بعد انهيار الليرة السورية أمام النقد الأجنبي في الأيام الأخيرة، أصبحت الأسعار في السوق السورية غير مستقرة وعرضة لارتفاع وانخفاض الليرة، وهذا الإجراء في السابق كان يشمل أمورا تقدر بمبالغ ضخمة، مثل الأجهزة الكهربائية والإلكترونية وأشياء أخرى، إلا أن خضوع الأسعار لتبدلات الليرة السورية أمام الدولار قد وصل إلى سوق الخضار أيضا، حيث يقوم التجار بإبلاغ المعتمدين من الباعة برفع سعر أي مادة عبر “الواتس آب” على مدار الساعة، بحسب سعر الدولار في السوق السوداء، وسط عدم التزام التجار بالأسعار التموينية.

ويأتي هذا الغلاء أيضا، نتيجة لارتفاع سعر البنزين بنحو 130 بالمئة، مؤخرا، مما أثر بدوره على باقي جوانب الحياة اليومية المتعلقة بالجانب الاقتصادي في سوريا.

فواتير وهمية

ضمن السياق، أفادت صحيفة “الوطن” المحلية، في تقرير لها اليوم الثلاثاء، نقلا عن معتمدين، أن التجار يبلغونهم برفع سعر أي مادة عن طريق “الواتس آب” على مدار الساعة، بحسب سعر الدولار في السوق السوداء، كما أوضح بعضهم الآخر أن معظم الفواتير التي تعطى لهم وهمية، لذا فإن الأسعار المكتوبة فيها غير الأسعار التي يشترون بها موادهم، وأشاروا إلى أنهم “مجبرون على التعامل بهذه الطريقة “. وكل هذا وسط غياب الرقابة الحكومية.

ولفت عدد من الباعة للصحيفة المحلية، إلى أنهم يشترون المواد من مستودعات التجار كل يوم بسعر. في إشارة إلى أن كبار التجار والمستوردين يتحكمون في الأسعار بشكل يومي بحسب تغيرات الليرة مقابل النقد الأجنبي.

بدوره، برر مصدر في مديرية التجارة الداخلية بمحافظة حماة، أن دوريات حماية المستهلك تعمل كل ما بوسعها لضبط الأسواق، من خلال متابعة حركة البيع والشراء وتداول الفواتير ومطابقتها مع الأسعار المعلنة، وهوامش الربح النظامية.

وألقت مديرية التجارة اللوم من على عاتقهم بالقول: ” تم تنظيم العشرات من الضبوط بحق التجار والباعة، الذين ارتكبوا مخالفات البيع بسعر زائد، وعدم الإعلان عن الأسعار وعدم حيازة فواتير أو تنظيم فواتير وهمية”. لكن رغم التصريحات والضوابط التي تنظمها هيئات الرقابة والتموين، فإن الأسعار لا تنخفض، بل ترتفع يوما بعد يوم.

كما وأشار المصدر في مديرية التجارة، إلى أن ضبط الأسواق والغش بحاجة إلى تعاون المواطن أيضا، فالدوريات مهما راقبت الأسواق لا تستطيع تغطية كل المحال والفعاليات التجارية.

قد يهمك: سوريا.. خسائر في قطاعي الدواجن والألبان والأسباب كثيرة

فروق الأسعار

في المقابل، أوضح مواطنون في سوق 8 آذار بحماة، أن كل المواد الغذائية وغير الغذائية ارتفعت بشكل “مهول” مؤخرا، باستثناء البندورة التي يباع الكيلو منها بـ1000 ليرة سورية فقط. وأشاروا إلى أن كيلو الخيار بـ1800 ليرة، بعد أن كان 1200 – 1500 ليرة، والبطاطا بـ1800 – 2000 ليرة، بعد أن كانت 1300 – 1500 ليرة، حسب النوع والصنف.

بينما كيس المناديل الورقية الذي كان يباع بـ 5500 ليرة، صار بـ6300 – 6500 ليرة، ومسحوق الغسيل كان 11000 ليرة وصار بـ12500 ليرة، وطبق البيض كان 13000 ليرة وصار بـ15500 ليرة، وكيلو الفروج المنظف كان 10000 ليرة، وصار بـ11500 ليرة، وكيلو الصدر المشفَّى كان 18000 ليرة، وصار بـ22000 ليرة.

ولفت المواطنون، إلى أن أسعار الألبان والأجبان هي الأخرى “هبت هبوب الريح في يوم عاصف”، فقد كان سعر كيلو لبن البقر 2400 ليرة، واليوم 2800 ليرة، ولبن الغنم كان 4200 واليوم بـ5000 ليرة، وكيلو الجبن العكاوي كان 11000 ليرة، واليوم بـ13000 أو 14000 ليرة.

وكيلو السكر كان 4500 ليرة، واليوم 5500 ليرة، وكيلو الرز كان 4200 ليرة، واليوم بـ4800 – 5000 ليرة، وكيلو البرغل الخشن كان 5000 ليرة، واليوم بـ5500 ليرة، وفق تقرير الصحيفة المحلية.

فيما ذكر مواطنون آخرون، أن مصاريف هذا الشهر امتصت الراتب، وجعلتهم على “الحديدة”، أي أنهم أفلسوا نهائيا، فالمستلزمات المدرسية من جهة، ومواد المؤونة من جهة أخرى، أما النفقات اليومية على الطعام والشراب فلا يعلم إلا الله كيف “نؤمنها”.

قد يهمك: الفواكه الاستوائية على البسطات في سوريا.. الحبة بـ10 آلاف

نفقات المعيشة الشهرية

لا يزال التضخم الاقتصادي في سوريا في تزايد، بالتزامن مع انخفاض القوة الشرائية لدى السوريين نتيجة التدني الشديد في الدخل، والذي لم يعد متناسبا مع نسب التضخم الكبيرة، ما يرفع تكلفة معيشة الأسرة السورية إلى ما لا يقل عن 3 ملايين ليرة، شهريا.

تقرير لصحيفة “البعث” المحلية، في مطلع الشهر الحالي، تحدث عن الارتفاع المستمر في الأسعار والخدمات، والتضاعف المستمر الذي يطرأ عليها، بالمقارنة مع مستوى الدخل المنخفض للمواطن، ليتبين أن هذا الدخل غير قادر على مجاراة الأسعار الفلكية للمواد الغذائية والخدمات الأساسية.

ويطرح التقرير ارتفاع أسعار بعض المواد، كالسكر والمتة، وبعض الخدمات كأجرة التاكسي، لتكون النتيجة، أن هناك بورصة نشطة ومفتوحة الاحتمالات والأرباح، فسعر السكر حاليا يتجاوز الـ6 آلاف ليرة، وأجرة التاكسي باتت بالآلاف أيضا حسب الوجهة، والمتة النصف كيلو أكثر من 12 ألف ليرة، و7 آلاف للعلبة 250 غراما، بالإضافة إلى ندرتها في الأسواق، ما أدى إلى تضاعف أسعارها إلى أرقام فلكية عند مقارنتها بمستوى الدخل وتحديدا الرواتب والأجور، فراتب الموظف بالكاد يشتري 10 علب من تعبئة النصف كيلو.

ونوه التقرير إلى الاستعانة بمحللين ماليين لقياس تآكل القدرة الشرائية لدى الموظف السوري بالاعتماد على مؤشر السكر، وأجور النقل وخاصة التكاسي وعلبة المتة، وبعمليات حسابية بسيطة ومتواضعة، وبالاقتباس من العمليات الحسابية التي أجراها سابقا الخبراء والباحثون الاقتصاديون تم التوصل إلى أنه في عام 2010 كان سعر كيلو السكر يتراوح ما بين 15 و25 ليرة، وأجرة التاكسي أيضا بـ25 ليرة، وعلبة المتة بـ25 ليرة، وحاليا (كما حدث في السكر وأجور النقل)، فإن سعر العلبة نفسها 5,500 ليرة في المحلات، وبالسعر النظامي تقريبا يعني زاد سعر العلبة 200 ضعف، وإذا كان وسطي الرواتب 15 ألف ليرة في العام 2010 فهذا يعني أن وسطي الرواتب في العام 2022 يجب أن يكون 3 ملايين ليرة، لتبقى القوة الشرائية لدخل الموظف.

وفي السياق ذاته، نقل التقرير عن أحد مستشاري رئاسة مجلس الوزراء، أن الأيام القادمة ستشهد ارتفاعا متصاعدا في الفاتورة الغذائية للأسرة السورية، ليكون مؤشرا على المستوى المعيشي الذي سيتراجع بشكل حاد، وصارت بما يفرض على العائلات أنظمة تقنين على نفسها بالنوعية والكم وبشكل كبير نظرا لصعوبة الحصول على أبسط الحصص الغذائية، فالأسرة تحتاج الآن أكثر من مليون ليرة شهريا لتأمين احتياجاتها الغذائية، دون النقل والاستطباب والدراسة واللباس وأجرة المنزل، لترتفع فاتورة النفقات الأسرية إلى أكثر من 3 ملايين ليرة شهريا، لافتا إلى أن الجهات المعنية لا تملك إجابات غير تلك المبررات التي تعلق دائما على مشاجب الحصار رغم أن الحقيقة غير ذلك.

قد يهمك: فاتورة نفقات الأسرة السورية أكثر من 3 ملايين شهرياً

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.