لم تعد أسباب ظاهرة ارتفاع الأسعار ترتبط برغبة التجار وغياب الرقابة الحكومية فقط، فهناك العديد من العوامل التي تظافرت معا لتزيد من أسعار المواد الغذائية خاصة تلك المصنّعة من الحليب، وعلى رأسها تقنين الكهرباء والأعلاف وغير ذلك.

مشتقات الحليب بسعر مرتفع

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس الأربعاء، نقل عن بعض أصحاب المحلات أنهم خلال الفترة الحالية خفّضوا الكميات التي يشترونها من الحليب بنسبة كبيرة، خوفا من تلف المواد نتيجة الانقطاعات الطويلة للكهرباء، وعدم استطاعتهم تحمّل تكاليف تشغيل المولدة لفترات طويلة بالتوازي مع صعوبة تأمين مادة المازوت للمولدات، وغلاء سعر المادة في السوق السوداء، ناهيك عن ارتفاع سعر اسطوانة الغاز الصناعي في السوق السوداء، والذي وصل لأرقام مرتفعة.

كما أوضح آخرون أن المواطن بات يشتري كميات قليلة من مشتقات الحليب تكفي حاجته اليومية، خوفا من أن تكون تالفة وغير صالحة للاستهلاك نتيجة زيادة ساعات التقنين خلال الفترة الحالية.

من جهة ثانية، أكد عضو الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان، أحمد السواس، أن حرفة صناعة الألبان والأجبان باتت للأقوياء فقط، القادرين على تشغيل المولدات، والذين يملكون رأسمال كبير، لافتا إلى أن الحرفي الذي لا يملك رأسمال كبير وغير القادر على تشغيل مولدة ترك مهنته، وخرج من الخدمة اليوم.

ولفت إلى أنه نتيجة الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي وازدياد ساعات التقنين وارتفاع التكاليف، خرج عن الخدمة أكثر من 25 بالمئة، من حرفيي صناعة الألبان والأجبان، مبينا أن سعر الحليب يرتفع أسبوعيا خلال الفترة الأخيرة، كذلك حوامل الطاقة ترتفع وهذه التكاليف الزائدة لا يستطيع الحرفي تحملها لذا يضطر للخروج عن الخدمة، كي لا يدخل بمتاهة التكاليف المرتفعة وتبقى البضاعة لديه، ولا يستطيع تصريفها وبيعها.

وأوضح بأن الحرفي الذي يعمل بصناعة الألبان والأجبان والذي يعتبر من الحرفيين المتواضعين، يتوقف عن الإنتاج حاليا ويلجأ لشراء الألبان والأجبان من حرفي أقوى منه، وإنتاجه أكبر من أجل أن يستمر بالعمل وتأمين متطلبات معيشته.

إقرأ:أسعار كاوية لمكونات “المكدوس”.. الجوز بـ40 ألف ليرة سورية

مشتقات الحليب لوجبة والأسعار مرتفعة

السواس، أشار إلى أن معظم السوريين يشترون اللبنة والجبنة اليوم بكميات قليلة تكفي للفطور أو للعشاء فقط، ولا يستطيع المواطن مع زيادة ساعات التقنين التي أثرت في عمل البرادات في المنازل، شراء كميات كبيرة ثم يرمي كميات منها في سلة القمامة وخصوصا في ظل ضعف القوة الشرائية.

وحول أسعار الحليب ومشتقاته، بيّن السواس، أن أسعارها مرتفعة جدا خلال الفترة الحالية بالتوازي مع ارتفاع سعر كيلو العلف والذي وصل لحدود 2500 ليرة، وباتت تكاليف إنتاج مشتقات الحليب بالمجمل زائدة عن السابق، إذ إن تكلفة كيلو الحليب بحدود 2250 ليرة، وكلفة كيلو اللبن على الحرفي اليوم بحدود 3050 ليرة، وكلفة كيلو الجبنة بحدود 14 ألف ليرة.

وأكد السواس، أن التسعيرة التموينية للألبان والأجبان تعتبر جائرة ولا تُنصف الحرفيين وأصحاب البقاليات، خاصة أن سعر كيلو الحليب يرتفع بشكل أسبوعي بين 75 و100 ليرة منذ أكثر من شهر ونصف، أي أنه نتيجة ارتفاع سعر الحليب الأسبوعي هناك حاجة لرفع بيان تكلفة جديد، أي رفع أكثر لأسعار مشتقات الحليب.

قد يهمك:أسعار مرتفعة للذهب في سوريا.. ما علاقة التهريب والسوق السوداء؟

خسائر في قطاع الألبان

تقرير سابق لـ”الحل نت”، نقل عن عضو مجلس إدارة الجمعية الحرفية للألبان والأجبان، أحمد السواس، فإن قطاع الألبان والأجبان يتعرض لخسائر كبيرة نتيجة التقنين الطويل تصل نسبتها إلى 25بالمئة، وأغلب الحرفيين ليس باستطاعتهم تحمّل نفقة المولدات للسيطرة على الخسائر لذا خرج عن الخدمة حوالي 10بالمئة، من العاملين في قطاع الأجبان والألبان.

ووفق السواس، فإن مادة الحليب مادة أساسية لا يمكن الاستغناء عنها، واليوم الحرفي عند تخفيفه من مادة الحليب للمنشأة يعني أنه خرج عن الخدمة وذهب الحليب إلى منشأة أخرى، مشيرا إلى أن أغلب الحرفيين يضطرون للوقوف عن الخدمة، أو تخفيض إنتاجهم بنسبة 50بالمئة، ليتداركوا الوضع.

وبحسب التقرير، فإن قطاع الألبان والأجبان في سوريا تضرر بشكل ملموس خلال الآونة الأخيرة، حيث وصلت نسبة الضرر إلى جوانب متعددة، كما ازدادت خسائر الحرفيين في هذا القطاع إلى نسب عالية، نتيجة لفترات تقنين الكهرباء الطويلة ودرجات الحرارة العالية. إذ يعتمد عمل حرفيي صناعة الألبان والأجبان بشكل أساسي على حوامل الطاقة من المولدات الكهربائية التي تعمل بدورها على المازوت، وبالتالي يضطر الحرفي إلى شراء المازوت من السوق السوداء، حيث يتراوح سعر اللتر الواحد بين 5 و6 آلاف ليرة سورية.

ونتيجة لارتفاع أسعار المازوت، فإن نسبة كبيرة من حرفيي صناعة الألبان والأجبان توقفوا عن العمل، حيث تراوحت نسبتهم بين 20 و 25 بالمئة، الأمر الذي ينذر بارتفاع قريب في أسعار الألبان والأجبان في الأسواق السورية، في ظل الارتفاعات المتكررة لأسعار المواد المتعلقة بصناعة الألبان والأجبان، وبناء على ذلك فإنه من المرجح حدوث موجة غلاء جديدة في هذا القطاع.

عضو الجمعية الحرفية لصناعة الألبان والأجبان، أحمد السواس، كشف في تصريح سابق عن السبب الأبرز لفوضى أسعار الألبان والأجبان في الأسواق، وهو ارتفاع التكاليف، لافتا إلى أن الارتفاع لا يشمل الألبان والأجبان فقط إنما هناك أصناف أخرى من الألبان والأجبان المعلبة ارتفعت كذلك، بحسب متابعة “الحل نت”.

وأردف السواس، أنه نتيجة لارتفاع درجات الحرارة وموجة الحر الشديدة التي تشهدها البلاد حاليا، تلجأ الأبقار إلى شرب كميات أكبر من المياه، وبالتالي تنخفض نسبة الدسم في الحليب ونتيجة لذلك يصبح إنتاج الجبنة واللبنة يحتاج لكمية أكبر من الحليب قياسا بفترات الشتاء والطقس المعتدل.

وأشار السواس، إلى أنه خلال فصل الشتاء أو الأيام التي يكون فيها الطقس معتدلا، فإن كل 6 كيلوغرامات من الحليب تنتج كيلوغراما من الجبن وكل 3.5 كيلوغرام من الحليب تنتج كيلوغراما من اللبنة، لكن في أيام الحرارة الشديدة، فكل 7.5 كيلوغرام من الحليب ينتج عنها كيلوغراما من الجبن، وكل 4 كيلوغرام من الحليب أو أكثر تنتج كيلوغراما من اللبنة.

إقرأ:هل تشهد أسعار الغاز المنزلي في سوريا ارتفاعات جديدة؟

تجدر الإشارة إلى توقف نسبة كبيرة من حرفيي صناعة الألبان والأجبان عن العمل، بالإضافة إلى الحرفيين الذين يمتلكون ورشا صغيرة وغير منتسبين إلى النقابة الحرفية ويخدمون مناطق معينة، كذلك فقد توقفت نسبة كبيرة منهم عن العمل لعدم تمكنهم من الاستمرار في العمل، في ظل الظروف الصعبة ودرجات الحرارة العالية، وعدم قدرتهم على تأمين حوامل الطاقة وغيرها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.