باتت تصريحات المؤسسات في سوريا عن واقع المشهد المحلي تثير جدلا واسعا، فبين انعدام الثقة بين المواطن والمسؤول بسبب عدم توافق حديثه مع الواقع، واختفائه عن التصريح في أحلك الظروف، شكلت جدارا لا يمكن كسره إلا بقلب فعلي للموازين، ليس بالحديث عن أن تحسن الكهرباء في دمشق، كان بسببه توقف معمل الأسمدة.

التحسن ساعة واحدة

خلال اليومين الماضيين شهدت ريف دمشق تحسنا نسبيا في ساعات التقنين في شبكات الكهرباء، حيث تقلصت ساعات الترشيد إلى أربع ساعات ونصف مقابل قطع ساعة ونصف الساعة.

وبحسب ما نقلته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الثلاثاء، عن مصدر في وزارة الكهرباء، فإن التحسن النسبي الذي طرأ على الكهرباء في الفترة الأخيرة والذي ظهر في معظم المناطق، يعود إلى توقف معمل الأسمدة عن استخدام الغاز المخصص لتشغيله، والذي يقدر ما بين 1 إلى 1.3 مليون متر مكعب يوميا لتشغيل مجموعات توليد الكهرباء، والذي ترافق مع اعتدال الطقس وانخفاض درجات الحرارة.

وطبقا لما ذكرته الصحيفة، فإنه بالرغم من أن معدل الإنتاج اليومي من الطاقة الكهربائية مازال دون 2 ألف ميغا واط، إلا إن اعتدال درجات الحرارة رفع معدل التغذية على الشبكة.

ولكن المصدر أضاف، أن مخزون الوقود لدى الوزارة جيد، وأن الوزارة تمكنت خلال الفترة الماضية من إعادة نسبة جيدة من المخزون الذي كان يستهلك سابقا، مقدرا معدل التوليد بنحو 6.7 مليون متر مكعب يوميا بالنسبة للغاز، وما بين 5 إلى 5.5 ألف طن يوميا بالنسبة للوقود.

وفيما يتعلق بإمدادات ناقلات الطاقة، أكد المصدر أنها لا تزال على حالها ولم تتحسن، وفي حال تم تأمين مادة الغاز الكافي يمكن أن تولد حتى 4500 ميغا واط، وهو ما يعادل 60 بالمئة، من حاجة البلد كهربائيا، مقدرا أنه في حال الوصول إلى مرحلة التشغيل الكامل لمجموعات التوليد العاملة حاليا سيصل برامج التقنين نحو 4.5 ساعات كهرباء، مقابل 1.5 ساعة قطع في مختلف المحافظات والمناطق السورية، في حين يقدر إجمالي الاحتياجات حتى الوصول لمعدلات تقنين شبه صفرية بحدود 7-8 آلاف ميغا واط.

تصريحات وهمية

جدل متجدد أثارته وزارة الكهرباء السورية، بحسب ما تابعه “الحل نت”، بعد أن أرجعت تحسن ساعات الإمداد الكهربائي في ريف دمشق إلى توقف معمل الأسمدة أو إلى الطقس، حيث أكدت التعليقات على الخبر المذكور سابقا، بأن وضع الكهرباء في المنطقة لا يزال على حاله.

يقول المواطن، تمام درويش، إن “لاحظنا إن الشعب حقل تجارب”، في حين استنكر كلّ من أحمد تراب، ومحمد عيسى ما ورد على لسان وزارة الكهرباء، حيث كتب الأول “وين هاد التحسن”، في حين علق الأخير “بالقلمون صرلا يومين عم تجي ساعة بالـ 24، مشان هيك اتحسنت بغير مناطق”.

من جهته، ذكر دريد العيد، المنحدر من منطقة جرمانا، أنه “بريف دمشق، جرمانا تحديدا زادت ساعات التقنين، يعني عكس التصريح”، في حين أضافت على ذلك جوانا عيد، أنه “في صحنايا لا يوجد أي تحسن، 45 دقيقة وصل كل خمس ساعات وربع، والله شي معيب جدا”.

من جهته، قال نوار رجب، “مشان الله المواطن ناطر حجة جديدة بما انو بلش المنخفض والجو ممتاز لا رطوبة ولا حرارة بدنا شي كذبة أو حجة حتى نوثق بكتاب غنيس أفضل حجج بواقع الكهرباء”، وتابع “معقولة معمل سماد يأخذ غاز أكثر من محطات التوليد كلها حتى يتأثر هيك، مسخرة”.

فيما خاطب الحقوقي، فوزي حميد، وزارة الكهرباء، “أي تحسن هذا الذي تبشرون به وتأملون المواطن بأن الوضع سيتحسّن إذا زادت توريدات الغاز، وماذا تفعل الحكومة طوال هذه المدة، وكأنها اعتبرت الوضع الحالي غاية إنجازاتها واستكانت له”.

الكهرباء للخطوط الذهبية فقط

في الوقت الذي يعاني فيه السوريون من عمليات تقنين تمتد لأيام في بعض الأحيان، تحاول حكومة دمشق، تسخير ما تملك من طاقة كهربائية لإيجاد إيرادات مالية عبر ما يُطلق عليها الخطوط الكهربائية الذهبية، أو المعفاة من التقنين.

في تقارير سابقة، رصد “الحل نت”، أن لدى الوزارة 382 طلبا، لاشتراكات معفاة من التقنين يصل حجمها لنحو 160 ميغا واط، إضافة لـ200 ميغا واط، التي نفذتها الوزارة خلال الفترة الماضية، وأن مسألة الاستجابة لهذه الطلبات يحكمها العديد من المعايير أهمها، مدى توافر الطاقة الكهربائية رغم أن الوزارة حددت قدرتها في منح مثل هذه الاشتراكات بنحو 200 ميغا واط، وفق الطاقة المتاحة ضمن الظروف الحالية.

وبحسب ما نقلته صحف محلية في منتصف آب/أغسطس الفائت، فإن الغاية من هذه الاشتراكات، هو تأمين الطاقة الكهربائية اللازمة للمنشآت الصناعية، والحيوية، والحفاظ على خطوط الإنتاج، والعمل ورفع معدلات التصنيع، وتخفيف فاتورة المستوردات قدر المستطاع، والتحفيز على التصدير إضافة لخلق إيرادات جديدة لوزارة الكهرباء بما يسمح لها في الحفاظ على منظومة الكهرباء، وتنفيذ حالات التأهيل، والصيانة الضرورية والدورية.

وحول مبيع الكيلو واط للاشتراكات المعفاة من التقنين، بيّنت التقارير، أنها للأغراض الزراعية 200 ليرة للكيلو واط، وللأغراض الصناعية 450 ليرة، بينما يصل مبيع الكيلو لبعض الفعاليات السياحية لـ800 ليرة، وذلك على الرغم من أن نحو 85 بالمئة، من الاشتراكات على الشبكة، هم من المواطنين “للأغراض المنزلية”، وهو ما يعادل نحو 75 بالمئة، من الطاقة الكهربائية لإجمالي القطاعات معظمهم يحصلون على الكيلو واط، ضمن شريحة الاستهلاك 600 ميغا واط، بسعر ليرتين للكيلو الواحد.

ومن الجدير بالذكر، أن المدن السورية تعاني من زيادة كبيرة في ساعات التقنين تصل إلى 20 ساعة قطع، وذلك في الوقت الذي كانت فيه وزارة الكهرباء، قد أعلنت مطلع شباط/فبراير الماضي، رفع أسعار الكهرباء في سوريا، شاملة جميع فئات الاستهلاك، وذلك في موجة رفع أسعار كافة أسعار السلع والخدمات الأساسية في البلاد، على الرغم من أن الكهرباء تعتبر نادرة في معظم المناطق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.