للتر الواحد.

وإزاء ذلك، توقف نسبة كبيرة من حرفيي صناعة الألبان والأجبان عن العمل، بالإضافة إلى الحرفيين الذين يمتلكون ورشا صغيرة وغير منتسبين إلى النقابة الحرفية ويخدمون مناطق معينة، كذلك فقد توقفت نسبة كبيرة منهم عن العمل لعدم تمكنهم من الاستمرار في العمل، في ظل الظروف الصعبة ودرجات الحرارة العالية، وعدم قدرتهم على تأمين حوامل الطاقة وغيرها.

قد يهمك:هل تنخفض الأسعار مع دخول الفروج المهرّب إلى سوريا؟

خسائر في قطاعين من القطاعات المهمة لإنتاج أبرز المواد الغذائية للسوريين، انعكست سلبا على العملين في القطاعات من خسائر مادية كبيرة من جهة، وعلى المواطن الذي يعاني بشكل كبير من ارتفاع أسعار هذه المنتجات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.