مع انتشار الفوضى وغياب القانون في العراق، لم تعد الاتهامات لبعض المقاهي والكافيهات والنوادي الليلية، خاصة تلك التي تحتوي على عمالة من النساء، بضلوعها في عمليات الاتجار بالبشر، حديثا عابرا، بل صار ذلك مؤكدا من خلال مفوضية حقوق الإنسان.

 المفوضية العليا لحقوق الإنسان، وفي أحدث تطورات هذا الملف، قالت اليوم الاثنين، إنها “أشرت وجود عمليات للاتجار بالبشر في عدد من المقاهي والكافيهات، التي تعمل فيها نساء“، مطالبة “الجهات المعنية بإجراءات حازمة للقضاء على هذه الممارسات“.

حديث المفوضية لم يأتي ضربا من الخيال، بل أنها أكدت تأشير وجود عدد من حالات الاتجار بالبشر في مجمعات تمارس هذه الظاهرة بشكل سري من قبل فرق الرصد التابعة لها، وفقا لمدير قسم العلاقات والإعلام في المكتب الوطني للمفوضية سرمد البدري.

ليس ذلك فحسب، بل أن بعض تلك المقاهي والكافيهات تمثل بؤرا وأرضا خصبة لممارسات كهذه الممارسات الممنوعة، كما يقول البدري في تصريحات لصحيفة “الصباح“، المملوكة للحكومة العراقية ومقرها بغداد، وتابعه موقع “الحل نت“.

وطالب “الجهات المعنية بـ إجراءات حازمة تتمثل بتدقيق الوضع الخاص بالموافـقـات، وبالتالي القضاء على هذه الأعمال الشنيعة“، في حين تحركت وزارة الداخلية لـ “تشكيل لجنة عليا لإعداد مسودة تعديل قانون مكافحة الاتجار بالبشر“، على حد قول البدري.

اللجنة التي تعمل بمشاركة المفوضية وعـدد من الوزارات المعنية الساندة ومنظمات المجتمع المدني ستهتم بإعداد مسودة تعديل قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2012.

اقرأ/ي أيضا: الاتجار بالبشر في العراق: أسواق لبيع الأطفال والأعضاء البشرية وسط عجز الأجهزة الأمنية

خطة فقيرة لمكافحة الاتجار بالبشر

أثناء ذلك، تعكف المفوضية على متابعة تنفيذ مفردات الخطة الوطنية الأولى التي أعدت لمكافحة الاتجار بالبشر، فيما أشرت عدم تنفيذ مفردات تلك الخطة وإغفالها استراتيجيات أساسية بإمكانها تحقيق الأهداف، يؤكد البدري.

ويلفت إلى أن “المفوضية شاركت أيضا بعدد من الاجتماعات الخاصة بإعداد الخطة الوطنية للأعوام من 2022 إلى 2026 بدعم وإسناد وشراكة منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان“.

سلسلة الاجتماعات التي شاركت فيها مفوضية حقوق الإنسان، تم من خلالها عرض النسخة النهائية للخطة وسبل إقرارها من الجهات المختصة، فضلا عن وضع آليات تنفيذ وتفعيل أنشطتها وفعالياتها من قبل الوزارات والجهات ذات العلاقة.

مدير قسم العلاقات والإعلام في المكتب الوطني للمفوضية، استعرض مخرجات الاجتماعات، قائلا: “الخطة التي أسفرت عنها الاجتماعات، تناولت الإطار القانوني الدولي والمحلي لموضوع الاتجار بالبشر، والرؤية والرسالة والأهداف التي تسعى لبلوغها في نهاية تنفيذها“.

كذلك إلى جانب “المبادئ التوجيهية لتنفيذها، بينما تتمثل المحاور الرئيسة بالوقاية والحماية ومساعدة الضحايا، والملاحقة القضائية، فضلا عن الشراكة والتعاون الإقليمي والدولي“، بحسب البدري.

أيضا اقتراح أنشطة وفعاليات تقابل كل محور مع توزيع الأدوار الخاصة بالتنفيذ ومؤشرات قياس الأداء، يبين مسؤول المفوضية، ويشير إلى أن المفوضية أبدت عددا من الملاحظات التي تتعلق ببرامج التوعية والتثقيف لمنع الاتجار بالبشر، من خلال رفـع المعلومات والمهارات لدى الشرائح الاجتماعية الـتـي تكون عرضة لهذه الانتهاكات.

اقرأ/ي أيضا: الاتجار بالبشر في العراق.. من يقف خلفه؟

الاتجار بالبشر والنوادي الليلية

موقف مفوضية حقوق الإنسان عن الاتجار بالبشر، يعزز شهادة مدير مكافحة الاتجار بالبشر في جانب الكرخ بالعاصمة العراقية بغداد، العميد وسام نصيف الزبيدي، التي قدمها في السابع من آب/أغسطس الماضي، وأكد فيها إن “أعلى نسب الاتجار بالبشر على مستوى العراق تجري في الغالب في قاعات النوادي الليلية“.

الزبيدي قال حينها في تصريحات صحفية، إن “البيانات المتوفرة لديهم تشير إلى أن أعلى نسب الاتجار بالبشر على مستوى العراق تشهده بغداد وأربيل، وتجري هذه التجارة في الغالب في قاعات النوادي الليلية حيث يجري الاحتيال على الناس“، لافتا إلى أن “أغلب الضحايا من النساء والأطفال“.

وقتها تحدث مدير مكافحة الاتجار بالبشر في الكرخ، أيضا عن جهود كشف تلك العمليات وعدد الحالات التي تم تسجيلها، قائلا “أنهم يكشفون عن هذه الجرائم بالاعتماد على الجهود الاستخبارية، وإنه خلال السنة الحالية تم الكشف عن 30 عملية اتجار بأعضاء بشرية، و60 عملية اتجار بالبشر، فيما أُلقي القبض على المتورطين قبل إتمام تلك العمليات“.

كذلك أشار العميد وسام الزبيدي إلى أن “السبب في تفشي الاتجار بالأعضاء البشرية هو سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والافتقار إلى الوعي القانوني“.

كما أكد أن “الحد من هذه الجرائم يتطلب حملة إعلامية توعوية، وأنهم تمكنوا من السيطرة على الوضع لحد ما وبلغوا مستوى متقدما في التصدي لتلك الجرائم“، بحسب العميد وسام، مشيرا إلى أنهم “ألقوا القبض على عدد من الكرد العاملين في مجال الاتجار بالبشر والأعضاء البشرية وتمت معاقبتهم وفقا للقانون“.

ويسمح القانون العراقي للشخص بالتبرع بأحد أعضائه بدون التعرض لأي تبعات قانونية، لكن بيع الأعضاء البشرية يعد جريمة يعاقب عليها القانون.

عقوبات الاتجار بالبشر

كما يعاقب قانون منع الاتجار بالبشر أو الأعضاء البشرية رقم 28 لسنة 2012 كل من يقوم ببيع الأعضاء البشرية بالسجن لمدة تصل إلى 15 سنة، وغرامة تصل إلى 10 ملايين دينار.

ما أدى إلى اتساع ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق، بحسب مراقبين، سوء الأحوال المعيشية والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنين وتفشي البطالة، وتصاعدت في الآونة الأخيرة حالات عرض عدد من المحتاجين أعضائهم للبيع لتأمين حاجاتهم.

وسائل التواصل الاجتماعي، ووفقا لمنظمات حقوقية ورقابية، تلعب الدور الأساسي والمحوري في اتساع دائرة الاتجار بالبشر، والترويج لها، حيث تتم عبرها أغلب تلك العمليات التي بلغت فقط في عام 2021، 300 حالة اتجار بالبشر.

من تلك العمليات كانت 55 امرأة وقعن ضحية الابتزاز الإلكتروني بعدما تعرضن للمساومة بدفع المال أو التشهير بنشر صورهن الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي أو تلبية رغبات دنيئة، فيما بلغ عدد المختطفين 125 شخصا.

أغلب تلك الجرائم تمت لغرض الابتزاز التي تصل مبالغه إلى 15 مليون دينار عراقي (نحو 10 آلاف دولار)، وقد تصدرت فيها محافظات بغداد، ثم تلتها الأنبار والبصرة وكربلاء، ونينوى، وكركوك، وميسان.

اقرأ/ي أيضا: من دون محاسبة.. الاتجار بالبشر ينتعش في العراق وأرقامٌ مخيفة لعدد تلك الشبكات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.