يبدو أن توجيه رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، برفع تحصين المنطقة الخضراء وسط بغداد، لم يرق لحزب رئيس الحكومة الأسبق، نوري المالكي، ليهاجمه وينتقده ببيان حاد، فما هي القصة؟

اليوم الخميس، هاجم “ائتلاف دولة القانون”، بزعامة نوري المالكي، في بيان له، رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، بسبب توجيهه إلغاء الإجراءات الأمنية قرب المنطقة الخضراء.

بيان حزب المالكي، قال إن قرار الكاظمي لم يسفر عنه القيام بإجراءات بديلة، واضحة ناجعة، وكان من الممكن تصحيح الإجراء إداريا عملا بالمصلحة العامة على أقل تقدير.

وأردف البيان، أن توجيه رئيس الحكومة “أمر مريب نضع إزاءه علامات استفهام كبيرة و كثيرة، خصوصا في ظل تعرض المنطقة الخضراء في وقت قريب إلى هجوم وانتهاكات مسلحة، أُزهقت فيها الأرواح وخربت الممتلكات الخاصة والعامة”.

تحميل الكاظمي المسؤولية

البيان أضاف، “نحن في مظنة حراكات شعبية قادمة، وفي مثل هذه المظاهر الشعبية المنظورة، يجب ضبط إيقاعها وحمايتها من الاختراق حفاظا على الشعب من متظاهرين وقوات أمنية وممتلكات خاصة وعامة ومقرات الدولة بالخصوص، كونها تمثل رمز العملية الديمقراطية”.

وختم بيان حزب المالكي بالقول: “نطلب تفسيرا واضحا لهذا الإجراء يوضع بين يدي نوّاب الشعب والشعب العراقي، كما ونحمل رئيس الوزراء الحالي المسؤولية الكاملة إزاء أي عمل تخريبي تجاه مؤسسات الدولة، التي تمثل رمز سيادة الدولة وهيبتها”.

يأتي هذا البيان الحاد، بعد توجيه الكاظمي، أول أمس الثلاثاء، بإزالة بوابة حديدية تم نصبها في منتصف جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء، والذي يربطها بساحة التحرير، قائلا إنه لم يوجه بنصب البوابة.

ليلة البارحة، أزيلت البوابة الحديدية من الجسر، غير أن مصادر “الحل نت” الخاصة، أكدت أن التحصين الأمني يجري على قدم وساق لمداخل المنطقة الخضراء من جهاتها الأربعة، رغم رفع البوابة من الجسر الجمهوري، من قبل قوات مسلحة تابعة إلى “الإطار التنسيقي”، وحمايات قيادات “الإطار” التي تقطن بالخضراء، وأبرزها المالكي.

وفق تقرير أعدّه “الحل نت”، فإن الإجراءات التحصينية للمنطقة الخضراء، تتعلق بمستقبل العملية السياسية، والصراع الدائر بين “الإطار التنسيقي” و’التيار الصدري”، خصوصا مع نية الأول المضي بعقد جلسات البرلمان وتشكيل حكومة جديدة.

سبب التحصينات

التقرير بيّن، أن تلك التحصينات هي لكبح جماح الحشود التي قد تدخل الخضراء لمنع تشكيل الحكومة وعقد جلسات البرلمان، وهي حشود صدرية بالأساس، ومعها أخرى تشرينية.

بحسب المعلومات المتداولة التي اطلع عليها “الحل نت”، هناك تحشيدات كبيرة من قبل جمهور “التيار الصدري”، ونشطاء “انتفاضة تشرين” التي خرجت في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، للخروج بـ “تشرين” ثانية، مطلع تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

وتتناقل قنوات “التيار الصدري” الإعلامية عبر “تليجرام”، تصريحات لقيادات في “التيار”، تؤكد أنها ان تسمح بتشكيل أي حكومة من قبل “الإطار التنسيقي”، وتتوعدها بالتصعيد في حال أصرت على تشكيل حكومة محاصصاتية.

تقرير “الحل نت”، أفاد بأن التحصينات الشديدة للمنطقة الخضراء، تأتي لمعرفة “الإطار”، بأن إجراءات الردع التقليدية عبر الهراوات والغاز المسيل للدموع، لن تكون كافية، خصوصا وأن التحركات الجماهيرية ستكون أضخم هذه المرة من تظاهرات “التيار” الأخيرة.

صدام مسلّح

في 30 تموز/ يوليو الماضي، اشتدّت الأزمة السياسية العراقية، إذ اقتحم جمهور “التيار الصدري”، المنطقة الخضراء حينها، وأقاموا اعتصاما مفتوحا من داخلها وأمام مبنى البرلمان العراقي، بعد 72 ساعة من الاقتحام الأول لهم للخضراء، الذي لم يتجاوز 5 ساعات قبل أن ينسحبوا بتوجيه من زعيم “التيار“، مقتدى الصدر وقتئذ.

وشهدت العاصمة العراقية بغداد، في 29 آب/ أغسطس الماضي، تصعيدا صدريا على إثر إعلان زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، اعتزاله الحياة السياسية نهائيا، من خلال اقتحام آنصاره لكل بقعة في المنطقة الخضراء، وأهمها القصر الجمهوري، قبل أن يتطور المشهد لصراع مسلح.

الميليشيات “الولائية” هاجمت أنصار الصدر لتفريقهم وإخراجهم من الخضراء، فتدخل فصيل “سرايا السلام” التابع للصدر للدفاع عن المتظاهرين الصدريين، واندلعت مواجهة مسلحة داخل الخضراء منذ ليل 29 آب/ أغسطس، وحتى ظهر 30 آب/ أغسطس، عندما دعا الصدر في مؤتمر صحفي، أتباعه للانسحاب وإنهاء اعتصاماتهم.

وسقط جراء العنف المسلح 37 قتيلا و700 جريح، وانتهت اعتصامات الحمهور الصدري بعد شهر من خروجها أمام البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة جديدة.

تأتي الأزمة السياسية العراقية، نتيجة لصراع سياسي دام لأكثر من 10 أشهر منذ انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة، وفوز الصدر فيها وخسارة “الإطار” الموالي لإيرلن، الذي وقف بوجه مشروع “التيار الصدري“، عندما سعى إلى تشكيل حكومة “أغلبية”.

بعد الانتخابات المبكرة، ذهب “التيار الصدري” بقيادة الصدر، إلى تشكيل تحالف ثلاثي مع الحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة” الجامع لأغلب القوى السنية، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن“.

فشل مشروع الأغلبية

“إنقاذ وطن”، أصر بـ 180 مقعدا نيابيا على الذهاب نحو تشكيل حكومة “أغلبية” تستثني مشاركة كل “الإطار التنسيقي” أو بعض أطرافه، في وقت استمر الآخير بالدعوة إلى حكومة “توافقية” يشترك فيها الجميع، وذلك ما لم يقتنع به الصدر، ولم ينجح في ذات الوقت بتمرير مشروعه.

الفشل في تمرير مشروع حكومة الأغلبية، جاء بسبب عدم تمكن التحالف الثلاثي من حشد النصب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 3 مناسبات، والذي تكمن أهمية انتخابه في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، ودونه لا يمكن المضي بحكومة جديدة.

سبب الفشل كان إلزام “المحكمة الاتحادية العليا” -التي لجأ إليها “الإطار” صاحب 83 مقعدا نيابيا بالتصدي لمشروع الأغلبية- البرلمان العراقي بعقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور ثلثي أعضاء المجلس، أي 220 نائبا من أصل 329، وفقا للدستور.

بعد ذلك، شهد العراق انسدادا سياسيا أضطر الصدر للانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته بالاستقالة من البرلمان في 12 حزيران/ يونيو الماضي، لتستبشر قوى “الإطار” بعدها بسهولة تشكيل الحكومة، وهذا ما لم يحدث إلى الآن.

ما منع “الإطار” من تشكيل الحكومة، توجيه الصدر لأنصاره بالنزول إلى الشارع، مجرد أن أعلن “الإطار” توصله إلى تفاهمات داخلية أفضت لترشيح السياسي محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة لتشكيلها وفق عملية التوافق والمحاصصة، وهو الأمر الذي رفض الصدر تكراره جملة وتفصيلا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة