بعد تداول أنباء عن انتشار وباء الكوليرا في سوريا، وتحديدا في محافظة حلب، اعترفت وزارة الصحة السورية، بوجود حالات كوليرا، في حلب وأن هناك 15 حالة في المستشفيات. وفي السياق ذاته، أكدت “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، تسجيل 3 وفيات وإصابات بمرض الكوليرا في الرقة ودير الزور، وسط تحذيرات من تفشي الوباء بكثرة في أنحاء البلاد.

15 حالة في حلب

في سياق انتشار الكوليرا في سوريا، أعلنت وزارة الصحة السورية عن تسجيل 15 حالة إصابة بالكوليرا في حلب، دون وقوع أي حالة وفاة، في حين تلقيهم العلاج.

وبحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، عن الوزارة رُصد حالة اشتباه بالإصابة بـ”الكوليرا” في حلب، لطفل عمره تسع سنوات يعاني أعراض إسهال حاد مترافق بإقياء متكرر، وبعد التحليل تبيّن إصابته بالمرض وإعطائه العلاج اللازم، وتخريجه بعد أيام، دون تحديد الوزارة لتاريخ اكتشاف الحالة.

وبيّنت الوزارة في بيان رسمي، أنه في ذات الفترة سجلت زيادة في أعداد المراجعين بشكوى “اضطرابات هضمية” في مشافي حلب، وبعد إجراء التحليل لعدد من الحالات المشتبهة أثبتت 15 حالة إيجابيتها للمرض البكتيري، الكوليرا، مع تأكيد الوزارة بتوفر العلاج في المشافي.

وبحسب الرصد الوبائي للمرض، جرى إثبات عينة إيجابية واحدة من الصرف الصحي، وأخرى من معمل لصنع مكعبات الثلج، حيث أُغلق على الفور، وفق الصحيفة المحلية.

مشفى “الرازي” بحلب

ودعت الوزارة المواطنين لضرورة اتباع إجراءات وسلوكيات الصحة العامة مثل غسل اليدين، شرب المياه من مصدر آمن، غسل الفواكه والخضار بشكل جيد، طهي الطعام وحفظه بدرجة الحرارة المناسبة، عدم شرب أو تناول أي شيء مجهول المصدر أو يُشك بسلامته. إضافة إلى أهمية طلب المشورة الطبية المبكّرة في حال الاشتباه بالإصابة.

وأوضحت أن الكوليرا مرض ناجم عن إصابة بكتيرية، يمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، ويستغرق فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام، لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة. ومعظم من يُصابون بعدوى المرض بدون أعراضا خفيفة أو معتدلة، في حين تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة، إذا تُرك من دون علاج.

3 وفيات في المناطق الشرقية

في المقابل، أعلنت “الإدارة الذاتية” لشمال شرقي سوريا، عن تسجيل ثلاث وفيات بالكوليرا، مؤكدة انتشار المرض في المناطق التي تسيطر عليها، وبالأخص في محافظتي الرقة، ودير الزور.

وأكد الرئيس المشترك لهيئة الصحة في “الإدارة الذاتية”، جوان مصطفى، لوكالة “هاوار“، يوم أمس، تسجيل عدة إصابة بمرض الكوليرا، في الرقة، والريف الغربي لدير الزور.

عزا مصطفى، سبب انتشار الكوليرا إلى الدراسات الأولية التي أجرتها الهيئة نتيجة شرب مياه غير صالحة للشرب، كما أوضح أن المصابين يتلقون العلاج في مشفى كسرة بريف دير الزور، وأن بعض الحالات تماثلت للشفاء.

وشدد مصطفى على ضرورة اتباع وسائل الوقاية، ومعرفة مصادر مياه الشرب قبل الاستعمال، وغسل الخضراوات بمادة الكلور جيدا. وأشار مصطفى أن هيئة الصحة دعت كافة المنظمات الدولية، وعلى رأسهم منظمة الصحة العالمية لتقديم الدعم اللازم.

قد يهمك: انتشار “الكوليرا” في سوريا.. ما حقيقة ذلك؟

سبب انتشار “الكوليرا”

بحسب “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فإن انتشار المرض ناتج عن تلوّث مياه الشرب، بسبب توقف السلطات المحلية عن توزيع مادة الكلور على محطات المياه خلال الأشهر الثلاثة الفائتة. وأفاد عن ظهور العديد من أعراض المرض لدى السكان بينها تقيؤ وإسهال وصداع.

ويظهر الكوليرا عادة في مناطق سكنية تعاني شحا في مياه الشرب، أو تنعدم فيها شبكات الصرف الصحي، وغالبا ما يكون سببه تناول أطعمة أو مياه ملوثة، ويؤدي إلى الإصابة بإسهال وتقيؤ.

وأفادت وكالة “سبوتنيك”، بأن وباء الكوليرا بدأ بالنشاط في المناطق التي يعتمد سكانها على مياه الشرب من نهر الفرات، والذي بدوره يعاني من انخفاض شديد في منسوب جريانه بسبب حبس تركيا، لحصة سوريا من مياه النهر.

نقص المياه في شمال شرقي سوريا نتيجة حبس تركيا لحصة سوريا من نهر “الفرات”/ “وكالات”

ووفق مصادر محلية، فإن “الأعداد الموجودة في المشافي بريف دير الزور، وصلت إلى ما يقارب الـ200 إصابة، بينهم أطفال ونساء يعانون من الإقياء والإسهال، وارتفاع في درجة الحرارة والصداع وتشنجات في العضلات”.

وأرجعت المصادر السبب الرئيسي في تفشي المرض إلى تلوث مياه الشرب من مصدرها الوحيد، وهو نهر الفرات الذي يعاني من الانخفاض الشديد بمنسوبه بسبب حبس الدولة التركية لمياه النهر منذ أشهر طويلة.

وخلال الأسبوع الماضي تبيّن وجود عشرات الحالات التي أصيبت بالإسهال لأسباب لم يتم تحديدها، نتيجة عدم صدور نتائج التحاليل في وزارة الصحة السورية، وهي تتراوح بين 10 إلى 20 حالة، بدأت في التراجع مع نهاية الأسبوع الماضي، وكان المتهم في ذلك مياه الشرب نظرا لانتشار حالات الإسهال في منطقة محددة دون سواها من باقي مناطق ريف الرقة.

مدير صحة دير الزور، بشار الشعيبي، أفاد لصحيفة “الوطن” المحلية أن المديرية اتخذت منذ فترة كافة الاستعدادات اللازمة بمجرد وصول معلومات عن انتشار الكوليرا في العراق الشقيق، ويتم الآن استقبال حالات الإسهال في بعض المناطق، والتي يتراوح عددها يوميا بين 10 إلى 15 حالة يوميا، وهي ضمن العدد الطبيعي، وبعض هذه الحالات مصابة بالإسهال الحاد وبعضها الآخر إسهال طبيعي، لكن لا تتماشى مع وباء الكوليرا من خلال المشاهدات السريرية والقصة المرضية.

دمشق والحسكة خالية من “الكوليرا”

في سياق متّصل، أكد مدير مشفى المواساة الجامعي، عصام الأمين، عدم وجود أي حالات راجعت المشفى، ولم تسجل أي إصابة بمرض الكوليرا، أو وجود اشتباه بالإصابة، وفق ما أوردته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد.

ووفق مصادر صحفية محلية، وناشطين، ظهرت الحالات في حلب فقط، حيث نفت مصادر طبية تسجيل حالات إصابة بالكوليرا في محافظة الحسكة، مشيرة إلى أن الحالات التي تم تحويلها إلى المستشفيات حالات إسهال شديد لأسباب متعددة، وفق ما نقله موقع “أثر برس” المحلي، يوم أمس السبت.

ونقل “أثر برس”، عن مصادر في مديرية صحة الحسكة بأن عددا كبيرا من حالات الإسهال الحاد راجعت النقاط الطبية التابعة للحكومة السورية، وقد أُجري اختبار مرض الكوليرا، لحالتين منها تم الاشتباه بهما نتيجة تداخل الأعراض.

واللافت أن بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أكدوا من مصادر طبية محلية من حلب، انتشار الكوليرا، قبل أن تصدر وزارة الصحة السورية بيانا رسميا بهذا الشأن. وأضاف النشطاء: “للأسف، تأكدت أنباء انتشار الكوليرا أو ما يشبه أعراض الكوليرا في حلب ومحيطها، وأكد الخبر عدد من الأطباء في المحافظة”.

نازحة في تل أبيض تجمع المياه

وبعد نزاع مستمر منذ 11 عاما، تشهد سوريا أزمة مياه حادة، على وقع تدمير البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، أدى النزاع إلى تضرر قرابة ثلثي عدد محطات معالجة المياه ونصف محطات الضخ، وثلث خزانات المياه.

ويعتمد نحو نصف السكان على مصادر بديلة غالبا ما تكون غير آمنة لتلبية أو استكمال احتياجاتهم من المياه، بينما لا تتم معالجة 70 بالمئة على الأقل من مياه الصرف الصحي، وفق “يونيسيف”.

ونبّهت “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”، في تقرير في تشرين الأول/أكتوبر الماضي إلى أن الوصول إلى مياه الشرب الآمنة يشكل تحديا يؤثر على ملايين الأشخاص في أنحاء سوريا، حيث باتت مياه الشرب متوفرة بنسبة أقل بـ40 بالمئة، عما كانت عليه قبل عقد من الزمن. وتتضاءل قدرة المنظمات الدولية على تقديم الخدمات في هذا المجال جراء نقص التمويل.


قد يهمك: مليون ليرة تكلفة صورة الطبقي المحوري في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.